-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رغم استبعاد تكرار سيناريو المغرب مع الجارة الشرقية

سجال في تونس بعد إطلاق الجزائر أنبوب غاز ثان مع إيطاليا

محمد مسلم
  • 8577
  • 0
سجال في تونس بعد إطلاق الجزائر أنبوب غاز ثان مع إيطاليا
أرشيف

خلف إعلان الرئيس عبد المجيد تبون إنشاء أنبوب غاز ثان يربط بين الجزائر وجزيرة سردينيا الإيطالية من دون المرور على التراب التونسي، جدلا سياسيا وإعلاميا كبيرين في الجارة الشرقية، توجّسا من تكرار ما حصل مع نظام المخزن المغربي في سنة 2021.
وجاء الإعلان عن هذا المشروع خلال زيارة رئيس مجلس الوزراء الإيطالي، جورجيا ميلوني، إلى الجزائر الأسبوع المنصرم، غير أن هذا المشروع قديم ويدعى “غالسي”، وقد كان قريبا من التجسيد قبل أن يتوقف في ظروف غامضة، في وقت كان الطلب على الطاقة أقل حدة من الآن، غير أن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا وما خلفته من تحولات جذرية تهز العالم حاليا بشكل أجج سياسة المحاور، أعادت الأهمية له.
بعض الأوساط الإعلامية في تونس جعلت من هذا المشروع محور نقاش بين خبراء ومختصين وإعلاميين، مستحضرين قرار السلطات الجزائرية، عدم تجديد عقد أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، الذي كان يربط الجزائر بإسبانيا عبر التراب الإسباني، في نوفمبر 2021.
ومعلوم أن عدم تجديد عقد أنبوب الغاز المار عبر التراب المغربي تسبب في خسائر فادحة لنظام المخزن المغربي، لاسيما وأنه جاء في وقت كانت أسعار هذه المادة الحيوية في مستويات خيالية، كما يعتبر مختصون هذا القرار، الذي جاء في سياق عقوبات جزائرية على مملكة المخزن، من بين الأسباب التي أدت إلى تضرر الاقتصاد المغربي ومن ثم انهيار قيمة الدرهم ووصوله إلى مستويات غير مسبوقة، مقارنة بالعملة الأوروبية الموحدة “اليورو” والدولار الأمريكي.
وعلى الرغم من المخاوف التي عبّر عنها بعض الإعلاميين في البلاطوهات، إلا أن مختصين تونسيين نبّهوا إلى غياب وجه المقارنة بين الحالتين، لأن العلاقات الجزائرية التونسية توجد في أحسن حالاتها، فضلا عن أن الرئيس تبون عندما أعلن عن مشروع الأنبوب الجديد لم يتحدث عن إغلاق الأنبوب الساري العمل به “ترانس ماد” أو “أنريكو ماتيي”، كما يسمى أيضا، نسبة إلى صديق الثورة الجزائرية الراحل.
كما أن مشروع الأنبوب الجديد، وفق مختصين تونسيين، جاء من أجل رفع إمدادات الغاز الجزائري المصدر إلى إيطاليا تماشيا والاتفاقيات الموقعة بين مسؤولي البلدين منذ أفريل المنصرم في كل من الجزائر وإيطاليا، وهو ما يجعل دور الأنبوب الجديد يتمثل فقط في نقل الكميات المضافة في العقود الجديدة، التي لا يتمكن الأنبوب القديم من نقلها، فضلا عن كون الأنبوب الجديد له أهداف أخرى لا يتوفر عليها الأنبوب القديم، وهي علاوة على نقل الغاز، نقل الكهرباء والهيدروجين الأخضر والأمونياك.
وبالإضافة إلى ذلك، فالحالة التونسية تختلف تماما عن الحالة المغربية، فبين تونس والجزائر علاقات دبلوماسية في مستوى عال من التنسيق، وهناك مساعدات تقدم باستمرار من قبل الجزائر لجارتها الشرقية لتجاوز أزماتها، أما في الحالة المغربية فالعكس تماما. فهناك مواقف عدائية من الرباط تجاه الجزائر، كما قال وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، في بيان إعلان قطع العلاقات الثنائية.
ومن بين تلك الأعمال العدائية كما هو معلوم، تحريض نظام المخزن وزير خارجية الكيان الصهيوني الأسبق، يائير لابيد، على التهجم على الجزائر من العاصمة المغربية في ندوة صحفية مشتركة مع وزير خارجية المخزن، ناصر بوريطة، فضلا عن تعرّض ممثل النظام المغربي في الأمم المتحدة، عمر هلال، للوحدة الترابية للجزائر، بدعمه لحركة “الماك” الإرهابية، من دون تقديم اعتذار.
وانطلاقا من كل ما سبق، يمكن القول إن السلطات الجزائرية لا تستهدف البتة الأنبوب القديم المار عبر التراب التونسي، والذي يساعد “الشقيقة الصغيرة” على تغطية الكثير من حاجاتها الطاقوية والمالية، في شكل رسوم، وهو الامتياز الذي عوقب نظام المخزن المغربي بحرمانه منه، بسبب مؤامراته ودسائسه تجاه جارته التي تكرّمت عليه لما يقارب الثلاثة عقود، لينطبق عليه القول المأثور “من كان في نعمة ولم يشكر خرج منها ولم يشعر”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!