-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وقفات رمضانية

رمضان.. الواعظُ الصّامت

سلطان بركاني
  • 1999
  • 0
رمضان.. الواعظُ الصّامت

قبل أيام قليلة كنا نستعدّ لاستقبال رمضان ونعدّ الأيام لقدومه، وها نحن الآن نعيش ساعات اليوم الرّابع والعشرين من أيام ضيفنا الغالي، الذي يأبى إلا أن يكون واعظا صامتا يهز النفوس الحية، ويذكر من تذكر بأنّ هذه الحياة الدنيا ظل زائل، سرعان ما يتحوّل عنه إلى دار القرار.

لا يزال رمضان يقرع أسماعنا بأنّ الواحد منا ينبغي أن يقنع نفسه بأنه ضيف في هذه الحياة، سرعان ما يحين أوان رحيله إلى داره التي يبنيها بأعماله، فإن بناها بخير طاب مسكنه، وإن بناها بشر خاب بانيها.

لا يزال رمضان يذكرنا بأننا ما خلقنا في هذه الحياة الدنيا لنأكل ونشرب ونلهو ونلعب، وإنما خلقنا لنعبد الله الواحد الأحد، ولتكون مرضاته عنا أسمى همّ نحمله وأنبل غاية نرجوها في هذه الحياة.

لا يزال رمضان يذكّرنا بأنّ الشّبع وطول النّوم يعميان القلب ويثقلان الروح ويطمسان البصيرة، ويفتحان أبواب الشهوات على النفس ويؤزّانها إلى الغفلة والمعاصي والمنكرات، وأن الجوع بالنهار والبكاء بالليل وبالأسحار، يغسلان القلب ويطلقان الروح من سجنها، ويكشفان الغشاوة عن البصيرة، ويضيقان مجاري الشيطان، ويفعلان في النفس الأعاجيب، وقد قال أحد الصالحين قديما: “تجوّع بالنهار بالنّهار وقم بالأسحار، ترَ عجبا من العزيز الغفار”.

لا يزال رمضان يذكرنا بأنّ السعادة كل السعادة في طاعة الله -جل وعلا- وخشيته واستشعار رقابته والتذلل والخشوع والتمسك والبكاء بين يديه سبحانه.

لا يزال رمضان يذكّرنا بأنّ راحة النّفس الحقيقيةَ ليست في التهرّب من التكاليف وفي إضاعة الأوقات، وإنّما هي في إتعاب النفس ونصبها في طاعة الله سبحانه، روي عن الربيع بن خثيم أنه صلى ليلة حتى أصبح، فأنكر عليه أحد أصحابه وقال: أتعبت نفسك!، فقال الربيع: بل راحتها أطلب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!