الرأي

سقوط آخر أوراق التوت

حسان زهار
  • 1676
  • 6
ح.م

يبدو أن كل أوراق التوت التي كان البعض يغطي بها سوءاتهم، قد سقطت تباعا.. وهم يشاهدون سيف العدالة أو ما يسميه البعض بـ”المنجل” يجز الرؤوس جزا.

ما سموها بداية بأنها “مسرحية”.. ها هي الآن تبدو لهم مثل الكابوس في أحلامهم، وقد سقطت كل الأسماء تقريبا التي رفعوها تحديا لكي يزايدوا بها على العدالة وعلى المؤسسة العسكرية.. لإثبات صدقيتها في محاربة الفساد.

اليوم، ترفع الحصانة عن بهاء الدين طليبة، وقبله عن محمد جميعي.. ولم يعد في جعبة المشككين والمدلسين وأصحاب النوايا الخبيثة، من أسماء أخرى يرفعونها لتنقذهم من ورطتهم.. التي وضعوا أنفسهم فيها.. إلا أن يقوموا بعملية انتحارية أخيرة، ويطالبون بإثبات حسن النوايا.. باعتقال زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون.

تذكرون في بدايات الحراك كيف كانت السمفونية.. كانوا يتحدون قيادة الجيش باعتقال رؤوس العصابة.. حتى أن لغديري سخر من الوضع متهكما “اقبض على السعيد ومن بعد أدينا كامل للحبس”.

ثم رفعوا السقف وطالبوا بالقبض على قيادات المخابرات.. ثم رفعوها وطالبوا برأس أويحيى وسلال.. ثم وسعوا من دائرة التحدي إلى الوزراء والفاسدين جميعا..

وفي كل مرة كانت تخيب آمانيهم وظنونهم.. لأن سيف العدالة لم يكن يتحرك بأوامرهم، ولكنه كان يتحرك وفق آليات مرتبطة بالعدالة وبقرائن الإدانة، إلى أن وصلنا أخيرا إلى من ظلوا يسوقونه في إعلامهم المأجور.. وتنكشف كل أكاذيبهم التي ظلوا يضحكون بها على ذقون البسطاء.

تماما كما انكشفت تخاريفهم بعد انتخاب جميعي على رأس الأفلان، بأن ذلك دليل آخر على أن التوجه الجديد يريد “الفاسدين” على رأس الأفلان، وأنه لم يكن انتخابا وإنما تعيين وصفقة.. ليتضح بعدها أنهم كانوا يرجمون بالغيب وما كانوا من الصادقين.

وكما كان متوقعا، بدل أن ترحب هذه الأطراف بهذه الحركية في محاسبة الفاسدين الذين كانوا هم يطالبون بمحاسبتهم، انتقلوا كعادتهم، إلى إنتاج المزيد من السخافات، التي تدينهم وتجعل منهم أضحوكة بين الشعب.

فماذا يريدون إذن بالضبط؟

لقد قلنا ذلك مرارا وتكرارا، الهدف ليس تحييد العصابة ومحاربة الفساد.. ولا تنظيم انتخابات حرة ونزيهة.. الهدف هو أن يتم تسليمهم الحكم على طريقة “المفتاح في اليد” التي كانت تعتمد عليها الجزائر وبعض الدول الاشتراكية في الستينات والسبعينات في بناء المصانع.

وهم في سبيل ذلك، يقدمون تفسيراتهم الفجة، للمادتين 07 و08 من الدستور، ويصرون على المرحلة الانتقالية، التي يقودونها هم بالتعيين وليس بالانتخاب.

محاربة الفساد، وإزاحة رؤوس العصابة التي دمرت البلد، وباعت خيراته إلى فرنسا والخارج، ليست شيئا بالنسبة لهؤلاء اليوم، بل بالعكس، صار الهدف الآن وقد تغيرت المعادلات، وتشابكت التحالفات السرية والعلنية، هو أن يتم إطلاق سراح رؤوس العصابة التي كانوا يطالبون بالقبض عليها، مقابل القبض على القيادة الحالية للبلاد، واسترجاع الجيش الذي ضاع منهم، حسدا من عند أنفسهم، و(قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر).

وهؤلاء لا يحق فيهم وصف أبدا.. إلا أن نستذكر في حالتهم هذه قوله تعالى “وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا” وباقي الآيات تعرفونها، عن الذين عميت أبصارهم وقلوبهم عن معرفة الحق، أو الاقتراب منه.

نسأل الله العلي القدير، لهؤلاء المرضى الذين سقطت جميع أوراق التوت عنهم، أن يستر عوراتهم، وقد انكشفت تلك السوءات للناس في الساحات العامة، حتى فقدوا كل حياء.

مقالات ذات صلة