خطأ نصر الله !
أخفق النظام السوري بقيادة بشار الأسد في العثور على نخبة موالية تدافع عنه، وتبيّض جرائمه، عبر الفضائيات، فبات هنالك اسمان أو ثلاثة لا أكثر، تتنازع عليهم فضائيات الجزيرة والعربية و”البي بي سي” من أجل الحصول على وجهة نظر تؤيد الخطوات السورية الرامية للإصلاح المزعوم.
-
والمثير للانتباه، أن جميع النخب التي كانت تُؤجر ألسنتها للدفاع عن الأسد وحزب البعث اختفت من البرامج التلفزيونية، بل تكاد تتلاشى عن المشهد تماما، بشكل يوحي بتكرار ما حدث للنظامين المصري والتونسي البائدين، حيث ظلّ زين العابدين بن علي حتى الساعات الأخيرة محميا بإعلاميي ومثقفي البلاط الذين لم يدّخروا جهدا في الحديث عن محاسن الجنرال، ومشاركة زوجته في تجميل السلطة، ومحاربة الإسلاميين، وأيضا نصرة النظام البوليسي للمرأة، بمنعه الحجاب، وفتحه الباب للسياحة الجنسية، لكن ذلك كلّه لم يشفع لبن علي البقاء لحظة واحدة عقب صدور حكم الشعب، بسبب غياب الحرية مقابل تزايد الفساد.
-
أمّا في مصر، فقد واصل رؤساء تحرير الصحف القومية التابعة للنظام، ومعهم عرّابو سيناريو التوريث حتى الدقائق الأخيرة من سقوط النظام، وهم يرددون أن الثورة ستقلب الأوضاع في المنطقة، وتهدد أمن إسرائيل، وتفتح الباب للمقاومة الفلسطينية، وتزعزع مصالح أمريكا، لكن جميع تلك التهديدات، لم تصمد لحظة واحدة أمام غياب العدالة ثلاثين عاما !
-
في سوريا، خرج أحد أقارب الأسد، ليقول محذّرا أن سقوط النظام يعني تهديدا مباشرا لإسرائيل، قبل أن يتبرأ الأسد من تصريحات قريبه، المتناقضة تماما مع تصريحات الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، حين يقول هذا الأخير،، إن إسرائيل وأمريكا، أكبر المستفيدين من سقوط النظام في سوريا.
-
ما كان على حسن نصر الله أن يتورط في الدفاع عن حليفه، بعدما تحول هذا الأخير من طرف مُناصر للمقاومة إلى مجرم يقتل شعبه الأعزل، وما كان على حزب الله، أن يحصر نشاطه، ويربط استمرار مقاومته، برأس النظام البعثي في دمشق، طالما أن جميع المؤشرات كانت تؤكد أن الأسد زائل في يوم من الأيام، بسبب انقراض الإيديولوجية البعثية التي تحكم البلاد بصورة شمولية منذ أربعين عاما.
-
صحيح أن حسن نصر الله أقام شبكة علاقات قوية مع سوريا وإيران، لتقوية شوكة المقاومة، سواء عن طريق دعم الموقف السياسي للحزب، أو حماية قياداته، أو حتى تمرير الأسلحة، لكننا نعتقد أن زعيم حزب الله، ليس بذلك الغباء الذي يرهن خلاله مصير مقاومة نجحت في إذلال العدو الصهيوني، بنظام عاث فسادا في الأرض، واستسهل قتل شعبه ومحاصرته بالدبابات في الوقت الذي لم نشاهد فيه أي أثر لأفراد الجيش المغوار في منطقة الجولان المحاصرة أو حين كانت إسرائيل تدك غزة دكّا وتتحرش بسكان المناطق المحتلة.
-
أمريكا والغرب لم يكونا لينفعا الأسد لو أنه اختارهما حليفا إستراتيجيا في سنوات سابقة، ذلك أن مبارك مثلا، كان الأجدر بتلك الحماية نظير ما قدمه من خدمات جليلة لإسرائيل وأمريكا في المنطقة، في الوقت ذاته، لا يجب أن تتحول مساعدة الأسد للمقاومة، أو تحالفه معها في وقت ما، إلى غطاء للسكوت عن أخطائه، خصوصا بعدما ارتفع منسوب تلك الأخطاء ليصل إلى مستوى الجريمة وممارسة القتل مع سبق الإصرار والترصد.