-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رحيل العلامة الشيخ الأستاذ العربي بن الشيخ

رحيل العلامة الشيخ الأستاذ العربي بن الشيخ

رحل عن دنيانا الفانية الأحد 01 ذو الحجة الحرام 1442هـ 11/07/2021م العلامة الشيخ الأستاذ الدكتور العربي بن الشيخ الحُجيري بعد صراع مع المرض وإصابته بوباء كُفاد، ووري التراب في صمت وحزن كبيرين خيم على قلوب محبيه وذويه الذين حُرموا من تشييعه بسبب استفحال داء كُفاد القاتل..

 والأستاذ العربي بن الشيخ عالمٌ نحرير في أصول الفقه المالكي ونوازله ورجاله وأعلامه، فضلا عن اطّلاعه الواسع على سائر العلوم الشرعية، ومتقنٌ للغتين الفرنسية والإنجليزية، وحاصل على ثلاث شهادات دكتوراه في العلوم الإسلامية وفي علم البيولوجيا وفي علم الانثربولوجيا.

وُلد ([1]) الأستاذ الدكتور العربي بن الحسين بن الشيخ بن الطاهر وابن مسعودة بنت محمد بن التلي من عشيرة أولاد سعيد سنة 1957م وُسجل تسجيلا إداريا رسميا في بلدية حجيرة ([2]) يوم 15/03/1959م. ولد في عشيرة أولاد سعيد القاطنة بقرية حجيرة، وهي قرية تقع عند بوابة الصحراء في أسرة من أصول أمازيغية عريقة هاجرت إلى الصحراء في القرون الوسطى، وتُسمى أسرتهم بابن الشيخ لتوارثهم العلم ونبوغ علمائهم.

وقد حفظ القرآن الكريم وسائر علوم العربية والشريعة الإسلامية في أسرته، وتضلع في علوم الشريعة بالإضافة إلى الدراسة العادية، فأخذ القرآن الكريم وحفظه في المسجد العتيق بحي أولاد الشيخ، وأخذ أجزاء من القرآن على يد عمه الشيخ الحاج أحمد وعلى يد ابن عمه الأخضر، وعلى يد عمه الأخضر والد محمد، وعلى يد ابن عمه محمد الطاهر ابن محمد.

 ومن أهم الكتب التراثية التي درسها على يد مشايخ بلدته (متن خليل وشروحه) و(متن أبو زيد القيرواني) و(الخصائص والألغاز لابن فرحون) و(متن الغزية لابن زرقون). وهو من بين أهم شراح متن خليل.

وخلال طفولته كانت أحداث الثورة التحريرية في أوجها، فعاشوا في المحتشدات وظلوا في محتشد أولاد الشيخ طيلة فترة الثورة التحريرية، وعاشوا فيها عيشة قاسية جدا، وقبيل الاستقلال بقليل التحقت بالمدرسة الابتدائية، ولكن التحاقه الرسمي بالمدرسة كان سنة 1964م بالحجيرة، وبعدها انتقل إلى مدينة ورقلة بسبب متابعة والده من قبل المنظمة السرية الاستعمارية، وفي مدينة ورقلة أكمل دراسته الابتدائية، وموازاة معها فقد كان يتابع دراساته الدينية في زاويتها عند معلم القرآن طالب حسين، إلى غاية نهاية الدراسة الابتدائية سنة 1970م.

وبعد أن نال شهادة التعليم الابتدائي انتقل إلى مدينة توقرت حيث تابع جزءًا من دراسته في المرحلة المتوسطة في متوسطة حي 400 سكن، ويذكر أن أهم أساتذته في تلك المرحلة هو الأستاذ (الباهي عبد المجيد)، ثم عاود اللحاق بمتوسطة عبد الحميد بن باديس بمدينة ورقلة، وأكمل دراسته فيها ونال شهادة التعليم المتوسط سنة 1974م، وفي المتوسطة نفسها تابع دراسته الثانوية سنوات 1974-1978م، ونال شهادة الباكلورية تخصص العلوم الطبيعية، وخلالها كان يتابع دراسته الدينية عند الشيخ (خالد شنتوت) أستاذ الفلسفة نزيل المدينة المنورة، وبعدها التحق للدراسة بجامعة باتنة بمعهد العلوم الدقيقة سنة 1978م إلى غاية تخرجه سنة 1981م، ثم أكمل دراسته سنة 1983م بجامعة وهران في تخصص البيولوجيا، ومنها انتقل إلى جامعة قسنطينة فأتم دراسته العليا سنوات 1984-1985م، وخلالها نجح في مسابقة الدخول لجامعة باب الزوار تخصص علوم النبات، ونجح في الالتحاق بقسم الدراسات العليا بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية في تخصص العلوم الإسلامية 1985م، وأثناءها نجح في الالتحاق بقسم الدراسات العليا بجامعة منتوري بقسنطينة في تخصص أمراض النبات، ونال شهادة الماجستير سنة 1988م تخصص أمراض نباتية (تخصص السموم الفطرية والعفنية)، وأثناءها تحصل على شهادة الدراسات العليا في تخصص العلوم الإسلامية بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة تخصص مقارنة الأديان.

وفي سنة 1987م التحق للتدريس بالمعهد الوطني للتعليم العالي للعلوم الإسلامية بباتنة، فضلا عن عمله بمعهد الزراعة الصحراوية بورقلة سنوات 1985م، ثم مدرِّسا بجامعة باب الزوار تخصص بيولوجيا.

والتحق بعده بجامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان ونال شهاد دكتوراة دولة في الأنثربولوجيا الثقافية سنة 2004م، ثم شهادة دكتوراة دولة في مقارنة الأديان سنة 2006م.

وعلى يديه تخرج العديد من الطلبة من حملة رسالة الماجستير والدكتوراة، وهو يشكل مدرسة وظاهرة فريدة بين مجموع الأساتذة الجزائريين في الفهم والتدقيق والتحليل، وهو من البقية الباقية من جيل المدرسين والوعاظ والدارسين الصالحين.

والأستاذ الدكتور العربي بن الشيخ بحَّاثة متميِّز، ونظّارة ثاقب النظر، ومحققٌ واسع الاطلاع، وقارئ متميز كما ونوعا، أصيل في تكوينه، ومعاصرٌ مواكب للجديد. له آراء تفرد بها في مختلف الفنون والعلوم التي تخصص فيها. وقد كان الشيخ محمد الغزالي يُنيبه رفقة الأستاذ الشيخ الطاهر مهاوات في الفتوى لعموم السائلين والمستفتين الذين يفدون إلى جامعة الأمير عبد القادر سنوات 1985-1987م.

في مركز الدراسات المعرفية بالقاهرة سنة 2003م ويبدو الأستاذ العربي بن الشيخ على يمين الصورة واضعا يديه على بعضهما

([1]) أعدَّ هذه الترجمة عن الأستاذ العربي بن الشيخ الأستاذ أحمد عيساوي نظرا لصداقتهما وأخوّتهما الوطيدة الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود 1988-2021م.

([2]) بلدية حجيرة نسبة إلى محمد بن عبد الرحمن بن حجيرة، وهو من الفاتحين الأوائل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • الناصح الأمين

    رحم الله تعالى أخانا الشيخ الاستاذ العربي وأسكنه فسيح جناته.. وكان رحمه الله تعالى أن والده سماه العربي تيمنا بالشيخ العربي التبسي الذي اغتالته الإدارة الاستعمارية الفرنسية...

  • سميرة. م

    رحم الله صديقك و اسكنه في جنات عدن . انا لا اعرف الفقيد لكن اعرف تماما حجم وجعك..فألمك ألمين...ألم فقدان أخ و صديق.. وألم الحرمان من حضور جنازته و توديعه بسبب كوفيد-19... ألهمك الله و كل احبته الصبر. اللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه..

  • عمر

    رحمة الله عليه

  • يوغرطة

    رحم الله شهدائنا الابرار رحمة واسعة

  • سهيلة خليف

    رحمه الله واسكنه فسيح جناته لقد انهدم باب من العلم الشرعي الذي لايعوض اذكر محاسن موتاكم

  • ميلود قرفة

    اللهم اغفر له وارحمه

  • مواطن

    علامة وشيخ وأستاذ.....لو زدت البحر الفهامة

  • عمر عمران

    رحمه الله وتقبله عنده في عباده الصالحين ونفع بعلمه

  • فاكهة الجبل

    سيموت الانسان وهكذا يعيش اصحاب القرار الخطأ

  • فاكهة الجبل

    الحجيرة تبعد عن ورقلة ببعض ااكيلوميترات ... انها جحيم يشبه الذي يذهب بقدميه الى جهنم لا رافة للطبيعة هنا انها مكان تضع ما بين ايديك خلفك مستأنسا بمكان فيه ظل فلا ظل هناك صحراء قاحلة لا حياة فيها لا نبات ولا حيوان ولا ماء وكأن الارض ما فيها سينتهي على ضفاف منطقة ثقيلة الهواء وعرة التنقل بها تصبح غريبا في وطن اهلك ومن خلاا ل هذه المبادرة اؤؤيد شباب ورقلة وسخطهم على مؤسسة تاكل لحومهم وتشوي عظامهم التي لم ينصف احد من اهل القرار اعطائهم مساحة لمضاعفة فرص النماء فهي ولاية كبيرة جدا لكنها فقيرة جدددا

  • المقنع الكندي

    عاش وحيدا.. وكان من أعز وأعظم الناس في عيني.. صحبته لأكثر من ثلاثة عقود .. كلها تقدير واحترام.. كان عالما بحق.. يرحمك الله تعالى أخي العربي.. أخوك و صديقك أحمد عيساوي