-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دنيا.. البطلة المجهولة!

دنيا.. البطلة المجهولة!

فيما تعج السّاحة بآلاف التّافهين الذين نصّبتهم مواقع التّواصل الاجتماعي “مؤثرين” في المجتمع تظهر إلى السطح قصة القائدة الكشفية “دنيا بوحلاسة” التي لم تكن معروفة في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا توجد لها صورة غير تلك التي نشرت بعد أن أصيبت بحروق من الدرجة الثالثة وأدت إلى وفاتها فيما بعد.
كانت “دنيا” مثل باقي الجزائريات تزاول نشاطها في تربية الجيل الجديد وترافقهم في جولات ترفيهية تربوية إلى غابات الطّارف، فحاصرتها النيران رفقة 68 طفلا في غابات القالة الكثيفة، حينها قدمت “دنيا” درسا في التّضحية والإقدام بسعيها لإنقاذ الأطفال حملا على الأكتاف، وتمكنت من إبعادهم عن ألسنة النيران، وفي غمرة تلك الملحمة البطولية تمكنت منها ألسنة النيران وأصابتها بحروق خطيرة أدت إلى وفاتها.
ما فعلته “دنيا” أعاد إلى الأذهان صورة المرأة الجزائرية الحرة، التي قاومت وناضلت خلال كل المراحل التاريخية، ولا زالت إلى الآن تكافح في مختلف المواقع، وهي صورة بعيدة كل البعد عن الابتذال الحاصل في واقعنا المعاصر بسبب الثورة المعلوماتية التي مكّنت التّافهين من الظهور وأعطتهم منابر لتحقيق الشّهرة ولو على حساب الأخلاق والدين والخصوصيات!
قبل أشهر تابعنا تصريحات لشخص يُسمي نفسه صحفيا، لكنه لم يكتب خبرا في حياته ولا يفهم الصّحافة والإعلام إلا ضمن دائرة الأزياء وتسريحات الشعر والغنج في الكلام، هذا الشّخص قال “نحن الصّحفيون نشعر أننا في خطر دائم”، فعن أي خطر يتحدث صاحبنا؟ وعن أي صحافة يتحدث؟ إنما هي نجومية فارغة صنعتها مواقع التواصل الاجتماعي، وغذتها الفضائيات التي باتت تختار مذيعيها من بين هؤلاء!
مثل هذا الشخص وأمثاله أصبحوا يتصدرون المجالس باعتبارهم مؤثرين، وقد تابعنا كلنا الفضائح التي تسببوا فيها، بينها فضيحة الاحتيال على الطلبة الراغبين في الدراسة خارج البلاد، وقضايا أخرى لم يتم الكشف عنها بعد، أما الإيجابيون في المجتمع الذين يعملون في صمت بعيدا عن الأضواء ويقومون بواجباتهم في مختلف المجالات فلا أحد يهتم بهم.
والبطلة “دنيا بوحلاسة” واحدة من أولئك الذين كانوا يجتهدون في تربية النشء ضمن أفواج الكشافة الإسلامية الجزائرية التي تنتشل أبناءنا من الضياع وتأخذهم إلى فضاءات الطبيعة والحياة الحقيقية بعيدا عن التكنولوجيا المدمرة، فهل آن الأوان أن نهتم بهؤلاء ونتوقف عن تشجيع التّافهين والمنحرفين الذين صنعوا النّجومية من غرف النوم أو بالقيام بتحديات تافهة مثل الفتى الذي أصبح من كبار المشاهير بعد أن رمى بنفسه في شاحنة زبالة!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!