خانني.. فخنته!
أنا سيدة متزوجة منذ أربعة أعوام، ولم أرزق بالذرية، وقد قمت بعمل كل الفحوصات اللازمة منذ عام، وقالت الطبيبة إنني سليمة، وبعد فترة قام زوجي بإجراء التحاليل بعد رفض شديد، وتبين أن السبب منه، وكلت أمري لله تعالى، وهذا قضاء الله وحكمه، ولم أفكر يوما بالطلاق منه لهذا السبب، ولكن الأعظم من ذلك إنني وقفت معه ولم أخذله.
بعد فترة أصبحت أشك في تحركاته، بل كل يوم أرى حلماً يؤكد لي شكوكي، فهو شارد، يستقبل رسائل ويحذفها، واتصالات غريبة ويقول لي صديق مزعج، وفي يوم جاء اتصال ووجدته يرد قائلاً: ” نتقابل عند موقف الحافلات” ، فأخذت الرقم واتصلت عليه ووجدتها فتاة، واجهته بالأمر فأنكر، فالتزمت بالهدوء وطلبت أن يغير رقمه فرفض وهنا بدأت المشكلة، فما زال يتواصل معها.
اتصلت على الرقم وهددتها وكانت تحول الرقم لآخرين رجال، وبعد تضييق عليها اعتذرت وأخبرتني إنها لم تكن تدري أنه متزوج، والمصيبة أنني واجهته بالأمر فرد علي بالاعتراف وقال لي: ” هي كريمة لو أطلبها في أي شيء تعطيني”!
قال هي أفضل منك: ” أنت في البيت مثل الجماد مثل السرير لا تتدخلي في شؤوني”. أردت أن أرد له الصاع صاعين، فأخذت رقم واحد من أصدقائه، وأرسلت له رسالة، فاتصل واتصل ورأى زوجي الرقم، وفعل مشكلة كبيرة، وقلت له إذا أنت تتواصل مع نساء أنا أيضاً لن يكون عندي وازع وسأتواصل مع أصدقائك، انفعل وكسر الشريحة وأخذ مني الجوال، وتوقعت أنه أنهى العلاقة بهذه الفتاة، لكنه تبدل علي، أًصبح يضربني، وزاد في الضرب لدرجة سحبي على الأرض وإصابتي بجروح، بكيت إلى أن فاض بي الكيل، ولم يسمعني سوى رب العباد، زوجي ظل على علاقته بها، وكان يوصلها إلى البيت، ويذهب بها إلى السوق، ويصرف من مكافئتي عليها، كان يتواعد معها في المكان الذي سنتواجد به أنا وهو حتى لا تغيب عن عينه، وعندما طلبت الطلاق، صار يبكى وقال أنه سيقطع علاقته بها لكنه لم يفعل، وذهبت لأهلي دون أن أخبرهم سبب المشكلة، وعاد واعتذر وعدت لبيتي لكنه عاود التواصل معها من جديد، لم أعد أثق به، كرهت حياتي معه، لم يسعدني، تمنيت بعدما علم أنه سبب عدم الإنجاب أن يعوضني بالحب والحنان، لكنه عوضني بالخيانة!
حزن الليل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرد:
أهلاً وسهلاً بكِ أختي على صفحات موقعنا المتميز جواهر الشروق، والله أسأل أن ييسر لكِ الخير أينما كان وأن يلهمكِ سبل التواصل الفعال مع زوجكِ لإنقاذه وإنقاذ بيتكما من الضياع والانهيار.
آلمتني رسالتك جداً، فالخيانة آفة اجتماعية خطيرة وتعتبر من أكثر فيروسات الحياة الزوجية تدميراً، فإن لم تقتل، تترك آثاراً أليمة، وللأسف الكثير من الرجال يعانون قلة الوازع الديني حيث يعتقدون أن الخيانة مجرد تسلية ينسى بها مشاكله وهمومه، ولا يحاسب عليها يوم القيامة.
وتؤكد الدراسات الاجتماعية أن الزوج يلجأ إلى الخيانة في حال الفشل في تحقيق تواصل جيد مع زوجته أو لمجرد الهروب من مشكلة، أو واقع أليم، وقد تكون أحيانا لمجرد المتعة والرغبة في التجربة والتنوع أو حتى تقليد الآخرين، أو قد تكون هذه الخيانة بسبب خلل نفسي ما في شخصية الزوج.
وعند النظر في مشكلتكم فقد نجد – وفقاً لما فهمت منكِ – أن زوجكِ لم يخونكِ إلا بعد اكتشاف أن مشكلة الإنجاب من عنده، وهذه أزمة كبيرة يمر بها الرجال، وإن لم تستطيع الزوجة احتوائها بشكل جيد، فقد تتدهور نفسية زوجها، وتترجم هذه النفسية – المحبطة والمكتئبة والتي فقدت الثقة في نفسها – إلى ردود أفعال كثيرة.
وعدم قدرة الزوجة على احتواء زوجها في هذه الفترة لا تعني تقصيرها معه من النواحي الشرعية وواجباتها الزوجية، إنما هي الاحتواء بالحب والرعاية والاهتمام، بلا تفريط تعطي انطباع مشاعر الشفقة بلا حب، أي الإغداق عليه بمشاعر الحب التي تشعر الزوج بحب زوجته له رغم ما تفتقده من مشاعر الأمومة، مشاعر الحب التي تشعره أنها متمسكة به رغم أي شيء، مشاعر الحب التي تدعم ثقته في نفسه وفيها وفي كل شيء في حياته، فالرجل في هذه الفترة يشعر أنه يفتقد لأساسيات الرجولة وهي أن يكون أباً وأن يأخذ بيد زوجته إلى عالم الأمومة، وهذا يدمر ثقته في نفسه للأسف فيتجه إلى إثبات أنه مرغوب فيه، فترجمت هذه المشاعر السلبية بفقدان الثقة ومحاولة إثبات ذاته عبر علاقات غير شرعية لا أعتقد أنه راضٍ عنها بأي حال من الأحوال، بل وقد تكوني أنت السبب في ذلك، بأن وصله شعور منكِ بالضجر والكراهية وهذا جرحه كثيراً، فأراد الانتقام ورد الجرح.
لذلك أعتقد أنكِ لم تحسني – دون قصد منكِ – احتواء زوجكِ في ظل هذه الأزمة، وتمكنت منه المشاعر السلبية التي وضحتها لكِ، فأراد أن يثبت لنفسه ولكِ أنه ما زال رجلاً مرغوب فيه من النساء – رغم عدم مقدرته على الإنجاب – عبر الخيانة. وللأسف لم تحسني التصرف للمرة الثانية في ردة فعلكِ من خلال تواصلكِ مع هذه الفتاة الطائشة وسبكِ لها، ومطالبة زوجكِ بسبها، ومعرفتكِ بأنها تحول الاتصالات على رجال، ورغم ذلك تواصلت معها أكثر من مرة.
ورغم فداحة جحم المصيبة التي وقع فيها زوجكِ بخيانته لكِ، أو المعصية التي ارتكبها بإقامة علاقة مع امرأة خارج إطار الزواج، إلا إنني صدمت من ردة فعلكِ بالانتقام أو – رد الصاع – كما ذكرت وتواصلكِ مع رجل؟؟ هل أصابك الجنون؟؟ بالله عليكِ كيف تفعلين ذلك؟؟ هل معصيتكِ لله تعالى قد تكون حلاً لمشكلتكِ؟؟ هل تلويث طهارتكِ ستكون حلاً لمشكلتكِ؟؟ هل الانتقام من نفسكِ هو الحل؟؟ كيف لإنسانة متدينة متعلمة مثقفة تفعل ذلك؟؟
فالزوجة المسلمة أعظم وأكبر من التفكير في الانتقام، فقد يزين لها الشيطان رد الخيانة بخيانة، وهذا لن يضر إلا الزوجة فقد تصاب في عفافها وطهارتها ونقائها، وقد يصاب قلبها الأبيض، وما كنت لألومكِ إن اجتهدت في عقاب زوجكِ وردعه بأي طريقة – حتى لو كانت خطأ كمقاطعته مثلاً أو هجران بيت الزوجية – لكن إلا رد الخيانة بالخيانة. توبي إلى الله عز وجل وتقربي منه جل وعلا، وحافظي على قيام الليل، وأدعيه أن يزيل عنكم البلاء الذي حل، واستغفري كثيراً عن ذنبكِ وذنب زوجكِ، واعلمي بل وتيقني أنه لا حل في معصية الخالق أبداً.
أعرف حجم الألم الذي حل بقلبكِ وقتما اكتشفت علاقة زوجكِ بهذه الفتاة، وأعرف كم الحزن الذي أصابكِ، لكن اعذريني فهذا ليس مبرر لفعلتكِ، فغيرة المرأة على زوجها، وجرح كرامتها بإقامته علاقة مع أخرى، يجب أن تقودها لتقوية صلتها بالله، وأن تتضرع له بالدعاء أن يحفظ لها زوجها وبيتها، لا أن تقودها لبلاء أشد ولمعصية مماثلة.
وعليكِ أن تعاودي التفكير لإيجاد حلاً عملياً لاستعادة زوجكِ، يجب أن توفري له كل مشاعر الحب والرعاية والثقة، حدثيه بمنطق اللاشك فيه وفي رجولته وفي حبه لكِ، وفكري ملياً في الأسباب والدوافع التي قادته لمثل هذه التصرفات وحاولي معالجتها معه.. وأنصحك بعدة أشياء
–لا تجعلي لنفسكِ ولزوجكِ أوقات فراغ طويلة، وحاولي أن تشغلي زوجكِ بالهوايات التي يحبها، كالانضمام لفريق رياضي في أحد النوادي المتخصصة، أو القراءة المستمرة، وحاولي أن تحثيه دائماً على المواظبة على الصلوات الخمس في المسجد وبل في الصف الأول، وشجعيه على ذلك بل وتنافسا على الطاعة، وقومي بتجهيز ورد للمحاسبة يكون أنيقاً – وسهل التنفيذ- وعلقيه على الحائط في مكان لا يراه الزوار – في غرفة نومكما مثلاً – وحاولي أن تحافظي معه على صلاة القيام فإن لها أثراً فعال في القلوب.
ـ ابحثي في نفسكِ عما يفتقده زوجكِ، واسأليه عن السبب الذي يشعره بأنكِ جماد في البيت، اسأليه عما يفتقده في علاقتكما الزوجية الحميمة، فلعل بها ما ينفره منكِ، وحافظي على أناقتكِ وجمالكِ داخل البيت دائماً، ولا تتعللي بالدراسة.
ـ افصلي ذمتكِ المالية عن ذمة زوجكِ المالية، وادخري الفائض عن حاجتكِ من المال فلا تدري ماذا تخبيء لكِ الأيام، فإن لا قدر الله لم ينصلح حال زوجكِ وكان الطلاق سبيلكِ الوحيد، فيكون معكِ مبلغ من المال تقضين به حوائجكِ.
ـ وضحي لزوجكِ – في جلسة هدوء وحب – أنكِ لن تسكتي له مجدداً إن ضربكِ، ووضحي له – بدبلوماسية وحب – أن هذه الفعلة ليست من شيم الرجال، واعترفي له بخطئك الذي دفعه لذلك واعتذري له.
ـ ضيفي على البيت جواً من المرح والسعادة، وتخلصي من الروتينية في حياتكما الزوجية، اخرجي مع زوجكِ للتنزه كلما سنحت الفرصة، وكوني شبكة من العلاقات الاجتماعية بالأسر والأصدقاء اللذين تتوسمين فيهم الصحبة الصالحة لزوجكِ.
ـ اعلمي جيداً أن معظم الرجال لا يستجيبون لمطالب المرأة من خلال تعاملها العنيف، أو من خلال إجبار الزوج على الانصياع للأوامر بكسر رجولته، فكوني دائماً أنثى حنونة تحب زوجها وتخاف عليه بالرقة واللطف، لا باقتباس صفات الرجال من العنف والندية.
ـ إياكِ أن تعايري زوجكِ – حتى ولو بالتلميح – عند أي خلاف بينكما بأنه سبب فقدانكِ لقب الأمومة وأنه يجب أن يتفهم أنكِ تتحملينه، فهذا بشأنه أن يدمر كل ما نريد إصلاحه، وإياكِ أن يستشعر هذا من خلال كلماتكِ أو نظراتكِ.
ـ اتركي لزوجكِ فرصة لإصلاح حاله بشرط أن تطبقي كل ما طلبته منكِ، وإن لم يجدي ذلك نفعاً، اطلبي أحداً من أهلكِ – تتوسمين فيه الحكمة والأمانة وكتمان السر – واجعليه يطلب حكماً من أهله أيضاً، لبحث المشكلة، ولا مانع من عقاب زوجكِ بهجرانه والذهاب إلى بيت أهلكِ – دون أن يعلموا بالأمر حتى لا تزداد المشكلة – ووقتها قد يشعر بفقدان أعز ما يملك وهو أنتي فيعود لكِ نادماً على فعلته ويسعى لإرضائكِ بعد أن يراجع نفسه.
ـ كوني قوية الإيمان راضية بقضاء الله وقدره، فله حكمة من تأخير الإنجاب أو من كون زوجكِ عقيماً.
ـ وأخيراً أخيتي – والله أسأل ألا تصل أموركِ هذه المرحلة – إن لم تجدي نفعاً كل الوسائل السابقة، فاستخيري واستشيري ، وخذي قرار الطلاق ولا تترددي، فعسى الله يريد لكِ الخير وقتها، فمطلقة بلا أبناء فرص زواجها مجدداً أكثر من مطلقة بأبناء، تتدهور نفسيهم عند طلاق والديهم، بل ووقتها قد ترغمين على تحمل زوجكِ لأجلهم.
استعيني بالله أخيتي الكريمة وفوضي أمركِ إلى الله وتضرعي إليه، عساه يفرج همكِ بركعة في جوف الليل، والله أسأل أن يرزقكِ راحة البال والسعادة في الدنيا والآخرة، وتابعينا بأخباركِ.
للتواصل معنا:
fadhfadhajawahir@gmail.com