-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رأيٌ في كتاب اللغة العربية للسنة الأولى متوسط

أوحيدة علي
  • 1667
  • 0
رأيٌ في كتاب اللغة العربية للسنة الأولى متوسط

لا أدري لماذا نستهزئ بأبنائنا، ونهين أجيال المستقبل، ورجال الغد، حماة الجزائر الذين سوف يتحملون المسؤوليات فيها، ويحافظون على وجودها، ويحمونها من الطامعين فيها، ويصونون الأمانة، أمانة الشهداء، الذين ضحوا بدمائهم من أجل تحريرها من المستعمِر وثقافته، وإخراجها من دائرة الأمية والجهل، والتخلف إلى بر الأمان، بر التحضر والتقدم والازدهار، اعتمادا على أنفسنا لا على غيرنا؟!

ولكن بعض القراء ينفون هذا، ويقولون: لا توجد أمة على وجه الأرض تهين أبناءها، فكيف نهين نحن أمالنا وأمال الجزائر، ونتخلى عن أمانة الشهداء؟! وأقول لهؤلاء وأمثالهم: إن النجاح في المستقبل بين أيادي أبنائنا، ولا يحققونه إلا بالعلم والمعرفة والجد والاجتهاد، مع المحافظة على قيم المجتمع، وحدود الوطن، وهذا لا يتأتى لهم إلا إذا قدَّمنا لهم ما يجب تقديمه في المؤسسات التربوية.

الأدهى والأمرّ من هذا كله ختمت هذه الصفحة بتمرين هو ((كون جملتين مفيدتين تشتملان على ضميرين خاصين بالنصب)) والكتابُ لم يذكر ضمائر النصب، فمن يجيب؟،وإذا أجاب الأستاذ، فإنه يكون ملقِّنا للإجابة، فهل هذا تعليمٌ، أم تلقين، أم حشو، أم عقابٌ للطلاب ليكرهوا اللغة وقواعدَها؟!

أما إذا كانت هذه المؤسسات فاشلة ومختلفة ومتأخرة، فمن يقوم بهذا الدور؟! والدليل على هذا تؤكّده الكتب المدرسية، لأنها هي المرآة الحقيقية والفعلية للمناهج التربوية، وأهدافها واتجاهاتها. إنها كتبٌ صماء لا يتمكن الأستاذ من فهمها، ولا يعرف حدود الدروس والقواعد المقرَّرة، ولا يستطيع تحديد الأهداف بأسلوب عملي وميداني يساعده على تبسيط الدروس للطلبة، ورغم هذا نطلب من الطالب مراجعة الدروس، ونرجو من الأولياء متابعة أبنائهم! عجيب وغريب أمر الذين ألفوا الكتب، والأعجوبة من هذا سكوت أصحاب الميدان، وصمت وزارة التربية! ومن حين إلى آخر تبادر بإصلاحات خارج الميدان لتلهي الكل، وتضيّع الوقت، وتملأ الفراغ بفراغ أعمق يحجب نور العلم عن الكل.

والدليل على ما أقول: اكتفي ببعض الصفحات من كتاب اللغة العربية للسنة الأولى من التعليم المتوسط، ففي صفحة 21 تبدأ بـ(أتعلم قواعد لغتي)، إذ تضمنت هذه الصفحة تعريف الضمير دون أمثلة، ثم الضمير المنفصل دون أمثلة، ثم الضمير المتصل بالفعل، أو بالاسم، أو بالحرف دون أمثلة، ثم الضمير المستتر دون أمثلة، فهل يفهم الطالب هذه القواعد؟ والأدهى والأمرّ من هذا كله ختمت هذه الصفحة بتمرين هو ((كون جملتين مفيدتين تشتملان على ضميرين خاصين بالنصب)) والكتابُ لم يذكر ضمائر النصب، فمن يجيب؟،وإذا أجاب الأستاذ، فإنه يكون ملقِّنا للإجابة، فهل هذا تعليمٌ، أم تلقين، أم حشو، أم عقابٌ للطلاب ليكرهوا اللغة وقواعدَها؟! مع التأكيد للقراء أن هذه الصفحة، وجميع صفحات كتب التعليم المتوسط لا تشتمل قواعدها على أمثلة، ولا على كلمة واحدة معرَبة، ليتمكن الطالب من متابعة وفهم ما قدّم له الأستاذ خارج القسم، أليست هذه هي العامية التي طالبت بها ابن غبريت، طبقتها في التعليم المتوسط؟! وماذا يقول القراء: إذا استهزأ الطلاب بالأستاذ وجعلوه أضحوكة بينهم عندما يقدم إليهم القاعدة الوحيدة الموجودة في صفحة 105، وهي: (ال) القمرية و(ال) الشمسية، حينما يقولون له وبأسلوب استهزائي: يا أستاذ هذا الدرس قرأناه في السنة الأولى من التعليم الابتدائي، فلماذا أرجعتنا إلى الوراء؟!

وهذا الخطأ المنهجي يؤكد أن المؤلفين انطلقوا من الصفر حسب مزاجهم ونظرتهم ومعارفهم المحدودة. في حين كان عليهم أن يطلعوا على كتب التعليم الابتدائي ليعرفوا مكتسبات طلابهم من قواعد، وتعابير، وإملاء، وطرائق التدريس، وكيفية صياغة الأسئلة والتمارين… ولكنهم لم يفعلوا ظنا منهم أنهم يدرون، وهم لا يدرون عن الطلاب ومرحلة التعليم الابتدائي شيئا، فهل هذا هو التعليم؟ وهل هؤلاء أساتذة؟! قال الآن (على الكتاب أن يكون المعلم الرئيسي، وعلى المعلم أن يكون مساعدا للكتاب)، والسؤال: هل الكُتب المدرسية المقررة تتوفر على هذه الصفة؟

أضف إلى هذا فالكتاب لا يحدد بداية الدرس، ولا نهايته، ويترك الأستاذ تائها لا يعرف كيف يتصرف مع الطلاب إذا قدّم لهم هذه القاعدة في الصفحة 45 والتي تنص: (الفاعل هو ما دل على الذي يقوم بالفعل أو يتصف به وحكمه الإعرابي الرفع) دون أمثلة، ودون إعراب، مع العلم أن الطالب يعرف الفاعل في السنة الرابعة الابتدائية، والسؤال: ماذا أضفنا له في هذه السنة؟ في حين كان من مستلزمات التعليم أن نضيف ما يلي: (يُرفع الفاعل بالضمة الظاهرة، أو الضمة المقدَّرة، والواو إذا كان جمع مذكر سالم، أو كان من الأسماء الخمسة، ويُرفع أيضا بالألف إذا كان مثنى، وبالضمة إذا كان جمع مؤنث سالم)، وكل حالة تتبع بأمثلة وإعراب ليفهم الطالب الفاعل. فمتى نقدم له هذه المعلومات؟، ولكن بعض الأساتذة وخبراء التربية والمؤلفين الذين ألّفوا هذا الكتاب يقولون: هذه المعلومات يقدّمها الأستاذ، إن هذا الكتاب للتلميذ وقد دفع ثمنه ليستفيد منه هذا من جهة، وإذا كانت هذه الإضافات يضيفها الأستاذ، فالكتاب لم يُشر إليها، وإذا قدّمها الأستاذ من مراجع أخرى فهو خرج عن البرنامج المسطر، وقد يختلف مع زملائه لأن لكل واحد منهم رأيًا من جهة ثانية، أما إذا قلتم أن الأستاذ حر في قسمه، فلماذا تستأسدون عليه وأنتم أقلّ منه مستوى؟ ولماذا تطالبون الكل بمتابعة منهاج مبتور، وكتاب ناقص وغامض؟! عجيب والأعجوبة الأكبر هو الصمت على هذه الرداءة المضللة للكل!

وفي الأخير أقول لكم ولأمثالكم ولمن أيدكم: أنتم الذين هدمتم المنظومة التربوية بكُتبكم الصماء! والعجيب في الأمر أن هذا الكتاب مصادَقٌ عليه من طرف لجنة الاعتماد للمعهد الوطني للبحث في التربية، ورغم هذه الرداءة لم تتحرك وزارة التربية ولم تقيّم هذه الطلاسم. وهذا ممكنٌ وسهل وبسيط إذا استعانت بديوان حقوق المؤلف (OND) لأنه يعرف المؤلفين بالاسم، وعنده كتبهم المؤلَّفة في كل مرحلة.

أما الاستعانة بأساتذة التعليم العالي والجامعي ليقوموا بالتأليف فإنه انحرافٌ وضياع وتيهان، لأن التأليف في كل مرحلة أدق من جزئيات الذرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!