-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مشاهد جديدة للأزمة الاقتصادية العالمية

خسائر تتفاقم والتمويل الإسلامي أكبر الرابحين

بشير مصيطفى
  • 6885
  • 0
خسائر تتفاقم والتمويل الإسلامي أكبر الرابحين

رفض الفريق الاقتصادي للرئيس الأمريكي أوباما ـ أخيرا ـ طلبا تقدمت به الشركة المعروفة في صناعة السيارات “جنرال موتورز” لإنقاذها من الديون المتعثرة عليها مما قد يدفع بها الى شبح الإفلاس، ونفس المصير قد تلقاه الشركة الأخرى “كرايسلر” التي ماتزال تحاول الإندماج مع شركات أوربية دون جدوى.

  • وكانت الأولى قد تلقت دعما من الإدارة الأمريكية السابقة قدره 43 مليار دولار دون أن تتمكن من تحسين وضعيتها الشائكة. وضعية الإنسداد في إنعاش شركة عملاقة بحجم »جنرال موتورز« يمهد لانسداد آخر سيطال شركات كبرى في العالم لم تكشف بعد عن طلباتها للحكومات من أجل إنقاذها وهي الطلبات التي يفترض أن ترفق بخطط مقنعة للنجاعة. فكيف يكون رد فعل مجالس إدارة هذا النوع من الشركات تجاه قرارات الحكومات إن هي رفضت تلك الخطط؟ وماذا بين يدي قطاع الصناعة من حلول لتجاوز أزمة السيولة؟ 
  •  
  •  شبح الإفلاس يتمدد في قطاع الصناعة
  • طالت الاستقالات عددا كبيرا من مديري البنوك في العالم على وقع فضائح إدارة القروض، واتفقت مجالس الإدارة في مصارف أخرى على تقليص مبالغ المكافآت التي عادة ما يستفيد منها المسؤولون الكبار في تلك المؤسسات، وتدخلت الحكومات في عدد من الدول أهمها على الإطلاق أمريكا لشراء جزء من أصول البنوك المتعثرة وإعدام ما يعرف بالديون المسمومة، وفي أسوإ الحالات فصل القضاء في إعلان إفلاس مؤسسات مالية كانت إلى وقت قريب مؤسسات عملاقة في مجال منح القروض.
  • ومع رفض الحكومة الأمريكية إنقاذ »جنرال موتورز« يبدأ زمن إفلاس القطاع الصناعي وربما يكون مصيره نفس مصير قطاع البنوك إذا لم يصل إلى نتيجة إيجابية في رحلة البحث عن التمويل اللازم  لاستمرار نشاطه. يأتي هذا عقب موجة من الإعلانات قادتها شركات كبرى بوزن »سيتي غروب« و»أوبل« للتخلي عن التوظيف الجديد بل لتسريح آلاف العمال.
  • رحلة البحث عن منافذ جديدة للتمويل بدأت فعلا على أصعدة كثيرة، ويوصف التمويل الإسلامي ـ حاليا ـ بالفرصة الذهبية أمام الباحثين عن الفرص من المغامرين في قطاع المال والصناعة بسبب مزاياه في محدودية المخاطر وقدرته على ضمان الأصول التي يستثمر فيها. وتعدت رحلة البحث هذه مجال العمليات إلى التنظير الأكاديمي والتكوين العالي والتدريب وهي مرحلة أولى تسبق العمل الواسع بأدوات التمويل الإسلامي.
  •  
  • نمو متواصل
  • ومع تزايد المخاوف بشأن نتائج الأزمة الاقتصادية الذي تجتاح العالم في الوقت الراهن والتي قد تستمر 15 سنة أخرى حسب التوقعات، مازالت الثقة في نجاعة الأدوات التقليدية في مجال السياسات الاقتصادية والنقدية تتضاءل. فالنظرية النقدوية التي تقوم على حفز النشاط الاقتصادي وتحقيق نمو إيجابي غرقت في مفارقة المعنى الاقتصادي للنقود واستسلمت للتوسع النقدي عالي المخاطر على حساب الاقتصاد الحقيقي، الأمر الذي جعل منها نظرية مستهلكة. وفي نفس الاتجاه برزت عقود التمويل الإسلامي على ساحة الأداء الجيد لرأس المال بسبب طبيعة الفقه الإسلامي الذي يحد من المخاطر، يحارب الغرر والتدليس، يكرس الشفافية ويحرم الربا. والحديث عن تحريم الربا حديث عن محدودية السياسات النقدية القائمة على سعر الفائدة في ضبط الأسواق وتحقيق التوازن، الأمر الذي أكدته اتجاهات الأزمة الاقتصادية العالمية اليوم.
  • وتتميز الصيرفة الإسلامية بمنتجات منخفضة المخاطر وبعامل الضمان الناتج عن الأصول الحقيقية وبعدم التعامل بالمكشوف وبيع الديون ولا تخاطر المصارف الإسلامية في الأوراق المالية المعرضة للمضاربة ولا في السندات الحكومية القائمة على العائد المضمون الثابت، وبدل ذلك تراهن على المشروع وتقييم المخاطر وتعمل بمبدإ المشاركة في الأرباح والخسائر على النحو الذي يضمن توزيعات متوازنة للإيرادات. ويعمل البنك الإسلامي كمستثمر في العملية الاقتصادية وليس كتاجر في القروض.
  • وكنتيجة لهذا الأداء المتميز، حققت المصارف الإسلامية في الأعوام الأخيرة نتائج لافتة للنظر فاقت نظيرتها التجارية بأشواط. وقفز حجم الصكوك الإسلامية الصادرة من 62 مليار دولار العام 2007 إلى 73 مليار دولار في 2008 أي بزيادة قاربت 18 بالمائة وهو رقم لم يصل إليه أي منتوج بنكي آخر على الإطلاق. وتبلغ أصول المصارف الإسلامية حاليا قرابة 800 مليار دولار كلها أموال حقيقية مضمونة بأصول وتوزع أرباحا سنوية إيجابية ولم تؤثر فيها الأزمة الإقتصادية العالمية.
  •  
  •  خطوة أولى على الطريق الصحيح
  • وعلى الرغم من بقاء الصيرفة الإسلامية بمنأى عن العاصفة التي تجتاح الاقتصاديات الرأسمالية الآن، إلا أن الدول الإسلامية التي سمحت قوانينها وتشريعاتها للبنوك الإسلامية بالعمل في وقت مبكر لاتزال تحصي خسائرها على صعيد الاقتصاد بسبب هشاشة بنائها الإنتاجي واعتمادها على الاستيراد، خاصة في ظل التبادل التجاري العالمي غير المتكافئ. وهي مفارقة تضع الصيرفة الإسلامية في قفص الاتهام وأنها تجسد النموذج التجاري الخالي من الربا أي أنها صيرفة لا ربوية وبالتالي تجنبت فخ القروض الرديئة والخسائر الناجمة على عجز المدينين عن السداد مثلما وقع في أمريكا في مجال القروض العقارية.
  • وعندما تتوجه دول مثل فرنسا وبريطانيا صوب الصيرفة الإسلامية، فإنها بذلك تحتمي من الخسائر المذكورة تحت مظلة الفقه الإسلامي، بغض النظر عن الجانب المذهبي الذي يؤسس لنظرية اقتصادية جديدة أو يعدل في أساسيات النظرية القائمة على المدرسة التقليدية. وبناءً عليه، تستفيد الاقتصاديات الرأسمالية من أدوات التمويل الإسلامي في تطوير أداء بنوكها من باب تبادل التجارب والتطبيقات المختلفة، ولا شك أنها ستجني من ذلك الكثير من النتائج الإيجابية.
  •  وحتى يستفيد العالم من الثمار الحقيقية للفقه الإسلامي في مجال المال والأعمال والاقتصاد، عليه أن ينظر الى التطبيقات المصرفية الإسلامية على أنها خطوة أولى على الطريق الصحيح وأن خطوات أخرى لم تتمكن الدول الإسلامية الحاضنة للبنوك الإسلامية نفسها من تخطيها تتعلق بأساسيات النظام الاقتصادي الإسلامي، والتحول إلى إنتاج الثروة الحلال وتأمين العمل لكل قادر عليه وضمان الحد الأدنى من العيش الكريم والتحكم في رقعة الفقر. الفكرة تعني الرفاهية الاقتصادية التي تعم الجميع بما في ذلك الدول على سلم الحلال الطيب أي على هدي الإسلام. هدف اقتصادي واجتماعي يتجاوز أداء المصارف إلى أداء الاقتصاد برمته ربما تحقق يوما ما.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!