-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ساعدني على خراب بيتك فأبناؤك خطـرٌ عليك!

أبو جرة سلطاني
  • 1212
  • 5
ساعدني على خراب بيتك فأبناؤك خطـرٌ عليك!
أرشيف

بعيدًا عن نظريّة المؤامرة، نسجّل أنّ الغارة على العالم الإسلامي زحفت علينا فلولُها تحت غطاء “الضّربات الاستباقيّة” منذ مطلع سنة 2003، وكان الهدف المعلن “تجفيف المنابع”. ولكن الإرادة الدوليّة، المتحالفة ضدّ الإرهاب العابر للقارّات، توجّهت إلى زعزعة استقرار الأنظمة الهشّة في عالمنا الإسلامي لضمان أمن الكيان الصهيوني، وبسط نفوذها على آبار النّفط. وقد تمّ تجريب إستراتيجية الضّربات الاستباقيّة ضدّ الكيانات الأكثر عداء للكيان الصّهيوني، بهدف إخراج كل ما تحت الأرض إلى العلن، وتوسيع رقعة الرّعب إلى مآرب تصبّ في رصيد الخطّة الكليّة لمفهوم الفوضى الخلاّقة، بالتّمكين للعملاء بإدارة المراحل الانتقاليّة طويلة المدى حتّى تصبح الشّعوب مهيّأة لقبول أيّ مخرج. وهو ما حصل فعلا في أفغانستان والصّومال والعراق وسوريا واليمن وليبيا..

من بين أهداف الفوضى الخلاّقة الاستيلاء على ثروات العالم الإسلامي، وبسط النفوذ على آبار النّفط، وخلخلة بنْية الأنظمة القُطريّة. وتفكيك نسيجها تحت مسمّى مكافحة الإرهاب، بذريعة تعقّب فلول الجماعات المسلّحة. وهو قولٌ حقّ أريد به باطل. ويؤيّدني في هذا الطّرح ما صدر في عدد كامل خصّصته صحيفة “نيويورك تايمز” لموضوع واحد غطّى جميع صفحاتها ـ على غير عادتهاـ مقالات وتحاليلَ وإحصاءاتٍ تناولت المخلّفات الكارثيّة النّاجمة عن الغارة التي استهدفت العالم الإسلامي بين 2003 و2018. من يوم العدوان الأمريكي/ البريطاني على العراق إلى ميلاد “الدّواعش” في كل مكان. بكلفة باهظة استنزفت أموالا ضخمة (بلغت 1706 مليار دولار. منها 830 مليار دولار سدّدتها الأنظمة العربيّة من أقوات شعوبها). وقتل 2,8 مليون إنسان.

ترى هذه الصحيفة: أنّ ثورات الرّبيع العربي كانت هزّات ارتداديّة لـ”عاصفة الصّحراء” التي خلّفت كارثة إنسانيّة؛ فبعد مرور 13 عاما على هذه الجرائم المروِّعة، تحدّثت صحفُ الغرب عن آثارها المدمّرة، لعلمها أنّ خطّة الفوضى الخلاّقة لم تكتمل فصولها بعد، فمازالت في نهاية مرحلتها الثّانيّة. أمّا مرحلتها الثالثة فسوف تشهدها البشريّة سنة 2021 عندما تصبح الأجواء أكثر تهيئة لزعزعة استقرار جميع الأنظمة القُطريّة، من خليج فارس إلى محيط نواقشوط، وسوف يتمّ إنهاك المخزون البشري لهذه الأنظمة، وسرقة نفطها وغازها لتكون الخاتمة استسلاما كليّا لمن يتوهّم قادتُها أنهم أقدر على إنقاذهم من أنفسهم وحمايتهم من شعوبهم.

ما هي الحصيلة الأوّليّة للموجة الأولى والثانيّة من خطّة الفوضى الخلاّقة؟

ـ فرار زهاء 68,5 مليون نازح، من جحيم أوطانهم بحثا عن الحقّ في الحياة، سوادُهم الأعظم من دول العالم الإسلامي (سوريا، العراق، أفغانستان، الصّومال، مصر، السّودان، اليمن، مينامار.. وبعض دول الخليج وشمال إفريقيا.

ـ بروز أزمة داخليّة في كل قُطر عربيّ، بالتّوازي مع ظهور بوادر تهديد خارجي، وفقدان الأمل في غدٍ أفضل..

ـ نموّ ظاهرة “الإسلاموفوبيا” بصبغ الإرهاب العالمي بصبغة إسلاماويّة، مع أنّ أغلب ضحاياه مسلمون، وميادين حروبه المفضّلة أرضُ الإسلام، وهدفه الأوّل كسر شوكة أنظمة العالم الإسلامي وتقويض دوّله الوطنيّة.

ـ هلهلة النسيج القديم، دون بلورة بديل واعد في أيّ قُطر من الأقطار المنكوبة، الأمر الذي حوّل الثّورات إلى مرْجعٍ مُخيفٍ للشّعوب، نتيجة الإسراف في القتل، وارتفاع تكلفة تغيير الواقع من الدّماء والتشريد والهجرة والآفات الاجتماعيّة.

ـ تآكل رصيد الثّقة بين الأنظمة وشعوبها، وتلاشي مفهوم الوطنيّة أمام المذهبيات والإثنيات والعشائر والقوميات والطّوائف.. وتجّار الأزمات وأثرياء الحرب ونهّازي الفرص..

ـ إدارة الظهر للقضيّة الفلسطينيّة والتحريش بين فصائلها، لصالح الكيان الصهيوني الذي يُعدّ المستفيد الأكبر من نتائج الفوضى الخلاّقة ومن تداعيات ثورات الرّبيع العربي. لاسيما في مصر، واليمن، وبصورة أقلّ في ليبيا وسوريا.

كانت عمليّة تقويض الأنظمة التقليديّة نشاطا سهلا، لكنّ إعادة تأسيس أنظمة بديلة تستجيب لأشواق الشّعوب وتطلّعات الأجيال الصّاعدة بات حلما بعيد المنال، لأنّ العالم اليوم لم يعُد يسمح ببناء نموذج دولة خارج الأنماط المحكومة بالشّرعيّة الدّوليّة. ونحن الآن في آخر مرحلة من مراحل الموجة الثّانيّة من خطّة الفوضى الخلاّقة، التي دكّت موجتها الأولى أرض الرّافدين بين 2001 إلى 2010 تحت مسمّى إخراج الدبّ من مكمنه. والموجة الثانيّة كان شعارها قطع الشّجرة بغصن من أغصانها، بين 2011 إلى 2020. وسوف تبدأ الموجة الثالثة سنة 2021، بأهداف لم تتحدّد معالمها بعد، ولكنّ جميع المؤشّرات تدفع باتجاه التّمكين لكيانات مواليّة لصنّاع القرار العالمي يتوفّر المرشَّحون لها على ثلاثة شروط لازمة:

1ـ الاستعداد للتّضحيّة بكل القيم والأعراف مقابل التثّبيت في عرش السّلطة، دونما نظر إلى الوسائل المستعمَلة للوصول، فالغاية تبرّر الوسيلة.

 2ـ الالتزام الصّارم بضمان أمن الكيان الصهيوني، والتعاون معه لخنق المقاومة وتجفيف منابع الدّعم والإمداد، إلاّ ما كان مساعدات إنسانيّة (غذاء، كساء، دواء..)

3ـ التعهّد بمحاصرة الإسلام، بجميع الوسائل: التربويّة والتعليميّة، والإعلاميّة والاتّصاليّة، والفنّيّة والثّقافيّة، والتّشريعيّة والقانونيّة، وعلى مستوى الخطاب السياسي والعلاقات الخارجيّة والنّشاط الدبلوماسي.. تحت شعار عالمي فضفاض هو: التّعاون على مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع العنف والتطرّف.

فتلوين الإرهاب باللون الأخضر، وتوسيع بؤر “الإسلاموفوبيا” هي السياسة العالميّة المنتهَجة منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 إلى اليوم، وسوف تستمر هذه الموجة في العصف والاتّساع إلى عشر سنوات مقبلة، بذريعة ضمان الأمن والاستقرار العالمييْن، والتعاون على مكافحة الإرهاب العابر للقارّات. وكلنا يعلم أنهم هم من صنعوه: تدريبا، وتمويلا، وتسليحا، وتوجيها، وانتقاءً لأهدافه.. وليس في كل هذا غرابة. ولكنّ الغرابة أنْ يتمّ تنفيذُ خطّة عالميّة، تستهدف استئصال شأفة العالم الإسلامي، بأيدي أنظمة يُقْسم حكّامها، أمام شعوبهم، بالله العليّ العظيم أنهم سيسهرون على حماية الإسلام، وعلى رعاية ثوابت الأمّة ومكوّناتها، والحفاظ على أمن الدّولة واستقرار المجتمع وسيادة القانون وشيوع الحرّيات في ظل مواطنة كاملة لا تفرّق بين ذكر وأنثى، ولا بين شمالي وجنوبي، ولا بين شرقي وغربي.. لكنّ الفرق واسعٌ بين الخطاب الرّسمي والفعل الحضاري. وللحديث صلة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • مفلاح لخضر

    أشكر الشيخ أبو جرة على هذا التحليل الواعي. ..ولكن أطلب منه بما حباه الله من القدرة على التحليل و فهم الواقع الدولي و استشراف المسقبل ، أن يضع خطة عمل لانقاض العالم الاسلامي في صورة كتيب عاجل ... والله هو الموفق. والسلام عليكم .

  • إلى رقم 1

    هالة الهوية العربية الإسلامية هي السلاح الأكثر فتكا بالشعوب العربية والإسلامية المستعمل من طرف معظم الساسة الفاسدين ( هم - الساسة - أخطر على شعوبهم من كل الأستعمارات في التاريخ ) المتسلطة على الشعوب الساذجة حد البلادة والمنومة باستعمال مرهم " العروبة والإسلام" معطل الفكر وإعاقة الذهنيات أساس الجهل والإرهاب وكل التورات

  • عبدو

    حقيقة ما تعيشه الامة حاليا اخطر مما كان عليه الحال اين هيمنت قوى الاحتلال على مجموع اراضي الاوطان العربية والاسلامية ، وبالرغم من انها تخلصت من ربقته عسكريا الا انه اعاد فبركة الاحداث للعودة لسببين اثنين على الاقل اولهما نفاذ مخزوناته من المواد الاولية عندهم والاثاني تكبيل الامة حين راى ان الصحوة تنتشر رغم كل المكائد والدسائس وزرعه حكانا وكلاء لحراسة مصالحه والصد عن سبيل الدعوة والوجهة الصحيحة وهو ما جعله ينفذ ذلك دون الاعتماد عليهم لفشلهم امام شعوبهم عدا التمويل وفتح البلاد لقواعدهم العسكرية خضوعا وخنوعا ولم يرض عنهم رغم كل شيء ، فالموضوع سياخذ من عمر الامة مرة ثانية جيلا او جيلين

  • Algerien algerie

    ليتهم يُوعُون يا أستاذ أبو جرة

  • مواطنة جزائرية

    يقوم الغرب و الكيان الصهيوني بالتآمر لمحو الهوية الاسلامية و العربية و لكن كل من يتحدث عن هذه الخطط و المآمرات ينسى أهم طرف في المعادلة و هو "رب الكون" الذي اليه يرجع الأمر كله و"و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين" ،اذا أراد المسلمون ان يحافظوا على دينهم و عقيدتهم حقافعليهم التمسك بالقرآن و سنة نبنيا عليه الصلاة و السلام و التسلح بالعلم ، اذا كان الله معك فمن عليك و اذا كان عليك فمن معك.