-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رد‭ ‬على‭ ‬رد

رد‭ ‬على‭ ‬رد

أبناء الشيخ عبد اللطيف سلطاني رحمه الله تفضلوا بالرد على ما جاء في حوار لي مع “الشروق”، وجاء ردهم، كما قالوا، دفاعا عن ذاكرة والدهم، وهذا ليس حقا لهم فقط ولكنه واجب عليهم، وبغض النظر عن أنهم كانوا، في تصوري، أقل من مستوى الراحل الكريم الذي دفع خلال حياته‭ ‬ثمن‭ ‬مواقفه،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬تقييمها‭ ‬أو‭ ‬تثمينها‭.‬

  • وكنت أتمنى لو راجع الأبناء من عرفوا مكتبة “مرازقة” في بداية الستينيات لأنهم كانوا سيسمعون كيف أن الشيخ كان ينتظرني في المكتبة إلى أن أكمل عملي الطبي في عيادة البحرية لنتحاور معا حول العديد من القضايا، وكان ذلك، كطبيب شاب عاش جانبا من حياته الدراسية في إطار‭ ‬بعثة‭ ‬جمعية‭ ‬العلماء‭ ‬المسلمين‭ ‬الجزائريين‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬كان‭ ‬يسعدني،‭ ‬لأن‭ ‬الشيخ‭ ‬كان‭ ‬رجلا‭ ‬يتسم‭ ‬بحسن‭ ‬الخلق‭ ‬ولطف‭ ‬المعشر‭ ‬وطيب‭ ‬الحديث،‭ ‬وكان‭ ‬يُكرر‭ ‬لي‭ ‬متابعته‭ ‬لما‭ ‬أكتبه‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮”‬الجيش‮”‬‭ ‬آنذاك‭.‬
  •     وكان يهمني لو راجع الأبناء ما كتبته عبر أكثر من أربعة عقود، ولم يرد فيه ما يمكن أن يكون افتراء على أحد أو إساءة مجانية لأحد أو ليّا لذراع الحقيقة، أو، طبقا لتعبير لهم خانه التوفيق، تسترا وراء القيل والقال.
  • ‭    ‬وهنا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أذكر‭ ‬بما‭ ‬قلته‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬‮”‬الشروق‮”‬،‭ ‬والذي‭ ‬جاء‭ ‬فيه‭ ‬حرفيا،‭ ‬وردا‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬للصحفية‭:‬
  • ‭    ‬‮”‬في‭ ‬حدود‭ ‬ما‭ ‬سمعته،‭ ‬وناقل‭ ‬الكفر‭ ‬ليس‭ ‬بكافر،‭ ‬كانت‭ ‬المشاكل‭ ‬بين‭ ‬السلطة‭ ‬والشيخ‭ ‬نتيجة‭ ‬لرغبة‭ ‬الشيخ‭ ‬تولي‭ ‬وزارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬بن‭ ‬بله،‭ ‬الذي‭ ‬فضل‭ ‬أن‭ ‬يكلف‭ ‬بها‭ ‬أحمد‭ ‬توفيق‭ ‬المدني‮”‬‭.‬
  • ‭    ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬كلمة‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬غير‭.‬
  •     كان كلامي واضحا، وليس فيما رويته حكم قيمة أو تثمين للشيخ، وقول الأبناء بأن ذلك مخالف للحقيقة يسيء للشيخ أولا، لأنه، كعالم متميز وكفقيه مقتدر، كان من حقه تماما أن يحس بأن الوزارة ليست أكبر منه، ولا يعيبه أن يؤاخذ نظام الحكم على تخطيه في التسمية، وبغض النظر‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬له‭ ‬مقاييسه‭ ‬في‭ ‬التعيينات‭.‬
  •     ولست هنا في مجال تقييم مسيرة الشيخ وخلفية تناقضه مع السلطة، خصوصا بعد طبع كتابه عن الاشتراكية في المغرب خلال المرحلة التي تزايد فيها التناقض الجزائري المغربي، فهذا دور المؤرخين، وأنا لا أخلط بين دور الشاهد والمتفرج وبين دور المؤرخ أو الدارس.
  • ‭    ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الإشارة‭ ‬كانت‭ ‬عابرة‭ ‬وأنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أقصد‭ ‬تلطيخا‭ ‬ولا‭ ‬إساءة‭ ‬لرجل‭ ‬كانت‭ ‬تربطني‭ ‬معه‭ ‬علاقات‭ ‬محبة‭ ‬واحترام‭ ‬متبادلين،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬اختلاف‭ ‬في‭ ‬الرأي،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬الحياة‭.‬
  •     ومن هنا أرى أن العبارة التي وصفني بها الأبناء وجاء فيها أن كلماتي “لا يلجأ لها إلا المتملقون”، (أمثالي بالطبع) هي سقطة منهم لم يكن لها ما يبررها، إذا كان الهدف هو فعلا تكريم الشيخ، لا مجرد إرهاب من لا يدخل في دائرة المريدين، أو انتهاز الفرصة للترويج لاتجاهات‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬لاجترار‭ ‬كلمات‭ ‬التمجيد‭ ‬والتكريم‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬خطب‭ ‬تأبين‭ ‬كل‭ ‬فقيد‭ ‬راحل‭.‬
  • ‭    ‬ولعل‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬ما‭ ‬أقوله‭ ‬أن‭ ‬الأبناء‭ ‬استعادوا‭ ‬ما‭ ‬قلته‭ ‬في‭ ‬الصحيفة‭ ‬من‭ ‬أسفي‭ ‬أحيانا‭ ‬لأنني‭ “‬لم‭ ‬أنتهز‭ ‬الفرص‭ ‬كما‭ ‬انتهزها‭ ‬آخرون‭”‬،‭ ‬يعرفهم‭ ‬أبناء‭ ‬الشيخ‭ ‬كما‭ ‬تعرفهم‭ ‬الملايين‭.‬
  •     وأنا أقول إننا جميعا، وطنيين وعلماء ومناضلين ومواطنين، بشرٌ، نجتهد ونصيب ونجتهد ونخطئ، وليس هناك من هو معصوم إلا الأنبياء والرسل، وعواطف الأبناء تجاه والدهم أمر جدير بالتقدير والاحترام، حتى ولو كانت هناك تجاوزات، وهذه يجب أن نتقبلها بصدر رحب، لأن ديننا‭ ‬يأمرنا‭ ‬بذلك‭.‬
  • ‭    ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬شعبنا‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬دفع‭ ‬ثمنا‭ ‬غاليا‭ ‬لمواقفه،‭ ‬فجاء‭ ‬تشييع‭ ‬جنازته‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ ‬الاحترام‭ ‬الذي‭ ‬يكنّه‭ ‬المواطنون‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬له‭ ‬مواقف‭ ‬متميزة،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الاتفاق‭ ‬أو‭ ‬الاختلاف‭ ‬معها‭.‬
  • ‭    ‬وصحة‭ ‬فطور‭ ‬الجميع‭.‬
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!