ساعة الحقيقة..
ربما تأخرنا كثيرا في إطلاق الطبعة الدينية للشروق، لكن الفكرة كانت دائما تسكن طاقم الجريدة ومسيّريها، وكنت ممن يعتقدون ولا أزال أن المسحة الدينية التربوية يجب أن تمتد لتشمل كل ما نكتبه وما تخطه أيدينا من عمل صحفي، لتحوّله من خبر صحفي جاف لا طعم ولا ذوق له إلى قيمة إعلامية هادفة، حتى عندما نكتب عن الرياضة أو الاقتصاد أو الفن يجب أن نستشعر الرسالة النبيلة التي نؤمن بها ونستشعر معها حلاوة الخدمة العمومية التي نقدمها للقراء فنسعدهم بالجديد النافع المفيد.
-
الطبعة الدينية ليست سوى تتويجا لما يجول في خاطر كل الشروقيين منذ تأسيس الجريدة إلى اليوم، من مشاعر الارتباط بالعمق الجزائري والرغبة في تعميق هذا العمق الحضاري لدى العامة وربطهم دائما وأبدا بالمعاني المحمدية التي فطرنا عليها ونسأل الله عز وجل أن نعيش ونموت عليها.
-
إنها (الطبعة الدينية) واحدة من ثمار النجاح الذي تحققه الشروق كل يوم وفي كل الميادين، رغبة منا جميعا في أن نثبت لأنفسنا أولا وللناس أجمعين أننا صحفيون فوق العادة، نريد أن نخدم أمتنا ونتفانى في خدمتها بالغالي والنفيس، ونسعى لحماية ثوابت هذه الأمة بكل ما نملك من وسائل، نريد أن نحمي حياض اللغة العربية لأنها قطعة من أجسادنا لا نسمح باقتطاعها أو اقتلاعها أو مسخها أو نسخها، ونريد أن نساهم مع الخيّرين في هذا الوطن من أجل أخلقة المجتمع وإعادة إحياء كل المعاني الروحية التي اندثرت والحفاظ على المعاني التي ما تزال متجذرة فيه.
-
نريد أن نؤكد للمرة الألف أننا جزائريون بأخلاقنا وتدّيننا وشهامتنا وأصولنا البدوية العريقة وتطلعنا لغد أفضل وانفتاحنا على كل ما هو إنساني مفيد، نستفيد من نجاحات الآخرين ولا تعقدنا أفكار العلمانيين الزاعمين احتكار الحداثة والتطور والانفتاح، إنها واحدة من خصائصنا التي ندافع عنها في مجتمع نحترم تنوعه، لكننا نستميت في الدفاع عن عمقه الأخلاقي وعن جذوره الحضارية التي يريد بعض “الحداثيين” طمسها واقناعنا بتغيير وجهة السير نحو ضفة أخرى، بكل ما تحمل من مضامين ثقافية غريبة وبعيدة عن حقيقتنا الضاربة في جذور التاريخ.
-
لا نزعم أننا سنعّلم الجزائريين بهذه الطبعة الدينية تعاليم دينهم ورقائق عباداتهم وأحكام فقههم، لكننا نريد بهذا المولود أن نجذر الثقافة الدينية لدى الأجيال وندق ناقوس الخطر كلما تلاشت قيمة من القيم أو انحصر خلق من الأخلاق.. سنفتح الباب لكل المبدعين والمفكرين والعلماء والمهتمين ليساعدونا ونساعدهم في تسييج مجتمعنا من مخاطر الانحراف والانحلال والانحدار. وحتى إن كنا قليلو الجهد عديمو الحيلة، فإن الخير الذي يعمر جنبات هذا الوطن الحبيب سيكون الضمان الوحيد لنجاح مهمتنا.. بكم ومعكم ومن أجلكم.