سطيف ولامبتى وبارادو
سؤالان محيران على شفاه عشاق كرة القدم الجزائرية.. هل كان الحكم الغاني جوزيف لامبتي الذي أدار مباراة المريخ السوداني مع وفاق سطيف الجزائري في الخرطوم مساء الأحد الماضي ظالما؟ وأين ستقام المباراة الأولى لفريق بارادو مع اتحاد بلعباس في افتتاح دوري الدرجة الثانية الجمعة المقبل بعد أن رفضت إدارة نادي اتحاد العاصمة استضافتها على ملعب عمر حمادي؟
قبل الإجابة عن السؤالين يجب أن نتطرق إلى جانبين مهمين أولهما يتعلق بماضي الحكم الغاني ووالده.. والثاني يتعلق بأبسط العناصر المطلوبة لتأسيس أي ناد في الدول المتقدمة ومقومات السماح له بالمشاركة في مسابقات كرة القدم الرسمية.
أولا.. لامبتي اسم شهير جدا في مجال التحكيم في غانا.
الأب جورج لامبتي كان حكما دوليا في السبعينيات والثمانينيات.. وكان له أدوار مؤسفة ومشهودة في تحديد نتائج مباريات التأهيل لنهائيات كأس العالم خلال تلك الفترة.. ولا ينسى المغربيون فضيحته في مباراتهم في كنشاسا ضد منتخب زائير في ديسمبر 1973.. وشهدت ضربا مبرحا أسفر عن إصابة فراس أحمد وخروجه بلا أي عقوبة للمعتدي.. ثم احتساب هدف للزائير بعد ضرب ودفع الحارس المغربي شاوي الممسك تماما بالكرة.. ثم هدف آخر شديد الشبه ثم طرد المغربي زهراوى وفازت الزائير 3- صفر وتأهلت.. وتعرض جورج للإيقاف غير مرة ولكنه تجاوز أزماته الواحدة تلو الأخرى حتى أصبح عضوا في لجنة الحكام العليا بالاتحاد الإفريقي.. وجاء الابن جوزيف في الألفية الجديدة ليسير بامتياز على طريق والده.. وكم صرخت الأندية والمنتخبات من أفعاله وقراراته إلا أنه يمتلك دعما خفيا في أروقة الاتحاد الإفريقي ما يتيح له الاستمرار في الملاعب.
الماضي الخاص بجورج وجوزيف لامبتي مثير جدا للجدل.. ولذلك لا تبتئس عندما يطرد جوزيف لاعبا من وفاق سطيف لسبب يتجاوزه أغلب الحكام بل ويتجاوزه لامبتي نفسه في مباريات أخرى وربما في نفس المباراة.. ولا تندهش من احتسابه لركلتي جزاء لصالح أصحاب الملعب.. وإذا كان المريخ هو المستفيد أمس من هدايا لامبتي فسيأتي اليوم الذي يصرخ المريخ أو ناد سوداني آخر أو منتخب السودان من أفعال لامبتي.. وربما من الجيل الثالث لعائلة لامبتي إذا كان له ولد.
وفاق سطيف تعرض لظلم تحكيمي واضح في مباراته في الخرطوم.. ولكن التأقلم مع الظلم بات ضرورة في المسابقات الإفريقية.. وهل ينسى أحد ما فعله الحكم الموريسي مع منتخب تونس في نهائيات كأس الأمم الإفريقية الأخيرة.
ونتحول إلى أزمة الملاعب.. والقرار الصادر من إدارة نادي اتحاد العاصمة برفض استضافة مباريات نادي بارادو الوافد الجديد لدوري الدرجة الثانية على ملعب عمر حمادي.. ولم يبق على موعد المباراة إلا أيام قليلة مما يثير مشكلة حول احتمالات تأجيلها إلى حين إيجاد الملعب البديل.
وتعيش الكرة الجزائرية مثل معظم نظيراتها في المنطقة العربية أزمة حادة في نقص الملاعب الصالحة لاستقبال المباريات.. وبعيدا عن فقر أغلب الدول العربية والإفريقية في البنية التحتية الرياضية، يمثل غياب القانون أو تجاهل اللوائح جانبين رئيسيين في تلك الأزمة.. وأبسط قوانين ولوائح تأسيس الأندية والسماح لها بالمشاركة في بطولات كرة القدم المحلية هو امتلاك النادي لملعب قانوني يستضيف المباريات الرسمية وفقا للشروط التي يضعها اتحاد اللعبة.
ولكن تأسيس الأندية في الجزائر والسماح بمشاركاتها في البطولات الرسمية بل والقارية (ومنذ عقود طويلة) يقفز فوق القوانين واللوائح.. ولكيلا نقسو على الأشقاء في الجزائر نذكر الجميع أن ناديي الأهلي والزمالك أكبر ناديين في مصر وهما الأكثر فوزا بالألقاب القارية يعيشان منذ سنوات طويلة نفس الأزمة التي يعيشها فريق بارادو حاليا.. ولا تمر مباراة مهمة لأحد الناديين المصريين إلا ويسبقها جدل حول مكان إقامتها.
لا مجال لنا الآن للبكاء على اللبن المسكوب ولا لفتح جراح قديمة.. ولكن علينا أن نصلح ما يمكننا إصلاحه.. ونبدأ في تطبيق القوانين واللوائح بصرامة مع أي ناد جديد يريد الإشهار أو المشاركة في البطولات المحلية، وعلى المسؤولين في الحكومة وفي الولايات أن يسارعوا في بحث أزمة نقص الملاعب للوصول إلى صيغة اتفاق ملزمة لكل الأندية.. ويتم توزيع الأندية المشاركة في المسابقتين الكبيرتين على الملاعب المتاحة في كل مدينة أو ولاية مع إعطاء الأولوية طبعا للنادي صاحب الملعب أو للنادي الذي يلعب في دوري المحترفين.
ونكرر ما ذهبنا إليه في الأسابيع الأخيرة من ضرورة تخصيص ميزانية مناسبة لإقامة عدد من الملاعب متوسطة السعة (بين 15 و45 ألف متفرج) بين المدن والولايات بطريقة تتناسب مع تعداد السكان ونشاط كرة القدم في تلك المدن والولايات.. ولا يليق أبدا بدولة في مساحة وتعداد وإمكانات الجزائر أن يقل عدد ملاعبها الجيدة عن مائة ملعب.