-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الحكومة ستقدّم قانونها للبرلمان قريبا

“سلطة وطنية لتنظيم الانتخابات”.. وهذه تشكيلتها!

“سلطة وطنية لتنظيم الانتخابات”.. وهذه تشكيلتها!

تستعدّ الحكومة إلى تقديم مشروع قانون جديد يخصّ تأسيس اللجنة الوطنيّة المستقلّة لتنظيم الانتخابات، ليكون جاهزا للنقاش البرلماني في غضون أسبوع على أقصى تقدير، بعدما فرغت الأمانة العامّة للجهاز التنفيذي من إعداد بنود القانون، والذي من المنتظر أن يثير الكثير من الجدل وردود الفعل، بالنظر لأهميته كمطلب أول للحراك وللطبقة السياسيّة منذ سنوات.

علمت “الشروق” من مصادر موثوقة أن مصالح الوزارة الأولى قد انتهت منذ حوالي أسبوعين من تحضير مشروع قانون عضوي يتعلّق بتأطير العمليّة الانتخابية، والتي ستتولّاها بكافّة مراحلها هيئة تحت مسمى “السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات”.

وبحسب مسوّدة المشروع المذكور، فإنّ القانون الجديد قد منح الهيئة صفة السلطة العمومية، ما يجعلها مستقلّة هيكليّا وماليّا وإداريّا، والتي يقع على عاتقها حصرًا تنظيم الانتخابات، دون تدخل من السلطة التنفيذية بكل مستوياتها، خلافا لما قرّره الدستور الحالي من صلاحيات رقابيّة فقط لهيئة عبد الوهاب دربال المحلّة من طرف الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

لا انتخابات في الصيف والزحزحة قد تمتد إلى الخريف

وأوضح ذات المصدر أنّ عرض مشروع القانون يعدّ أولويّة مستعجلة جدا بالنسبة للحكومة، إذ من المرتقب أن يبدأ البرلمان بغرفتيه مناقشة المسوّدة قريبا، مع قرار منتظر بالإعلان عن تأجيل للانتخابات، دون أن تظهر حتى الآن الآجال الزمنيّة لزحزحة الموعد الرئاسي، بعدما بات مؤكدا أن تاريخ الرابع من جويليّة القادم صار لاغيا بقوة القانون، لعدم تقدم مرشّحين أصلا للمنافسة على منصب القاضي الأول في البلاد، وإن كان مراقبون يستبعدون تماما إعادة جدولة الانتخابات خلال موسم الاصطياف، ما يعني أن الأمور تتوجّه إجباريا إلى مطلع الدخول الاجتماعي مع بداية فصل الخريف من العام الجاري.

وبخصوص ملامح تشكيل “السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات”، أضاف مصدر “الشروق” أنّ الهيئة المنتظر تقنينها تتكوّن من ثلاث فئات، لكلّ منها حصّة الثلث في التشكيلة العامّة، حيث يتمّ اختيار ممثليها لعضوية “اللجنة العليا” عن طريق الانتخاب الداخلي بين منخرطيها، ويتعلق الأمر بشريحة “القضاة والموثقين والمحضرين”، كفئة أولى، و”المجتمع المدني والمهجر” كفئة ثانية، بينما تعود الشريحة الثالثة إلى مجموع “النقابات”، أمّا الرئيس فيجري انتخابه في ختام العمليّة، من طرف هؤلاء الأفراد الذين يحظون بتزكية زملائهم لتكوين “اللجنة المستقلّة”.

وبذلك، فإنّ مشروع القانون المذكور سيعدّل القانون العضوي رقم 16/10 المؤرخ في 25 أوت 2016 المتعلّق بتنظيم الانتخابات في الجزائر، والذي جاء في سياق الإصلاحات التي كرّسها التعديل الدستوري لسنة 2016، والذي أقرّ بدوره استحداث هيئة عليا مستقلة تكلف برقابة الانتخابات بموجب المادّة 194، لتحلّ محل اللجنة الوطنية القضائية للإشراف على الانتخابات، وكذا اللجنة الوطنية السياسية لمراقبة الانتخابات.
وعن مدى تعارض وجود “السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات” التي سترى النّور قريبا مع قواعد الدستور الحالي الذي يمنح فقط صلاحيات رقابيّة ضمن السهر على شفافيّة الانتخابات لهيئة دربال السابقة، يؤكد مختصّون أنّ تعديل القانون العضوي الحالي كاف لنقل السلطة بالكامل إلى لجنة مستقلّة للإشراف على الاقتراع بكلّ أطواره، من تطهير الهيئة الناخبة إلى إعلان النتائج النهائيّة، وأنّ الأمر لا يقتضي من الناحية القانونيّة التعديل الفوري للدستور بخصوص سلطات “الهيئة المستقلّة العليا لمراقبة الانتخابات” التي لا تزال في صلب الدستور حتّى مع حلها التنظيمي، موضّحين أن ذلك سيكون في وقت لاحق عبر الدسترة لإضفاء قوة قانونيّة أكثر على مهامّ “السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات”، لكن حاليّا يكفي إقرارها بقانون عضوي لن يشكّل أي تناقض أو مخالفة لمنطوق المادة 194 من دستور 2016.

هل يرضى الشارع بالباءات مقابل تغيير القوانين؟

وإذا كان الإشكال من الناحية القانونيّة محسومًا بحسب أهل الاختصاص، فإنّ المسألة ربّما تكون أكثر تعقيدا في بُعدها الإجرائي والسياسي، ذلك أن نسج قانون بهذه الأهميّة في عزّ الحراك الشعبي يمثل بيت القصيد في مطالب الجزائريين، وعليه، يصعب أن ينزل من فوق قبل فتح نقاش عامّ حول ملامح المرحلة القادمة، بعد أن تأكد أننا داخلون في مرحلة انتقالية بعد نهاية عهدة رئاسة الدولة المحدّدة بتسعين يومًا مع مطلع جويلية القادم، فهل سيتنازل الشارع عن رحيل “الباءات” ليرضى بإصلاح القانون الانتخابي، وإن قبل بالانخراط في مناقشة القانون الجديد، فهل سيكون ذلك مع حكومة نور الدين بدوي، وعن طريق نوّاب أفرزهم التزوير وينتمون إلى موالاة مشمولة بشعار الرحيل؟

ضف إلى ذلك، فإنّ الوصول إلى انتقاء أعضاء “السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات” سيتطلب بعض الوقت، بهدف تحديد آليات عادلة وشفافة لتفادي تشكيلها على المقاس، لأنّها تتكون من ممثلين عن تنظيمات مهنيّة يعدّ أفرادها بالآلاف وتشكيلات مدنيّة تحصي منها الجزائر أضعاف ذلك، ما يطرح السؤال الموضوعي: كم يتطلب الأمر من الزمن لغربلة الجمعيات المهنية والجمعويّة والنقابيّة بغرض تطهيرها وضبط منتسبيها قبل الفصل عن طريق الانتخاب النزيه في أحقيّة الطامحين من قياداتها في التشريف والتكليف بالإشراف على المهمة الانتخابية؟

لذا، فإنّ مراقبين يعتقدون أن التوجه نحو تأجيل الانتخابات لبضعة شهور إضافيّة سيكون حتميّة سياسية وتقنيّة لا مفرّ منها، لتهيئة ظروف ميلاد وعمل سلطة الانتخابات الجديدة، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ تلك المنظمات والجمعيات وُلدت واشتغلت في عمومها تحت رعاية النظام السابق، بل إن جزءا منها كان ضمن لجان المساندة لبقائه واستمراره، ما يعني أن فسح المجال أمام الحقوقيين والمناضلين النزهاء لأجل بناء دولة الحق والقانون يحتاج بعض الوقت، حتّى لا تكون نسخة مكرّرة عن لجان “الشاهد الذي لم ير شيئا”، وكل ذلك سيعطّل في نهاية المطاف المرور إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية “المؤجّلة” في أحسن الظروف.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!