-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دعم المنتوج وسطوة المضاربين

دعم المنتوج وسطوة المضاربين

كانت قرارات السلطات بوقف استيراد بعض المنتجات المتوفرة محليا وتلك التي توصف بالكماليات، بهدف حماية المنتوج المحلي، نافذة أخرى تسلل من خلالها المضاربون لاستهداف جيوب المواطنين وتشويه سمعة الفلاح أيضا.

يعبر المواطنون سواء في الأسواق أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي عن استغرابهم للهيب الأسعار، الذي مسّ فواكه وحتى خضر منتجة محليا، إلى درجة أنها لم تعد في متناول فئات واسعة من المجتمع.

وكمثال على ذلك، يصادف أي مواطن يبحث عن فاكهة تنتج محليا وبوفرة على غرار التفاح، أن أسعارها تضاعفت خلال الأشهر الأخيرة بشكل غير معقول، وهناك صنف منه كان يباع حتى بمائة دينار تجاوز سعره 500 دينار، وقس على ذلك بالنسبة لفواكه وخضر أخرى.

وكان هدف وقف استيراد هذه المنتجات، كما أعلنت السلطات، دعم الانتاج المحلي من حيث الوفرة والنوعية وحتى الأسعار، ومساعدة الفلاحين على زيادة الإنتاج وحمايتهم من ظاهرة كساد السلع، بسبب المنافسة التي فرضها استيراد كميات كبيرة من مختلف المنتجات المتوفرة محليا.

والغريب أن الفلاحين كذلك رفعوا أصواتهم للتنديد بما يحدث في الأسواق، وأنهم أصبحوا ضحايا لهذا الوضع، شأنهم شأن المستهلك، كون أسعار منتجاتهم في الأسواق لا علاقة لها بتلك التي بيعت بها لدى خروجها من الحقول.

وكان رئيس الجمهورية، قد أكد خلال اجتماع سابق لمجلس الوزراء، أن هدف سياسة ضبط الاستيراد كان حماية احتياطات الصرف ومحاربة لوبيات كانت تستورد كل شيء ودعم الإنتاج المحلي، وليس المساس برفاهية المواطن من حيث وفرة السلع وعرضها بأسعار معقولة.

وكان مبرر التهاب أسعار المواد والسلع المستوردة هو تداعيات جائحة كورونا على المستوى الدولي، من حيث تكاليف الشحن وحتى الوفرة، لكن امتداد ذلك للمنتجات المحلية كان مثيرا للغرابة، كون المواطن كان ينتظر وفرة وأسعارا معقولة.

وأصبحت المعادلة كالآتي: فلاح يتعب طوال العام لتوفير المنتوج ودولة تحاول مساعدته من خلال تخفيف حدة المنافسة في السوق، لكن المضاربين وأصحاب غرف التبريد التي خصصت للتخزين ومواجهة الكساد، أضحوا يسطون على جهد الفلاح ويستغلون وضع السوق للثراء واستهداف جيب المواطن.

وهناك حادثة وقعت قبل أيام توضح بجلاء سطوة هؤلاء الوسطاء على السوق، فالتصريحات المنسوبة لوزير التجارة حول تطبيق قانون المضاربة على فاكهة الموز بعد التهاب أسعارها بشكل مفاجئ، كان تأثيرها سريعا على الأسواق، إذ تراجعت الأسعار بشكل كبير في ظرف وجيز، ما يعني أن تلك الزيادات لم تكن لها أي علاقة بالعرض والطلب وحتى بسعر الاستيراد وتكاليف الشحن.

وبدا جليا بعد هذه التجربة أن المضاربين استغلوا دعم الدولة للفلاحين في ظل عدم ضبط السوق واختلال التموين، للعبث بالسوق، إلى درجة أن أصواتا تعالت للمطالبة بحلول “راديكالية” مثل تسقيف الأسعار وتحديد هوامش الربح حتى بالنسبة للمواد غير المدعمة، لأن المواطن وحتى الفلاح أصبحا يدفعان ثمن آفة المضاربة والاحتكار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!