-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خسِر البيعُ يا “أمير المؤمنين”!

حسين لقرع
  • 3137
  • 0
خسِر البيعُ يا “أمير المؤمنين”!

فور توقيع المخزن “اتفاق إبراهام” مع الاحتلال في أواخر سنة 2020، أكّدنا في هذه الزاوية أنّ رهان المغرب على تغريدة رئيسٍ أمريكيٍّ خسِر الانتخابات ويستعدُّ لمغادرة البيت الأبيض، لكسب قضية الصحراء الغربية، هو رهانٌ خاسرٌ، لأن الرئيس الجديد جو بايدن ليس ملزَما بهذه التغريدة، وحتى إذا افترضنا أنّه أقرّها، فإنّ ذلك لا يكفي لتكسب المغرب القضية، لأنها مُدرَجة في الأمم المتحدة في خانة تصفية الاستعمار، وحلُّها أمميٌّ وليس بيد أمريكا وحدها.

اليوم، يستفيق المغربُ من هول الصدمة، وهو يتابع تقرير وزارة الخارجية الأمريكية الأخير الخاص بحقوق الإنسان سنة 2022، الذي وصف جبهة البوليزاريو بـأنها “حركة تحرير” وليست “منظمة إرهابية” كما كان يأمل “أميرُ المؤمنين”، وفي هذا تراجعٌ واضح عن تغريدة ترامب وتبنّ للموقف الأممي من القضية، يضاف إلى خطوات أمريكية سابقة في هذا السياق ومنها رفض فتح قنصليةٍ في مدينة العيون أو الداخلة المحتلّتين، وتجنّب توسيع المشاركة في مناورات “الأسد الإفريقي” إلى الأراضي الصحراوية المحتلة والاكتفاء بالأراضي المغربية… ما دفع مسؤولا رفيعا وهو محمد صالح التامك، المندوب العامّ لإدارة السجون بالمغرب، إلى التعبير عن شعوره البالغ بخيبة الأمل من “تراجع الولايات المتحدة بشكل غامض عن موقفها”.

ويعبّر أحد الكتّاب المغاربة عن هول الصدمة باعتبار أنّ المخزن كان يراهن على التطبيع مع الاحتلال لحسم قضية الصحراء الغربية لصالحه، وقد أوهم شعبه، من خلال الضخّ الإعلامي المتواصل، بأنه كسب الولايات المتحدة إلى جانبه، وأنها ستقوم، بدعم من اللوبي اليهودي المغربي، بالرمي بثقلها لعزل البوليزاريو دوليًّا، عبر الضغط على كافة الدول التي اعترفت بها لسحب اعترافاتها، فضلا عن طردها من الاتحاد الإفريقي، وتصنيفها حركة إرهابية، ومحاصرتها، ومنعها من الحصول على أيّ دعم دولي مهما كان نوعُه، ما يؤدي إلى انحسار البوليزاريو وموتها في آخر المطاف ومن ثمّـة إنهاء مشكل الصحراء لصالح المغرب، لكنّ الأحداث أثبتت أنّ الولايات المتحدة ليست منشغلة بحسم هذا الملف لصالح المخزن، قبل أن تعترف بأن البوليزاريو حركة تحرير، والنتيجة يلخّصها الكاتبُ بالقول: “بيضُنا الذي وضعناه كلّه في السلة الأمريكية انكسر أمامنا”!

قبل سنتين، قلنا إن المغرب قد خسر الكثير ببيع القضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى المبارك عبر مقايضتها بالصحراء الغربية؛ ففلسطين قضيّة مقدّسة ينبغي أن لا تُباع بأيّ مكاسب سياسية أو اقتصادية مهما عظُمت، لكنّ اليوم يتبيّن أنّ “رئيس لجنة القدس” قد خان القضيّة مجّانا، وانبطح للاحتلال بلا مقابل، فخسر ودَّ الفلسطينيين والعرب والمسلمين وكذا أحرار العالم الرافضين لفاشية الاحتلال وعنصريته وجرائمه، بل خسر حتى ودَّ شعبِه الذي لا يزال يخرج في مظاهرات احتجاجية مندِّدة بـ”صهْـيَنة المملكة”، كما قطع شعرة معاوية مع الجزائر بتحالفه العسكري والأمني مع الاحتلال.

في الأسبوع الماضي قلنا إنّ الأردن طبّعت مع الاحتلال في 1994، وانخرطت في مشروع “السلام” الوهمي، وعقدت قمة خماسية بالعقبة في 26 فبراير الماضي عنوانها التآمر على المقاومة بجنين ونابلس لتصفيتها، واعتقدت أنّ ذلك كلّه سيحميها من أطماع الاحتلال، لكنّ الخبر اليقين جاء من وزير المالية الصهيوني سموتريتيش الذي رسم خريطة لـ”إسرائيل الكبرى” تضمّ الأراضي الأردنية إلى جانب فلسطين، فحدثت خيبة أمل مريرة في المملكة الهاشمية من هذا “الغدر” الصهيوني، واليوم يسود شعورٌ عامّ في مملكة “أمير المؤمنين” بأنّها قد طبّعت مجّانًا، وأنّ الولايات المتحدة جرّتها إلى مستنقع الخيانة والعمالة ثم أدارت لها ظهرها، وهنا نسأل المنبطحين العرب والمسلمين مجدَّدا: هل من متّعظ؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!