رسالة قويّة من محرز
خرج المنتخب الجزائري من كأس إفريقيا للأمم الجارية بالكاميرون من الدور الأول رغم أنه حامل النسخة السابقة التي لعبت بمصر في صيف 2019. آنذاك تمكّن المحاربون من قهر كل المنتخبات = الإفريقية الكبيرة، سواء كوت ديفوار أو نيجيريا وحتى السنغال. هذه المرة عجزت التشكيلة الوطنية عن هزم منتخبات ضعيفة لأسبابٍ متعددة أرجعها البعض إلى سوء أرضية الميدان والرطوبة العالية والحرارة الشديدة، وحتى التحضيرات المتذبذبة التي جرت بقطر والكوفيد الذي أثر على معظم اللاعبين الذين كانوا بعيدين كل البعد عن مستواهم الحقيقي، ولم يظهروا بتلك القوة التي ظهروا بها في سابق اللقاءات، ليودِّعوا المنافسة الإفريقية التي أظهرت للجميع أن كرة القدم لا تعترف إلا بحقيقة الميدان، فكم من منتخباتٍ كان الجميع يظنّ أنها ستُتوَّج باللقب الإفريقي، لكنها خرجت صفر اليدين، على غرار نيجيريا ومالي والجزائر… لتعيد هذه المنتخبات القوية حساباتها قبل اللقاء الفاصل المؤهل إلى نهائيات كأس العالم المقرر نهاية شهر مارس ذهابا وإيابا.
رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم الذي لم يكن ينتظر هذا الخروج المبكر من المنافسة القارية، اجتمع بفرنسا قبل عودته إلى الجزائر بالناخب الوطني جمال بلماضي وأعلمه بضرورة تنظيف البيت، واتخاذ قرارات حاسمة، ليتمكن المنتخب من لعب اللقاء الفاصل أمام المنتخب الكاميروني في أحسن الظروف وهو ما وافق عليه الناخب الوطني، فاجتمع مباشرة بمقر الفاف بكل الإداريين الذين رافقوا الخضر في رحلته الإفريقية وقرر إبعاد المسيّر الإداري العامّ أمين العبدي، وتعويضه بجهيد زفزاف، أحد الكفاءات التي رافقت المنتخب الوطني في المشاركتين الأخيرتين في كأسي العالم 2010 و2014، وتغييرات أخرى منتظرة مستقبلا لإعادة الهدوء إلى بيت “الخُضر” بعد العاصفة التي ضربته مؤخَّرا، وحرمته من التألق في العرس الإفريقي.
رئيس “الفاف” شرف الدين عمارة ومنذ انتخابه على رأس الاتحادية لم يتدخل في تسيير المنتخب، ومنح كل الإمكانات لكتيبة بلماضي، لكنه أحسّ في كأس إفريقيا بالكاميرون أن بعض الأمور التنظيمية واللوجستية أثرت على المنتخب، فتحمّل مسؤولياته، خوفا من ضياع التأهُّل إلى المونديال القطري، ووجّه رسالة قوية إلى كل الذين كانوا يفضّلون مصالحهم الخاصة مفادها أنَّ المنتخب الجزائري فوق الجميع.. في إشارة منه إلى فتح تحقيقات داخلية لمعرفة أسباب الفوضى التي سادت المنتخب في الفترة الأخيرة، وطيّ صفحة الإقصاء من كأس إفريقيا، ووضع كل الإمكانات التي تمكّن التشكيلة الوطنية من لعب خامس مونديال في تاريخها.
قرار رئيس الاتحادية واكبه أيضا تصريح رياض محرز الذي أعاد الأمور إلى نصابها، محمِّلا نفسه كقائد الخروجَ المبكر من كأس إفريقيا للأمم، إذ قال بصريح العبارة: “انتظرتُ أياما قليلة قبل النشر على شبكات التواصل، لكن أعتقد أنه من المهمّ أن تشعروا بشعورنا تجاه هذه الخيبة الكبيرة. لن نقدِّم أعذارا رغم الظروف. نحن فقط لم نكن في المستوى وأنا أوّلا. عندما كان كل شيء يسير بشكل حسن فزنا وكنا في القمة وكان الجميع خلفنا وما زال الكثير من إخواننا ومشجعينا خلفنا اليوم”.
الرسالة القوية لمحرز خاصة عندما قال “سنتأهل إلى كأس العالم إن شاء الله. شكرا لكل من يدعمنا في الأوقات السعيدة والصعبة”، تؤكد أن كل اللاعبين متأثرون بالنتيجة السِّلبية المسجَّلة بالكاميرون، وعازمون على التأهُّل إلى المونديال رغم أن ذلك لن يكون سهلا في الظروف الحالية، ما لم تتضافر جهودُ الجميع، خاصة وأن الوقت غير كاف لإجراء تغييرات على مستوى التشكيلة، فاللاعبون الذين أخفقوا في التألق بالكاميرون هم من يحملون على عاتقهم، الفوز والتأهُّل إلى كأس العالم.. هدف صعب المنال، لكنه غير مستحيل، خاصة وأن منتخبنا يمتلك تشكيلة ثرية، لا ينقصها سوى إدماج بعض اللاعبين الشبّان المتألقين، مثلما كان عليه في السابق، فبلومي وماجر وعصاد وغيرهم تألقوا وهم لم يتجاوزوا العشرين سنة، فلماذا حرمان عمورة وتوغاي وزرقان من التألق مثل أسلافهم؟