الرأي

خافوا ربـّي!

جمال لعلامي
  • 3162
  • 12

هل صدقت المقاربة التي تقول بأن وزيري التربية والصحة، قد “فشلا” في احتواء إضراب الأساتذة والأطباء، على التوالي؟.. وإلاّ، ماذا يعني دخول وزارة العمل على الخط، واستقبالها نقابة “الكناباست” في إطار الترغيب والترهيب بالقانون؟ وهل يُعقل أن يستمر الإضراب في المستشفيات أكثر من 3 أشهر، ونفس الشيء بالمدارس عبر عدد من الولايات؟

لقد نجحت بعض النقابات في خلخلة استقرار عدد من القطاعات الحيوية، وعلى رأسها الصحة والتربية، وبغضّ النظر عن شرعية ومشروعية مطالبها، وتسبّبا في إلحاق ضرر كبير بالعائلات، سواء في ما تعلق بالحق في العلاج، أو الحقّ في التعليم، فإن ما يحصل من “انفلات” وتنافر وتصفية حسابات وهروب إلى الأمام، من طرف الوزارتين المسؤولتين عن هذين “القنبلتين”، لا يُمكنه أن يكون هكذا عابرا بلا فاتورة أو خسائر !

نعم، لقد تحوّل المريض والتلميذ إلى “رهينة” تتقاذفها النقابات والوزارتين المعنية، فلا هما تفاهما على حدّ أدنى يُعيد الحركية الطبيعية للمستشفيات والمدارس، ولا هم سكتوا خيرا، ولا هم أقنعوا الرأي العام، بحقيقة ما يحدث، وإلى أين هم ذاهبون بعقلية “التغنانت” والتعنـّت وحوار الطرشان ومرض النسيان ونزاع الحيتان؟

هؤلاء وأولئك يتحمّلون مسؤولية التعفين والتصعيد، والآن من الضروري تدخل “طرف حكيم” يؤنـّب المتنازعين ويُنهي الخلاف، بما يُرضي كلّ الأطراف، أي ليس النقابات والوزارات المتهارشة فقط، ولكن من المفيد أيضا إرضاء “الضحايا”، وهم المرضى والتلاميذ؟.. بمعنى: كيف سيتم الآن التكفل بالعمليات الجراحية المستعجلة التي عطلها الإضراب، وبالمواعيد الطبية؟ وكيف يتم كذلك تعويض الدروس الضائعة وقد اقتربت عطلة الربيع؟

نتيجة “الهوشة” والمعركة “المرعوشة” والإجراءات “المفروشة”، كارثية للأسف، ولن يتحمّل فاتورتها المضربون وحدهم، سواء في التربية أو الصحة، وإنما سيدفع الثمن إن آجلا أم عاجلا، تلاميذ ومرضى، لا حيلة لهم، وتصوّروا عندما يحتجّ تلميذ أو مريض، لا ضدّ الوصاية ولا النقابة، وإنما بسبب معاناته وتخوّفه من مستقبل غامض ومقلق!

الأكيد، أن هناك محقّا ومخطئا، وربما أطراف الخصومة كلهم مخطئون أو محقون، وستنتهي “المعركة” برابح ورابح، في الوزارات والنقابات، وهذا ما تؤكده التجارب السابقة، لكن الخاسر في البداية والنهاية “دروع بشرية”، لم يُطلب رأيها في إطلاق الإضراب ولا في توقيفه، ولم تـُستشر حول التداعيات المحتملة، وإنما كان الأبرياء على الرّف ينتظرون ما ستفرزه “مفاوضات” هم في الأصل ليسوا طرفا فيها، ولن يجن منها لا ناقة ولا جمل!

هكذا هي القاعدة الأبدية: لكل حرب ضحاياها، وطبعا المستفيدين منها، لكن ألا “تخافوا ربّي” في المأساة وحالة الفزع التي يحياها المرضى والتلاميذ؟

مقالات ذات صلة