الرأي

حوار تكسار الرّاس!

جمال لعلامي
  • 2354
  • 4

من عجائب الدنيا السبع، أن وزارة التربية والنقابات، لا تتفاوض ولا تتحاور ولا تتشاور ولا تتحارب ولا تصفي حساباتها ولا تكشف بعضها البعض، ولا تهين وتسيء لبعضها البعض، بمقرات مغلقة، سواء بمقرّ الوزارة أو حتى بمقرات هذه النقابات، حتى ينطبق عليها المثل القائل “ولا شاف ولا سمع”، لكن الطرفين يصرّان إلحاحا، وهم “المتعوّدة دايما” على حوار الطرشان والنسيان على بلاطوهات القنوات وصفحات الجرائد!

مثل هذه المشاهد المؤسفة، تؤكد أن الحلّ مازال غائبا، والأطراف المتنازعة على ما لا يهمّ التلاميذ طبعا، ولا المنظومة التربوية برمّتها، متمسّكة بخياراتها الانتحارية، وعقلية “فولتي وإلاّ.. في الكانون”، وقد بدأ هذا النهج والمنهج يضرب بأطنابه وسط الأسرة التربوية، وبدأت الأطراف المتورطة في التحارب بالمدارس وفي المدارس، تفقد السيطرة على الوضع، والدليل هو بداية خروج التلاميذ إلى الشارع احتجاجا على الإضراب وللمطالبة بالعتبة!

كان بالإمكان اختزال الوقت، وتقليص تكاليف الخسارة، وكان بوسع الوزارة والنقابات، لملمة الحكاية قبل أن تتحوّل إلى “فضيحة بجلاجل”، لكن إلى أن يثبت العكس، فإن المتخاصمين يتجهون نحو الهاوية، وهم كمن ينقر مكانه وسط الباخرة، وإذا طالبه الراكبون معه بالتوقف، لنجاته ونجاتهم جميعا، قال بتبجّح: وما لكم، مكاني وأفعل فيه ما أريد!

الوزارة تفعل ما تشاء، والنقابات تفعل هي الأخرى ما تشاء، و”المظلومة التغبوية” تدفع الثمن كالعادة، والتلاميذ يتحرّكون، والأولياء يصرخون، ومنظمة العمل الدولية تقرّر إرسال “لجنة تحقيق” إلى الجزائر للوقوف على إضرابات النقابات المستقلة، وبعدها يزعم المتعاركون أن “فولهم طيّاب” رغم أنهم “رهجو” به المستمعين وحتى الطرشى!

منطق “شدّ الموس من بطنه”، لا يمكنه أن يخدم أيّ طرف، وعلى “مفاوضي” وزارة التربية والنقابات المضربة أو التي ستضرب، أن توقف على التلاميذ أولياءهم “تصداع الرّاس”، لأن المتنازعين قالوا كثيرا ولم يفعلوا شيئا، سوى فرملة الدروس بالمدارس وضمانها بالمستودعات، ومواصلة خطة التنابز بالألقاب والشدّ والمدّ بلا نتيجة، وهذا وإن سيضرّ طرفي المعركة، فإن أوّل الضحايا والأضاحي هم المتمدرسون المساكين!

نعم، خيار التعفين والتصعيد واتهام الآخر، لن يُجدي نفعا، وستدفع الوزارة والنقابات الفاتورة غالية، إن هيّ تمسّكت بالهروب إلى الأمام، وأصرّت على غلق آذانها وعيونها، حتى لا تسمع العقلاء وصرخات المتضرّرين، ولا ترى أيضا المشهد على حقيقته، بلا “ماكياج”، فالموسم الدراسي يا جماعة الخير، قاب قوسين أو أدنى من دخوله مرحلة العدّ التنازلي، والمدرسة على أبواب العطلة الربيعية، أفلا تبصرون قبل سقوط الفأس على الرأس؟

مقالات ذات صلة