الرأي

روسيا أكبر صديق لإسرائيل؟

أمريكا اكتفت الآن، بتكليف الأفارقة بمحاربة الإسلام، حتى تقول للعالم بأن الإسلام ليس عدو لأثرياء المعمورة وللمتقدمين تكنولوجيا واجتماعيا، كما كانت تزعم، وإنما هو عدو للبشرية جمعاء، بما في ذلك فقراء أنغولا ونيجيريا وإفريقيا الوسطى، بدليل أن الكثير من الدول الإفريقية الفقيرة، نست همّها مع الخبز والماء، وصارت تقتل المسلمين وتهدم مساجدهم.

 أمريكا اكتفت أيضا بتكليف بعض رجالات العرب من سياسيين ومثقفين ورجال دين لأجل تأجيج نار المعارك المذهبية حتى تقول للعالم، إنهم هم من أخرجوا كتب التاريخ وصاروا يتقاتلون بحجة الدفاع عن زوجات النبي وعن آل البيت، وهاهي الآن تكلّف روسيا بالدفاع عن إسرائيل بدلا عنها، وتحقق روسيا ما عجزت عنه الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود طويلة.

باراك أوباما فتى أمريكي الأسمر، قال في كلمة ألقاها بمركز سياسي خاص بالشرق الأوسط في واشنطن، أن أمن إسرائيل شيء مقدس بالنسبة للأمريكيين، وقدّم عرضا عن نجاحات لم تتحقق من قبل، لأجل المشروع الكبير الذي فتت الأمة العربية والإسلامية وجعلها تغرق في الفتن التي قد تتواصل إلى يوم الدين مادامت الفتنة بين الشيعة والسنة جاوزت الأربعة عشرة قرنا من الحياة .. عفوا من الموت؟

باراك أوباما ذكّر الإسرائيليين، بأن إيران لم تبق وحدها كما كانت، تفعل ما تشاء، فقد تم جرها طواعية لاتفاقية مع السداسية، ضمنت عبرها الولايات المتحدة التزام طهران بتوقيف برنامجها النووي، وذكّرها أيضا بأن سوريا دمّرت بمحض إرادتها سلاحها الكيميائي، الذي ظل على مدار عقود خطا أحمرَ، وذكّرها بأن العراق عاصمة العباسيين وسوريا عاصمة الأمويين ومصر عاصمة الفاطميين كلها دول تنتحر في اليوم ألف مرة، وذكّرها أيضا بالصراع المعلن بين المملكة العربية السعودية عاصمة الخلافة الراشدة المدعمة للانقلاب على مرسي، وتركيا عاصمة الخلافة العثمانية المساندة لمرسي، وكلاهما بلدان حسب التقارير الأمريكية معرّضان في وقت أرادت أمريكا، لأي عاصفة ربيعية على الطريقة الأمريكية، التي جعلت بعض العرب والمسلمين يظنون أن ما حدث في السنوات الأخيرة هو ثورة ربيعية بريئة تطل عبرها شمس الديموقراطية، ونشمّ منها رائحة الكرامة.

ومن دون أن يتحدث أوباما عن الشريك الأكبر، الذي حقق كل هذه الإنجازات، التي لم تغيّر خارطة الشرق الأوسط، وإنما أخلطت تاريخه أيضا، كان واضحا أن لروسيا اليد الأطول في تحقيق هذه الإنجازات الكبرى، لأنها هي من وقفت مع بشار الأسد حتى صمد أمام الطوفان، ثم أغرق البلد مثل مناوئيه في الدم، وبعدها أجبرته على أن يهتك “شرف سوريا الحربي” بنفسه، وهي التي جرّت إيران إلى طاولة السداسية على وزن النجمة السداسية، فرجعت كفة الميزان الحربي كما كانت دائما لصالح إسرائيل.

أمريكا لا تقطع علاقتها أبدا مع أعدائها، وما تعجز عن تحقيقه في فترة من الفترات، تجد من يجتهد ويحققه بدلا عنها وبأوفر النتائج، ولمن أراد أن يتأكد عليه أن يعود إلى”كرونولوجيا” أحداث سوريا وملف إيران النووي ليعرف أن روسيا نافست أمريكا وغلبتها كأقوى حليف لإسرائيل.

مقالات ذات صلة