روابط برلمانية متينة بين بريطانيا والجزائر
لقد كانت الآونة الأخيرة، كما جاء في العديد من الجرائد، فترة حافلة بالنسبة للدبلوماسية في الجزائر العاصمة، إذ يظل زملاؤنا في وزارة الخارجية مشغولين جدا باستقبال زيارات من بلدان كثيرة بما فيها المملكة المتحدة. حيث استقبلنا بداية هذا الأسبوع زيارة هامة من لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، كان على رأسها رئيس اللجنة، السيد ريتشارد أوتاوي، مرفوقا بوفد صغير.
كانت زيارتهم إلى الجزائر في إطار جولة استعلامية في المنطقة للقيام بتحقيق برلماني حول عدم الاستقرار السياسي والتطرف في غرب وشمال أفريقيا. وأول نقطة نود التأكيد عليها هي أن أعضاء اللجنة أقروا بأن الجزائر بلد مستقر ورحبوا بالدور الذي تلعبه في مجال مكافحة الإرهاب في منطقة غير مستقرة.
لقد أتى كل من رئيس اللجنة وأعضاؤها إلى الجزائر من أجل الإنصات، إذ كما يحدث عادة عند النظر في الأحداث من الخارج، من الصعب، بل من المستحيل، أن نفهم حقيقة ما يحدث في الواقع. فلا يمكن للكتب أن تخبركم سوى بكمّ محدود من المعلومات وغالبا ما يكون لتقارير وسائل الإعلام وجهة نظر يمكن أن تحجب الفهم الحقيقي. لذا فلكي نفهم بلدا ما والمنطقة التي يقع فيها حق الفهم فليس هناك بديل أفضل من الزيارة. هذا وتدرك اللجنة أن كتابة تقرير إلى برلمان المملكة المتحدة حول الأحداث في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل تستوجب بالضرورة زيارة الجزائر.
عندما ننظم زيارات هنا في السفارة، فإننا نأخذ على عاتقنا مسؤولية تعريف وفودنا من المملكة المتحدة على مجموعة واسعة من وجهات النظر. وهذا هو سبب تنظيمنا برنامجا مكثفا من يومين شمل لقاءات مع مسؤولين حكوميين وأكاديميين ومعلقين سياسيين ومجتمع مدني ومنظمات دولية.
جمعت اللجنة لقاءات مع الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، ووزير الخارجية، السيد مراد مدلسي، فضلا عن السيد أبو عبد الله غلام الله، وزير الشؤون الدينية والأوقاف. كما لقينا أيضا ترحيبا حارا من رئيسي لجنتي الشؤون الخارجية في كل من مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني. وبالتالي فقد أجرت اللجنة مناقشات رفيعة المستوى حول الأمن في منطقة الساحل، والاندماج المغاربي، وعدم الاستقرار السياسي، ومالي، وتجربة الجزائر في التعامل مع الإرهاب والتطرف. كما ناقشنا أيضا الدور الإيجابي الذي يمكن أن يلعبه تعاون اقتصادي أكبر مع المنطقة في ضمان الاستقرار ووضع حد للفقر.
أما على الجانب غير الحكومي، فقد التقينا أكاديميين وأعضاء الاتحاد الإفريقي وممثلين عن مختلف المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وكانت كلها اجتماعات قيمة سمحت للجنة بالاطلاع على العمل الهام الذي يجري بالتعاون مع السلطات الجزائرية والإقليمية.
حظيت الزيارة بتغطية إعلامية جيدة وقد كنت أبلغ بانتظام عن أحدث المستجدات عن طريق تويتر (@martynroper) بما في ذلك بعض الصور عن الزيارة والتي يمكنكم رؤيتها على صفحتنا في الفيس بوك. إننا نستعمل وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد لتوصيل رسالتنا حول أهداف المملكة المتحدة وسياساتها.
كما أعرب رئيس اللجنة قبل مغادرته عن مدى تقديره لهذه الزيارة. حيث عاد جميع أعضاء الوفد بفهم أكبر عن الجزائر والمنطقة المعقدة التي تقع فيها. وستساهم وجهات نظرهم، التي سيدرجونها في تقرير ينشر علنا، في تحديد مقاربة بريطانيا للمنطقة، وستقدم للحكومة مزيدا من التحدي والمناقشة القيمة، الأمر الذي لن يعود سوى بالفائدة على علاقتنا الثنائية وينتج عنه المزيد من التفاهم المتبادل ويجعل مناقشاتنا، لا سيما في الجانب الأمني، أكثر إثمارا.
لقد أنشأنا الآن روابط برلمانية ممتازة مع الجزائر من خلال هذه الزيارة وزيارة مجموعة الصداقة في البرلمان البريطاني قبلها. وقد أدى ذلك إلى سد ثغرة هامة في علاقاتنا الثنائية بصفة عامة والتي لا تزال تزداد قوة يوما بعد يوم.