-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رحلة مع ذي القرنين

دروس في صناعة الحياة

أبو جرة سلطاني
  • 657
  • 0
دروس في صناعة الحياة

أوّل درس في فقه صناعة الحياة، لمن لا يكادون يفقهون قولا، هو أنّ الإنسان مالك إرادة نفسه، قادر على تغيير ما بها، وهو أعظم رأسمال في هذا الكون. فامتلاك الإرادة يعني تحرير النّفس من الهواجس والكسل والتردّد.. ومن جميع الأوهاق المثبّطة عن الانطلاق إلى آفاق الحريّة التي أتاحها الله لكلّ آدميّ. فالتحرّر -أو الشعور بأنك حرّ- هو محور حركة الحياة على وجه الأرض؛ فبمشاعر الحريّة تيمّ استخلاف الأرض وبغيّابه يظلّ الكون مسخّرًا كما خلقه الله بانتظار ميلاد “الإنسان الحرّ”. أمّا الكون فمجود وجودا حيّا ومتحرّكا صالحا للاستخلاف قبل أن يُخلق الإنسان خليفة في الأرض. فإذا فقد الإنسان شعوره بالحريّة تعطّلت في نفسه أمانة التّكليف باستخلاف الأرض. وتعطّل ـ بغياب الحريّة ـ فقه القول المستبصر بعظمة كون الله البديع.

فاستخلاف الأرض شأنٌ إنسانيّ محكوم بشروط الرّسالة، فإذا لم يفقهها “الإنسان الحرّ” ولم يسعَ إلى الأخذ بالأسباب الموصلة إلى مرضاة الله يظلّ تسخير الكون له تسخيرًا غريزيّا تتشابه فيه حركته بسائر الحركات الغريزيّة الصّادرة عن جميع أنواع الأحياء السّاعيّة إلى حفظ نوعها وتأمين قوْتها والتّعرّف غريزيّا على مستقرّها ومستودعها. فإذا تحوّلت حركة الإنسان إلى حالة وعْي بكينونته البشريّة اكتشف ذاته وخرج من دائرة الذين لا يكادون يفقهون قولا ليدلف إلى دائرة الفعل الذي يبتغي به فاعله وجه ربّه بيقين أنّ ما مكّنه الله فيه خيرٌ من عطاء العباد: ((مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْر)) (الكهف: 95)، وهو فرق جوهريّ بين حياة القطيع ووعْي الجماعة، أو بين الغريزة والعقل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!