رفقا بأبنائنا..
المعركة المفتوحة بين نقابات التربية والوزيرة بن غبريط دخلت مرحلة خطيرة، وأصبحت تهدّد القطاع بالشلل بعد تغييب لغة الحوار واللجوء إلى أسلوب التصعيد والتحدي سواء من قبل الوصاية أو النقابات.
الوزيرة تهدّد بطرد المقتصدين المضربين، وتلوح بتطبيق القانون بشكل حرفي واسترجاع الأختام والمكاتب من المضربين وتغيير الأقفال وغيرها من الإجراءات والمصطلحات الغريبة عن قطاع التربية، ولم تبخل النقابات من جهتها، واختارت هي الأخرى لغة التصعيد، حيث هددت بتعميم العملية الاحتجاجية إلى حركة احتجاج شاملة تشل القطاع، وفي ظل هذا المشهد تلوح في الأفق أزمة كبيرة ستكون انعكاساتها سلبية على 8 ملايين متمدرس.
وككل مرة يكون التلاميذ هم الأداة التي يتم استخدامها لتحقيق المطالب، وما ينجر عن ذلك من تأخر في المنهاج الدّراسي وتراجع في المستوى العام وأخيرا يتم اللّجوء إلى إلغاء أجزاء كاملة من هذه المقررات تحت مسمى شهير هو العتبة التي تحولت مع الوقت إلى مطلب للتلاميذ يخرجون في مظاهرات لتحقيقه!!
على الوزارة التّوقف عن التّعامل مع قطاع التربية فللمدرسة حرمتها وللإطارات التربوية قيمتهم، ولا ينفع التهديد بقطع الأرزاق، لأن ذلك يزيد حدة الغضب ويدفع نحو مزيد من الاحتجاجات، وعلى النقابات كذلك أن تفكر في مصلحة التلميذ وتتوقف عن اتخاذه رهينة لتحقيق المطالب المهنية مهما كانت مشروعة.
الحل في الخلافات القائمة يكون بالحوار المباشر والتوقف عن “مبارزة الثيران” التي تميز العلاقة بين الوصاية والنقابات، من خلال التصريحات النارية والإساءات المتكررة من الطرفين على حساب استقرار القطاع الذي لم يهدأ منذ عقود.
كانت المدرسة ولا زالت الوجع الرئيسي لهذا البلد، واللّوم في ذلك على سياسة الدّولة إزاء هذا القطاع الحساس الذي يمثل الأمل الوحيد في تحقيق التطور، فتطور الأمم يقاس بمدى اهتمامها بالعلم وأهله، ومدى إنفاقها على برامج التعليم والبحث العلمي، والجزائر ضمن الدول التي تخصّص نسبة متدنية جدا من مداخيلها لهذا القطاع.
ولن يتحقق التطور مهما كانت المحاولات إذا لم تكن البداية من قطاع التعليم، ولن يتطور هذا القطاع ما دام الأستاذ والمعلم والإداري يتلقون راتبا أقل بكثير من راتب حارس ليلي في مؤسسة اقتصادية على أهمية الدور الذي يقوم به هذا الحارس.