-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ذكاءٌ أم غباء؟!

ذكاءٌ أم غباء؟!

انتشرت في الآونة الأخيرة مدارس ومراكز تقدّم خدمات سريعة للمترشحين لشهادتي البكالوريا والبيام، فتقوم بتحفيظهم مواد التاريخ والجغرافيا والمصطلحات، بل وطال الأمر قواعد الرياضيات والفيزياء والمعادلات الكيميائية وغيرها، والغريب أنّ أغلب الذين يشرفون على هذه المراكز ويقدّمون دورات الحفظ من غير المتخصّصين في هذه المواد.

يحدث هذا بعيدا عن المختصين في الشّأن التربوي، والذين طالما حذّروا من طريقة التّلقين، ودفع التلاميذ إلى الحفظ الببغاوي للدروس من دون استيعابها، ثمّ إن الكثير من التفاصيل الواردة في دروس التّاريخ والجغرافيا وغيرها من المواد، لا تستحق الحفظ أصلا، فما الفائدة من حفظ إحصائيات تتعلق بالإنتاج الزراعي والصّناعي للبلدان، أو حفظ التواريخ والخصائص والمميزات، وغيرها من النصوص التي يعدُّ حفظها إرهاقا للذهن وتضييعا للوقت والجهد؟!

في الواقع، إن ما تقوم به هذه المراكز هو تخريبٌ للعملية التّعليمية، لأنّها تحوّل التّلاميذ إلى ما يشبه ببّغاوات يردّدون ما يسمعون من دون فهم ولا تدبّر، مع أن الطّريقة المعتمَدة في المدارس هي المقاربة بالكفاءات، التي تركّز على تنمية القدرات الإدراكية لدى التلاميذ، وتقويةِ الكفاءات لديهم وإعطائِها الأولوية باعتبارها نقطة الارتكاز بدل الاهتمام بالحشو وتدريس المعارف وتكديس المعلومات.

أين هذه المقاربة مما يُعطى للتلاميذ في الدورات المدفوعة تحت مسميات برّاقة، كتقوية الذاكرة وتطوير الذكاء وغيرها، بينما هي في الواقع تكديسٌ للأرقام والمعلومات في ذهن التّلميذ استعدادا لتفريغها يوم الامتحان، من دون أن تكون له القدرة على التّحليل والاستنتاج أو الإبداع؟
لا يمكن إنكار أهمية الدّروس الخصوصية المقدَّمة للتلاميذ في مختلف المواد على أيدي أساتذة لديهم خبرة طويلة في التّدريس، ويمكن القول إن هذه الدروس أنقذت الكثير من التّلاميذ من الضياع، لكن الذي حدث أن الغرباء دخلوا هذا المجال، واستخدموا تقنياتٍ معروفة في حفظ الأرقام والقيام بالعمليات الحسابية المعقدة، ثم سحبوا ذلك على كل المواد من دون أن تكون لهم الأهلية للقيام بعملية التدريس، لذلك فإنّ الواجب على الجهات المعنية هو سرعة التحرُّك لإنهاء مظاهر البزنسة التي تكثر كلما اقتربت مواعيد الامتحانات.

لقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مرتعا للكثير من الأدعياء والمحتالين، وقد رأينا مصير الطّلبة الذين كانوا يحلمون بالدراسة في الخارج، فجاء من غرّر بهم وأقنعهم أن الجامعات الأوكرانية أفضل من الجامعات الجزائرية، فدفعوا الملايين للالتحاق بجامعات فاشلة، ومنهم من دفع وسافر من دون أن يتم تسجيله في أي جامعة، وهو مثالٌ واحد عن الاحتيال المنتشر بقوة في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تكون إعلانات الذكاء والذاكرة القوية أحد أساليب الإطاحة بالضحايا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ناقد

    وهل سيكون أغبى ممن يشهد لنصرانية بالشهادة ؟؟؟؟