الرأي

دوق ويلينغتون والأمير عبد القادر

باري لوين
  • 1728
  • 5
ح.م
الأمير عبد القادر

في سنة 1815، بعد الفوز بمعركة واترلو، قال الدوق ويلينغتون، وهو من أحسن القادة العسكريين البريطانيين، إن الفوز كان على ساحة الملعب ليتون، وهي مدرسة مشهورة في المملكة المتحدة.
ومؤخرا، تكلم مدير ميكروسوفت، ساتيا ناديلا، عن الدرس الذي تعلمه من رياضة الكريكات كشاب في بلاد الهند “عن القيادة والعمل في الفريق، قيم بقيت معي طوال سيرتي”.
لقد تذكرت أثناء الشتاء، لما شاهدت لبني في مدرسته وهو يلعب رياضة الرغبي، عندما تراكم فوقه كومة شباب كبار ولكنه نهض بنفسه وتابع اللعب. وشاهدته أثناء مباراة الهوكي عندما تلقى ضربة بالعصا على رأسه، مع ذلك تابع وسدد هدفا. حتى لما كان يلعب الكريكات، تذكرت تعليق المؤلف الإيرلاندي بيرنارد شور، مقترحا أن الكريكات ابتكر لإعطاء الإنجليزيين فكرة عن الخلود.
الرياضة تساعد على تأسيس الكفاءات في العمل الجماعي، والتكيف الالتزام والعدل. طبعا، ليس فقط الرياضة التي تعطي شباب اليوم مهاراتهم كبالغين في المستقبل، فالتعليم الصحيح يدرِّس المعرفة الأكاديمية والتقنية، ويزوِّدنا بالإمكانات اللازمة للتوظيف في الحياة. أحسن التعليم لا يدرِّسنا ماذا نفكر؟ بل كيف نفكر؟
ماذا عن تأثير التكنولوجيا؟ هناك نقاشاتٌ عديدة حول تأثير الأتمتة على مكان العمل المستقبلي، فكان صحيحا، في القرن التاسع عشر عندما خشيت اللوداتس أن تكنولوجيا الثورة الصناعية قد تعطل الناس عن العمل. وقبيل معركة واترلو، تأسف الشاعر البريطاني المشهور لورد بايرون، في خطابه الوحيد للبرلمان البريطاني، على الاعتماد على تكنولوجية النسيج قائلا: “رجلٌ واحد قام بعمل عدة رجال، وطرد العمال غير الضروريين”.
من المؤكد أن بعض الناس فقدوا وظائفهم، لكن في الثورة الصناعية التالية، أصبح أغلب الناس أفضل حالا، مضطرين إلى أن يتعوَّدوا ويتعلموا. إضافة إلى أن نظام التعليم يساعدهم على ذلك وعلى تغيير متطلبات التكنولوجيا واقتصاد العالم.
التعليم هو المفتاح الذي يتزايد مع زيادة سرعة التغيير، لهذا السبب تعطي الاستراتيجية الصناعية للمملكة المتحدة أهمية للتعليم؛ وهذا تحدٍّ مشترك، الحافز الذي يجعلنا نتبادل أفضل الخبرات مع الجزائر لأنها هي أيضا تنسِّق نظامها التعليمي لتلبية الحاجات في عالم واقتصاد متغيرين.
لا يقتصر التعليم في المهارات والكفاءات فقط، بل يشمل القيم كالتسامح والاحترام والنزاهة؛ تعلمنا هذه القيم في المدرسة من معلمينا، وطبعا خارج القسم، نتعلمها من قدواتنا، تاريخية وحاضرة. أعطي مثالا عن قدوة من تاريخ الجزائر، الأمير عبد القادر، معروف أنه كان عالما من قبل أن يقود حركة الاستقلال. كان يثير الإعجاب باحترامه حقوق الإنسان، فمثلا، أطلق سراح مجموعة من المساجين الفرنسيين لأنه لم يكن له طعامٌ كاف لهم.
قرأت مؤخرا شعرا لشاعر بريطاني من القرن التاسع عشر وهو ويليام ثاكراي، مجَّد فيه الأمير عبد القادر قائلا: “يتمكن المستشار الحكيم من قول الحقيقة للرجل القوي ،ولفعل هذا عليه ان يكون شجاعا”.
مثل هذه القيم، تقاليده وثقافته، أفادت الجزائر في الماضي وسوف تتواصل في المستقبل.

مقالات ذات صلة