رسومات الأطفال.. طرق تربوية مبتكرة
بالرغم من إهمال الكثيرين لها إلا أن رسوم الأطفال لها نكهتها الخاصة لمميزاتها والتي تتسم بالبساطة، والتلقائية، والصدق، فالرسم والزخرفة تساعد على تنمية ذكاء الطفل وذلك عن طريق تنمية هواياته في هذا المجال، ورسوم الأطفال تدل على خصائص مرحلة النمو العقلي، ولا سيما في الخيال عند الأطفال، بالإضافة إلى أنها عوامل التنشيط العقلي والتسلية وتركيز الانتباه.
ويؤكد مصطفى محمد عبد العزيز أستاذ علم نفس التربية الفنية ومادة تحليل التعبير الفني لفنون الأطفال البالغين بكلية التربية الفنية جامعة حلوان أن الطفل يعمل عمل الفنان فهو يدرك الواقع ولكنه لا يدركه كما هو إذا عبر عنه فهو يضيف أفكاره وخبراته الذاتية، فمرحلة الطفولة فيها نوع من أنواع الخيال، وفي سنوات معينة لا يستطيع طفلك أن يفرق بين الحقيقة والخيال، فهو أحيانا عندما يستيقظ من النوم يبكي لأنه رأي حلما مزعجا ويعتقد انه حقيقة؟ فلا تقولي أن ما يرسمه طفلك هي أساليب مرضية لأنها لا ترتبط بالواقع ولكنها أساليب سوية، فعندما يرسم طفلك وأصدقاؤه شجرة مثلا فكل واحد منهم يرسمها من وجهة نظره الخاصة.
رسائل طفولية
ولرسوم الأطفال وظيفة تمثيلية، تساهم في نمو الذكاء لدى الطفل، فبالرغم من أن الرسم في ذاته نشاط متصل بمجال اللعب، فهو يقوم في ذات الوقت على الاتصال المتبادل للطفل مع شخص آخر، إنه يرسم لنفسه، ولكن تشكل رسومه في الواقع من أجل عرضها وإبلاغها لشخص كبير، وكأنه يريد أن يقول له شيئاً عن طريق ما يرسمه، وليس هدف الطفل من الرسم أن يقلد الحقيقة، وإنما تنصرف رغبته إلى تمثلها، ومن هنا فإن المقدرة على الرسم تتمشى مع التطور الذهني والنفسي للطفل، وتؤدي إلى تنمية تفكيره وذكائه.
والرسم عملية دالة علي نسبة الذكاء، فأثناء عملية الرسم مطلوب من طفلك أن يوجد علاقة بين الأشياء، يبحث في تفاصيل الأشياء فهو يوظف جميع العمليات العقلية (التخيل والتذكرة والإدراك)، فعندما تشاهدي لوحة طفلك تستطيعين أن تتبيني هذه القدرة العقلية “الذكاء” من خلال إدراك العلاقات الموجودة بين العناصر والأشكال والأرضيات والتفاصيل في منطقية العناصر الموجودة والعكس إذا قل الذكاء فالذين يعانون من تخلف عقلي لا يهتمون بهذه العلاقات، فقد يدخلون بعض العناصر ليس لها ارتباط بالموضوع من جانب آخر هناك ارتباط وثيق بين مستوي التحصيل الدراسي لطفلك وبين مستوي رسمه، فكلما زادت درجات التحصيل الدراسي نتوقع زيادة في درجات الرسم.
الرسم.. والدلالات النفسية للطفل
وقد أثبتت بعض الأبحاث وجود علاقات، فطريقة وضع سن القلم علي اللوحة قد تكون فيها شدة أو عنف أو قد تتمزق الورقة نفسها، فهذه اللحظة هي محصلة لجميع جوانب الشخصية من زوايا اجتماعية وانفعالية وعقلية.. كذلك الأفكار التي يتناولها تبين إذا كانت هناك اضطرابات أولا.
فمثلا: أطفال الشوارع يبالغون في رسم الأشياء التي يخافون منها كرسم الشرطي، فقد تجدي طفلك يبالغ أو يهتم ببعض الأشياء أو العناصر ويهمل الأخرى، فهو يعكس بيئته النفسية والجغرافية، بدليل انه عندما تطلبين من طفلك رسم حديقة فهو يبدأ بالعنصر الهام بالنسبة له فقط، وهذا هام بالنسبة للنواحي النفسي والطبيعية، لأن ذلك يعكس تعلق الطفل بهذا العنصر ومدي حبه له، ثم يبدأ في طريقة السرد والاستدعاء حيث يبدأ في تذكر بقية العناصر الموجودة في الحديقة بغض النظر عن العلاقات المكانية لهذه الأشياء، كذلك طفلك أو طفلتك عند الرسم يرسمان 99% من الرموز التي تكون من نفس جنسهما لأنهما في العادة يتعاملان مع نفس الجنس أو حتى في فترة الاختلاط في الحضانة يريدان التأكيد علي ذاتهما.
تنمية الموهبة
وتتساءل الأمهات متى يبدأن في الاهتمام برسوم طفلها، هذا يجب أن يكون منذ نعومة أظافره، بمجرد استطاعته الإمساك بأي أداة تمكنه أن يصنع خطا على الورقة، وفري لطفلك الأدوات منذ صغره، فالطفل يهتم في البداية بالأثر الذي تحدثه الأداة لأن هذا الأثر دائم، فهو يؤكد ذاته لأنه باستمرار يحتاج إلي غيره في ارتداء ملابسه أو عند أكله.. إلخ، فهذه العوامل تؤثر عليه لذلك فهو يتحين الفرصة لكي يؤثر في البيئة، ولكن عليك ألا تتعجلي في تفسير طفلك لرسوماته لأنك بذلك تكتبين إحساسه بالسعادة التي يشعر بها عندما يخط خطا علي الورقة، فاتركيه يضع وجهات نظره.
عليك أن تنمي موهبة طفلك من البداية، لابد أن تهتمي بأن يكون لطفلك ركنا خاصا للأوراق والألوان، ويمكنك وضع أرضية من البلاستيك لكي يستخدم طفلك أدواته بحرية، وعندما ينتهي طفلك من الرسم علميه كيف يضع لوحاته في مكان خاص به، وعليك أن تستعيني بذوي الخبرة عندما توجهي طفلك، وامتنعي عن شراء اللوحات والكتب المطلوب تلوينها لأنها مرسومة من وجهة نظر الكبار وليس الصغار فدوره فقط هو التلوين مما يشعره بعدم السعادة لأنه معقد لا يستطيع أن يرسم مثل هذه الرسوم، فاتركي طفلك يرسم ما يعتقده صحيحاً.
تقويم السلوك
وعموماً فإن سلوك طفلك الفني ينعكس علي سلوكه الاجتماعي أو الإنساني لان الأسلوب الفني يعتمد علي الاختيار والحذف والإضافة من أجل تأكيد بعض المعاني أو بعض العناصر، فطفلك إذا رسم خط مثلا فهو يقيمه إذا كان يرضي عنه فيكمله والعكس، هذا الأداء ينعكس علي أخلاقياته مما يجعله يؤكد علي معاني جيدة ويجعله قادرا علي حذف بعض الألفاظ أو السلوكيات التي لا يرضي عنها المجتمع، كذلك وضع طفلك دائما في مواضع اختيارية يؤثر علي حياته العادية فيستطيع أن يختار بسرعة في مواقف متعددة، كذلك يستطيع أن يوظف عملياته العقلية ويثقلها إلي التحصيل الدراسي فهو تدرب علي الملاحظة بعيدا عن حجرة الفن فيستطيع أن يكون ملاحظا جيدا لنواحي القبح أو الجمال في البيئة، وانعكاس هذه الأساليب من الأداء علي أسلوبه في حياته لا يمكن أن ينتج إرهابيا أو شخصا غير سوي بل ينتج شخصا ايجابيا لأنه يوظف استعداداته الجمالية وخبراته بالحياة ستصبح مكتملة، وعند وضعه في أي مجال يكون مسئولا فيه سينعكس بالتأكيد علي أدائه وعمله وتخطيطاته.
مراحل تطور رسومات الأطفال
ويؤكد د. مصطفى أنه في مرحلة الطفولة (من 2:4 سنوات) يبدأ طفلك في رسم تخطيطات عشوائية ثم تبدأ في الانتظام بعد ذلك، ثم تتحول إلي دوائر أو شبه دوائر، فطفلك هنا يشاهد لأول مرة العلاقة بين ما يرسمه وبين الواقع المرئي، فالدائرة بالنسبة له قد تمثل كف اليد مثلا ثم يبدأ بعد ذلك في تسمية الأشكال بعد رسمها، وهي أشكال لا تمت في هيئتها للواقع، فلا تستطيعي أن تتفهمي ما يرسمه طفلك إلا من خلال سؤاله.
أما من (4:7 سنوات): تصبح رسومات طفلك لها صلة بالواقع أو تكون مرسومة بطريقة عامة، كذلك تأخذ أشكالا شبه هندسية، وعندما يستخدم الألوان لا يستخدمها لأن لها صلة بالواقع ولكن لمجرد التفرقة بين العناصر والاستمتاع أثناء الرسم
من (7:9 سنوات): تشاهدين في هذه الفترة خصائص عديدة لرسومات طفلك منها:
ـ الشفافية: أي تري ما تحت المسطح الذي يرسمه حتى لو كان لا يشف عما تحته، فتشاهدين السمكة مثلا في الماء، فطفلك يرسم ما يعرفه بغض النظر عما يراه
ـ التسطيح: يرسم السيارة مثلا والعجل علي الجانبين لأن الرسم بالنسبة له يعتبر رسالة يبلغها للرائي
ـ الجمع بين الزوايا المختلفة في الرؤية: يرسم السيارة من منظر أفقي والحصان من منظر جانبي وكأنه يعدد لقطات المنظر الواحد
ـ الكتابة مع الرسم: هو في هذا السن يستطيع أن يكتب، والكتابة عنده تأخذ أسبابا كثيرة منها أنه يعرفك بأسماء الأشياء، وإذا كانت طبيعة الرسم بها كلام مثل: كلمة مدرسة أو إنه لا يستطيع أن يكمل الرسم فيكمله بالكلام
ـ الجمع بين الأزمنة المختلفة في لوحة واحدة: تأتي عندما تحكي له قصة وبطلها مر بأحداث كثيرة في أزمنة مختلفة فيجمع هذه الأحداث معا مع تكرار رسم البطل
ـ علماء النفس يقولون أن الطفل لا يستطيع أن ينتبه إلا عشرة دقائق أو أربع ساعات فقط، ولكنه أثناء الأداء الفني فهو مستمر في الانتباه حتى ينجز هذا الأداء.
