الشروق العربي
زواج لا يتم.. لأن رصيدك غير كاف

..زواج المصلحة كالمكالمة بدون رصيد !

الشروق أونلاين
  • 20079
  • 4

يقال هناك من يولد وملعقة من ذهب في فمه، كل ما يتمناه يبلغه، ومن جهة أخرى نجد فينا من يندب حظه العاثر، يشب مكدا شاقٍا لكسب لقمة عيشه، عسيرة أموره لا تتغير يتمنى ومازال ينتظر فيجعل المال هدفه لتحسين وضعيته، ينهج شتى الطرق ليصله ويتخذ من زواج المصلحة طريقا معبدا يسلكه، قليلا ما تكون نيته في ذلك اتمام نصف دينه.. ظاهرة انتشرت من قبل شبابنا.. نحاول تسليط الضوء عليها من خلال الجولة التي قمنا بها في بعض احياء العاصمة.

التهافت على الزواج من امرأة ميسورة الحال!

زواج المنفعة واقع معيش يكون كفرصة أخيرة في يد الفرد لضمان مستقبله في المجتمع، فقد يذهب بتفكيره الزواج من امرأة ميسورة الحال، قد تكون لديها ملكية بيت أو سيارة أو حتى أنها تعمل.. و للغوص أكثر في هذا الجانب، كانت لنا دردشة مع بعض الذين تحدثنا معهم في اطار الجولة التي قمنا بها .

تقول حميدة 30 سنة “أنا ضد مثل هذا الزواج، فهو زواج مادة لا اكثر ولا اقل، حيث ان هناك الكثير من الرجال العاطلين عن العمل يفكرون في الزواج من امرأة تعمل حتى تكون الشهرية في يده وكأن المرأة هي لعبة يتحكم فيها كما يشاء”، في حين يرى “احمد” 25 سنة، ان هذا الزواج هو من فعل القدر سواء كان مصلحة أم لا، والمرأة هي التي ترى في الرجل مصلحة وليس العكس، فالثرية والميسورة الحال لا تحب الزواج حتى لا تفقد حريتها، وإن كان زواج فأكيد انه سيكون فيه مصلحة لعائلتين ثريتين ولن تنظر إلى فقير لا حول له و لا قوة”، و يقول شاب من باش جراح التقيناه أمام محطة القطار بحسين داي ان له جارا 30 سنة، تزوج من امرأة تكبره بعشر سنوات تملك سيارة ورصيدا بنكيا معتبرا وهي موظفة في مرموقة، فرغم انه كان زواج منفعة في البداية إلا انه احبها مع الوقت والآن لديه طفلين جميلين، اما بلال 28 سنة فيرى “الرجل منا مسكين يلجا إلى أي شيء لإتمام نصف دينه حتى لا يقع في الفواحش والمعاصي وحتى لو كان زواج مصلحة، وحسب رأيي المرأة وشروطها التعجيزية هي التي أوصلت مفهوم الزواج عنده أنه هو المال ولا شيء غيره”.

زواج المنفعة غايته الهجرة

ولأن كثيرا من شبابنا اليوم يجدون أنفسهم في قوقعة لا خروج منها سببها الظروف المعيشية المزرية ولا يستطيعون إكمال نصف دينهم، أدى بهم إلى البحث عن حلول، وزواج المنفعة واحد منها ظنا منهم أن الهجرة هي ملاذهم الآمن فيلجأون إلى التواصل مع مهاجرات وحتى أجنبيات، ولمعرفة رأيهم في زواج المنفعة، تقربنا من بعض المارة في نواحي “حسين داي” بالعاصمة وكان لكل رأيه في هذا.

يقول كريم 25 سنة “هذا الزواج متفش في المجتمع الجزائري، فأنا أعرف شخصا من حي “سوسطارة” تعرف على امرأة تحمل بجنسية مزدوجة فتزوجها وهاجرا سويا إلى كندا وهم يعيشان في سعادة، وأنا بدوري أطمح إلى ذلك”، في حين قال “سفيان ” 36 سنة “أنا لم أتزوج بعد، لكني مدمن على مواقع التواصل الاجتماعي ومداوم على مقاهي الأنترنيت، بحثا عن امرأة من أي بلد أوروبي كان للتواصل معها، وقد كانت لي تجربة، لكنها فشلت ولم أيأس، وأنا مع زواج المصلحة، لأنه الوسيلة الوحيدة حسب رأيي لأنفذ بجلدي من جحيم الفقر”. وقد ذهب “عادل” للقول ان لديه شقيقا ذاق الأمرين لتكوين نفسه في الجزائر، لكن دون جدوى، فجاءت له فرصة الهجرة إلى فرنسا فاستغلها، وبغية الحصول على وثائق الإقامة عمد إلى الزواج من مهاجرة مغربية وعمل مع أبيها فنجح في العمل وكوّن نفسه، لكنه فشل في زواجه. وحدثتنا امرأة في العقد الرابع من العمر، رفضت الكشف عن اسمها “زواج المصلحة غايته الخداع والمادة لا اكثر ولا اقل، وأنا لا أؤيد مثل هذا النوع من الزواج الا اذا كانت النية من ورائه بناء اسرة، وحسب رأيي الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يتخبط فيها معظم شبابنا هي السبب الرئيسي في ذلك”. 

حكم الشرع.. وجوب علو المصلحة الدينية على الدنيوية

و خوفا من الوقوع في الشبهات من جراء زواج المصلحة، أردنا معرفة رأي الدين فيه فتحدثنا مع السيد “فاروق زموري” وهو إمام في مسجد “سطاوالي”، حيث قال أن الزواج يكون على أساس تقوى الله في قوله صلى الله عليه وسلم “تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك”، فالفرد يخطب المرأة لأمور دينية اي انها ينبغي ان تكون المرأة متدينة ومتخلقة، أما الدنيوية اي انها تكون المرأة من عائلة شريفة أو غنية مع وجوب طغيان المصلحة الدينية على المصلحة الدنيوية أي المادية، لأن هذه الأخيرة زائلة، كما تأسف أنه في الآونة الأخيرة ظهر الزواج لمصلحة ما والقصد منه خسيس وإن كان الزواج لأغراض مادية في ظرف مؤقت فهو باطل والاسلام حرم الغش، فقد يريد الرجل الزواج بالمرأة لا لشيء سوى لامتلاكها سيارة او شيء آخر، فيقول صلى الله عليه وسلم “من غشنا فليس منا”، وهو زواج غير مثمر فيجب النظر إلى المصلحة الدينية، فينبغي ان يكون مال الزوج والزوجة واحدا لتسود روح المشاركة والتعاون، والاسلام جعل رابط الزواج بين الزوجين لإضفاء المودة والرحمة بينهما.

أخصائيو علم الإجتماع: “زواج المصلحة يجعل المجتمع هشا”

و نظرا لتفشي ظاهرة زواج المنفعة، أردنا استفسارأهل الاختصاص في علم الإجتماع، فيقول السيد “سعودي الياس” زواج المنفعة لا يؤدي أهداف الزواج المعروفة و هي تكوين أسرة متماسكة، فزواج المصلحة يكون دائما بنية الخداع و هذا يخلف آثارا سلبية على المجتمع”.


في حين يرى السيد “موسى كاف” أن هذا الزواج يجعل المجتمع هشا و يهدد مستقبل الأطفال، حيث يخلق له بيئة سلبية و يؤدي إلى التفكيك الأسري و كثرة إنتشار الآفات الإجتماعية، و يوجه أصابع الإتهام للزوجين اللذين خططا لمثل هذا الزواج مسبقا مع العلم بكل أضراره.

مقالات ذات صلة