-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“ربحت الصّحابة ولم أخسر آل البيت”

سلطان بركاني
  • 1659
  • 1
“ربحت الصّحابة ولم أخسر آل البيت”

“ربحت الصّحابة ولم أخسر آل البيت”؛ عنوان كتاب ألّفه شابّ بحريني، يُدعى علي بن محمد القضيبي، يروي فيه قصّة انعتاقه من ظلمات التشيّع، مذهب الغلوّ الفاحش في القرابة والطّعن اللاّذع في الصّحابة حيث الضّغائن والأحقاد واللّعن والتّكفير واللّطم والتّطبير والمتعة والأخماس، إلى رحابة ونور الإسلام حيث صفاء القلوب وسلامة الألسن للسّابقين الأوّلين ولعباد الله المؤمنين، وحيث الجمع بين موالاة القرابة ومحبّة الصّحابة الذين ألّف الله بين قلوبهم، وامتنّ على رسوله بذلك فقال: ((وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم)) (الأنفال، 63).

يقول صاحب الكتاب إنّه نشأ في بيت شيعيّ يتقرّب إلى الله –تعالى- بخدمة المذهب على المستويين العلمي والشّعائري، وازداد ارتباطه بالمذهب حينما تولّى راعيتَه وإخوتَه خالُه الذي كان معمّما شيعيا درس في إحدى الحوزات العلمية بمنطقة “جد حفص” في البحرين وأكمل دراسته في مدينة “قم” الإيرانية.. كان الفتى “علي القضيبي” حريصا منذ الصّغر على التّبكير في الذّهاب إلى العزاء، ليكون له شرف أخذ الرّاية التي تُحمل عادة في المواكب الحسينية، وعندما كبر قليلا صار يشارك في مواكب العزاء التي تجلد فيها الظّهور بالسّلاسل، لكنّه رغم حرصه على شعائر المذهب، إلا أنّه كان يتضايق داخليا من بعض الممارسات التي يصرّ عليها الشّيعة، والتي لا يشكّ عاقل في أنّها لا تمتّ إلى الدّين بصلة، وكان أكثر ما أرّقه وساهم في انعتاقه من المذهب، أمور ثلاثة: سبّ الصّحابة ولعنهم، المتعة، ودعاء الأموات دون الحيّ الذي لا يموت.

ومِنَ التعصّب ما قتل!

تحدّث القضيبي عن بعض مظاهر التعصّب المقيت التي عايشها في الوسط الشّيعيّ، وذكر منها قصّتين، أولاهما حصلت له بعد تحوّله عن التشيّع، مع عجوز شيعيّة طاعنة في السنّ، تعرفه وتعرف أهله، ساعدها في حمل بعض أغراضها، فشكرت له سعيه، ثمّ سألته عن مقْدَمِه، فأخبرها بأنّه خرج من المسجد، ولأنّها تعلم أنّ المسجد الذي يتحدّث عنه هو مسجد لأهل السنّة، فقد استشاطت غضبا وبصقت في وجهه وقالت: “سوّد الله وجهك! لقد قيل لي إنّك تحوّلت إلى أهل السنّة ولكنّي لم أصدّق”! أمّا القصّة الثّانية فكانت قصّة طفل لعائلة سنية يسمّى “عمر بن علي”، في الثّالثة من عمره، اصطحبتْه جدّته التي تربطها ببعض نساء الشّيعة في المنطقة علاقة حسنة، إلى أحد المجالس، وبينما كان يلعب في الفناء مع الأطفال، وقع على الأرض، وأخذ يبكي. حاولت إحدى النّساء أن تداعبه كي يهدأ، فسألته: ما اسمك يا ولدي؟ أجابها الطّفل قائلا: أُمَلْ، أي: عمر، فسألته مرّة ثانية لأنّها لم تفهم جوابه، فكرّر الطّفل نفس الإجابة. عندها أجابتها جدّة الطّفل قائلة: اسمه “عمر”، فتفاجأت الجدّة بالمرأة تدفع الطّفل وتقول له: “اذهب، لعنة الله عليك وعلى عمر وعلى من سمّاك عمر ومن يسمّي ابنه عمر”! عندها خرجت الجدّة من المجلس دون رجعة!

مصادر الشّيعة تحرّض على لعن الصّحابة

يقول القضيبيّ إنّه -كان كغيره من الشّيعة- يبغض الصّحابة اعتقادًا منه أنّهم ظلموا آل البيت، لكنّ ذلك لم يحمله على أن يكون سبّابا لعّانا، لأنّه كان يرى ذلك يتنافى مع الأخلاق الحسنة التي يحضّ عليها الدّين، لكنّه فوجئ بعد ذلك بأنّ تلك الممارسات التي يستهجنها إنّما هي نتاج ما أسّست له مصادر الشّيعة من تحريض مركّز ضدّ الصّحابة، وما دعاء صنمي قريش والأدعية الأخرى الحافلة بلعن الشّيخين أبي بكر وعمر وتشبيههما بالأصنام والجبت والطّاغوت إلا ثمرة من ثمرات هذا الفكر التّكفيري لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، بل إنّ الأمر بلغ إلى حدّ التّرغيب في لعنهم أثناء قضاء الحاجة، كما قال “محمّد التوسيركاني” الملقّب عند الشّيعة بعمدة المحقّقين في كتابه “لآلئ الأخبار، 4/ 92”: “اعلم أنّ أشرف الأمكنة والأوقات والحالات وأنسبها للّعن عليهم -عليهم اللّعنة- إذا كنت في المبال، فقُلْ عند كلّ واحد من التخلية والاستبراء والتّطهير مرارا بفراغ من البال: اللهمّ العن عمر، ثمّ أبا بكر وعمر، ثمّ عثمان وعمر، ثمّ معاوية وعمر… اللهمّ العن عائشة وحفصة وهندا وأمّ الحكم، والعن من رضي بأفعالهم إلى يوم القيامة”!

يقول القضيبي إنّه عندما وقف على هذه النّصوص وأمثالها، قارنها بما ورد في كتاب الله من آيات صريحة واضحة، تثني على المهاجرين والأنصار، وتبشّرهم برضوان الله عليهم، وتعِدهم جنّات تجري من تحتها الأنهار، مثل قوله تعالى: ((وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم)) (التوبة 100)، وتساءل كيف يمكن لعاقل أن يصدّق ما تروّج له مصادر الشّيعة من أنّ هؤلاء الذين أثنى عليهم عالِم الغيب والشّهادة في آيات تتلى إلى يوم القيامة قد اغتصبوا الخلافة وكتموا آيات من القرآن وغيّروا أحكام الدّين؟! كيف يثني عليهم ويبشّرهم بالجنّة وهو –سبحانه- يعلم أنّهم سينقلبون على أعقابهم؟! يقول القضيبي: “لم أجد جوابًا تطمئنّ له نفسي سوى القول بأنّ الله -سبحانه وتعالى- يعلم أنّهم ماضون على هدي رسوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- وسنّته، ((لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)) (الفتح 18)”.

حقائق صادمة

تحدّث القضيبي عن حقائق أخرى صادمة في المذهب الشّيعيّ، تتعلّق بالمهدي الأسطورة، منها اسمٌ لهذا المهديّ الغائب منذ سنة 260هـ ذكره العلامة النّوري الطّبرسي في كتابه “النّجم الثّاقب في أحوال الإمام الحجّة الغائب، 1/ 185″، وهو “خسرو مجوس”، وتساءل القضيبيّ قائلا: “كيف يمكن أن يوصف الإمام بأنّه خسرو المجوس؟! ما دخل المجوس بصاحب الزّمان؟! صاحب الزّمان سيأتي لينتقم من أعداء آل البيت وعلى رأسهم أبو بكر وعمر؛ هكذا تعلّمْنا، وعمر بن الخطّاب هو الخليفة الذي في عهده فُتحت إيران ودخلها الإسلام وأذّن فيها وأقيمت الصّلاة لأوّل مرّة في التّاريخ.. بدأتُ أربط بين هذه وتلك”.

ثمّ نقل القضيبي رواية أوردها شيخ الإسلام عند الشّيعة محمّد باقر المجلسيّ، تعطي أوضح دليل على الأثر الفارسيّ في العقائد الشيعية التي تؤصّل للعن الصّحابة الفاتحين، فالرواية تنقل عن راوٍ اسمه “النّوشجان بن البودمردان”! بأنّ ملك الفرس “يزدجرد” حينما انهزم في القادسية، خرج هاربا في أهل بيته ووقف بباب الإيوان، وقال: “السّلام عليك أيّها الإيوان! ها آنذا منصرف عنك، وراجع إليك أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه ولا آن أوانه”، وتنقل الرواية أنّ أحد أصحاب الإمام الصّادق سأله عن قول الراوي “أو رجل من ولدي”؟ فقال الإمام الصّادق:” ذلك صاحبكم القائم بأمر الله –عزّ وجلّ- السّادس من ولدي؛ قد ولده يزدجرد فهو ولده” (بحار الأنوار:51/ 163، 164)! وهي رواية تمنّي الفرس بأنّ حفيد “يزدجرد” سينتقم لهم من العرب المسلمين الذين فتحوا بلادهم وأزالوا ملكهم، وتؤكّدها روايات أخرى كثيرة تشير إلى أنّ مهديّ الشّيعة سيكون وبالا على العرب، ولن يكون بينه وبينهم سوى السّيف!

آل البيت والصّحابة.. روح واحدة في جسد واحد

في خاتمة كتابه أكّد القضيبي أنّه من أجل الحقائق التي تحدّث عنها وحقائق أخرى لا يتّسع المقام لذكرها، وجد أنّه أصبح لزامًا عليه أن يتّبع الحقّ.. فكّر مليا ما الذي سيخسره إن تحوّل عن معتقده الذي نشأ عليه إلى معتقد آخر تؤكّده الأدلّة والبراهين وتقرّه الفطرة والأخلاق؟ وقال: “لقد اخترت ولم أخسر شيئا بل ربحت.. نعم.. لقد ربحت الصّحابة ولم أخسر آل البيت، إذ علمت أنّ الصّحابة وآل البيت روح واحدة في جسد واحد. لم أكن وحدي الذي اخترت الطّريق، فهناك كثيرون ساروا على الدّرب نفسه، متطلّعين إلى رحمة الله تعالى ورضوانه، متّخذين قول الله تعالى: ((وَإنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)) (طه:82) نبراسًا لهم في حياتهم”. (سبق نشره).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Athmane

    اللهم إهدينا إلى صراطك السوي