الرأي

دعاة “التعطيل”.. والحاجة إلى “الحسم”

حسان زهار
  • 937
  • 8
ح.م

يبدو أنه لم يعد هناك من حل، أمام دعاة “التعطيل”، من جماعات “الرفض الشامل” و”معزة ولو طارت”، و”فولتي وإلا نبول في الكانون”، سوى “الحسم” والعزم، وإعادة القاطرة إلى السكة، للوصول السريع إلى المحطة.

اقتراح قيادة أركان الجيش تاريخ 15 سبتمبر لاستدعاء الهيئة الناخبة، مع التنصيب العاجل للهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات، لا ينبغي أن يفهم بأنه أمر، لكن لا ينبغي أيضا قراءته على أنه “استعطاف”، لأن مجريات الأحداث وطول أمد الأزمة، وحوار الطرشان الذي يجري، ومحاولة استرضاء الجميع، واستمرار لعبة “المزايدات”، بالنهاية هي عملية “تعطيل” للبلد، وتضييع للوقت الثمين، وانسداد للأفق.

صحيح، أننا لا نريد استعجالا يحمل مفهوم التسرع على حساب نوعية هيئة الإشراف على الانتخابات، أو التعديل الشكلي لقانون الانتخابات، لكن انتظار أن يتفق الرهط على موعد محدد، وأن يرضى الجميع على “مدخلات” و”مخرجات” الحوار والتجاذبات السياسية، سيؤدي إلى التمييع، علاوة على عدم الاتفاق، ولو بعد سنوات، بينما الضغوط الاقتصادية والسياسية ومخاطر التدخل الخارجي تزداد كل يوم.

بالأصل، كانت فكرة الحوار ولجنتها مضيعة للوقت والجهد لا أكثر، على الرغم من أنها قرئت كمحاولة لاسترضاء جهات معينة، ثبت فيما بعد أنها لن ترضى، وأنها ماضية في مخططاتها المعادية، ليس عبر “التعطيل” والتأجيل” والتأزيم وحسب، بل والتآمر أيضا.

ثم الحوار من أجل ماذا أصلا إذا كان الهدف هو الرئاسيات؟ الذين يرفضون الرئاسيات كمبدأ في الوقت الراهن، لن يتحاوروا.. لأنهم يريدون التفاوض على كيفية تسلم الحكم دون انتخابات.. بينما الحوار كان من المفروض في كيفية اجراء هذه الانتخابات في أقرب وقت؟

ولا يمكن فهم اقتراح استدعاء الهيئة الناخبة بعد أسبوع من الآن، إلا كونه أنهى عمليا دور لجنة الحوار والوساطة، وكل “الكرنفالات” التي كانت تدور حولها، عبر التنبيه أن الوقت ليس وقت كلام فارغ، بل وقت تحديد للآجال، والذهاب رأسا الى صلب الموضوع.

وهذه هي ثاني مرة، يتم فيها “تقليم” أظافر لجنة الحوار، بعد العملية الأولى، التي تم فيها رفض شروط التهدئة، التي اشترطتها اللجنة، والتي كان من بينها فتح أبواب العاصمة لكي تحتلها قوى “التعطيل” المنظمة.

لقد بدا واضحا الآن، وبعد مرور سبعة أشهر كاملة، من التدوير و”التكعرير”، أن الوقت يضيع على حساب الجزائر، وأنه كلما مر وقت أكثر، كلما اقتربت البلاد من دائرة الخطر الاقتصادي، وازدادت مخاطر التدخلات الخارجية المتربصة، ومعها نشاط الاستخبارات العالمية في كيفية تفتيت البلد، والنفاذ اليه عبر الخاصرة الرخوة “الفراغ الدستوري” والأقليات.

في مثل هذه الأوضاع، لا ينبغي أن تبقى الأمور “سبهللا” كما يقال، وانتظار الحلول من الأحزاب أو الجمعيات أو اللجان أو مربعات الحراك المتنافرة ايديولوجيا، هو انتظار للوهم، أو هو كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماء.

الأمر فقط، يحتاج الى ضمانات ومقومات تشكيلة الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات.

إن لقيت هذه التشكيلة رضا الشعب، واطمأن الناس لنزاهة أعضائها، بأن لا تكون على شاكلة لجنة الحوار، فستكون الضربة القاضية ضد دعاة “التعطيل”، وإلا.. فإن “التعطيل” سيكون “تعطيبا” (من العطب)، وحينها (ولات حين مناص).

الأمر إذن يحتاج الى الحسم.. لكن ليس بأي ثمن.. الحسم بالتعجيل.. والحسم بالصدق أيضا مع الشعب.

مقالات ذات صلة