الرأي

درس “قلة العقل”

عمار يزلي
  • 2702
  • 3

نحن غير السياسيين المتابعين عن بعد للمشهد السياسي واللاعبين فيه من سياسيين ورجال أعمال، و”عمايل النساء” ومنظمات مهنية بلا مهن، وتنظيمات غير منظمة، تعمل مع أو ضد النظام، لا نرى غير الجزء الظاهر من جليد الثلج (الذي هزم السفينة التي لا تغرق!). لهذا، لا بد أن نشفق على من يمسكون بزمام الأمور أحيانا! نشفق منهم وعليهم لعبء المسؤولية في الدنيا، وفي الآخرة أكثر! كما أنه علينا جميعا أن نتقي الله في أنفسنا وفي المساكين ممن يحكموننا قهرا أو قصرا أو تنازلا أو عطفا أو ظلما وعدوانا.

نمت وأنا أفكر في حال هؤلاء المساكين. مساكين فعلا! نمت لأجد نفسي عضوا في حكومة مسكينة! الوزير يملك ما لا يملكه قارون! والوالي يستحوذ على ولاية بمساحة فرنسا، يفعل ما يشاء ويختار! ومديرو مؤسسات وشركات يغرفون من بحر فيما “الأغنياء” من الشعب ينحتون من صخر رغيف اليوم! (حتى الشعب واعر! يخلص مليون ونص وعنده 10 أبناء ويبغي يعيش خير من ربراب!!). حسبت مداخلي من امتيازات وعلاوات ورواتب، فوجدت أني أنا الأفقر في الحكومة، أعيش بمرتب 580 موظف ما قبل التشغيل! حسبت حصيلة “مرتبات” الحكومة التي أشتغل فيها، فوجدت أنها تفوق ما قيمته 5 آلاف سكن! مع ذلك، كل منا يشكو بأنه لا ينام ليلا، ولا يفيق نهارا، وأنه يعاني من اضطرابات نفسية ونوبات قلبية. سألت وزير الأدب والشعر عن صحته فقال لي ما قاله الثرثار لمحب الاختصار: أشعر بوخز في القلب، وبمغص في البطن، وورم في الوركين، وعجز في المتانة، وصداع في الجمجمة، ولهيب في القولنج، وإمساك في المعدة، وانحباس حراري في الصدر، وتقيح في المؤخرة، وتفتت في العظام، وتمزق عضلي في الساقين وسكر زائد وضغط متصاعد وكوليسطيرول شاهق. قلت له وماذا تفعل؟ قال لي: أسعى لكي أبقى في الحكومة المقبلة لعلني أحظى بحقيبة أحسن. قلت له: رحمك الله إن أنت بقيت حتى ذاك الحين. لماذا لا نعترف: نحن هم المساكين، والبسطاء هم الأغنياء! الفقر جحيم، لكن القناعة جنة! لماذا لا نترك معا الأبهة والمال والجاه ونحج ونوزع ثروتنا اليوم قبل الغد، ونستغفر الله ونتوب إليه من كل ذنب ذئب. قال لي: وعلاه: أحنا رانا نحرقو في الجوامع؟ قلت له: هذا هو الإثم الأكبر عندكم؟ لا تحرقوا المسجد، وأحرقوا الشعب بأكمله!؟

وأفيق وأنا أصرخ ألما في ضرس “قلة العقل”!

مقالات ذات صلة