شارلو ينتقم من شارلي
كنت أتمنى لو أن “شارلو” (شارلي تشابلن) لايزال حيا! لأنه لو كان كذلك لمثل بهؤلاء “المتمثلين به”، “اسما لا صفة”… شر تمثيل!
التهكم بالمقدسات، ألعن ما يصل إليه الإنسان! وقد وصلوا إليه! وهذا يعني أن من وصل إلى هذا الحد.. ملعون! والملعون، يخرج من دائرة “الإنسان” ليلتحق بدائرة الشياطين والشجرة المعونة..
تصورت نفسي وأنا أراجع هذه الحملة المسعورة على نبينا الكريم أساسا، من طرف هذه “الأصبوعية المسخرة” والمسخرة فعلا من طرف لوبي يهودي صهيوني على رأسه يقوم القائمقام “هنري برنار ليفي” (ومن لا يعرف العلاقة بين ليفي وإسرائيل وشارلي.. عليه، أن يعود لكتاب “باسكال بونيفاس“: المثقفون المغالطون.. النجاح الإعلامي لخبراء الأكاذيب في فرنسا“، الذي أثار ضجة إعلامية وقت صدوره (2011)، أدى إلى “إفلاس دار نشره “غاوزيويتش” التي كانت الوحيدة التي تحدت اللوبي اليهودي وطبعت الكتاب مما كلفها غاليا بتدخل وتأثير من هنري برنار ليفي“. الكتاب المعد ترجمته إلى العربية من طرفي والزميل عبد الرحمن مزيان ومقدمة رائعة حول “المثقف” ومفهوم المثقف في الجزائر كتبها السوسيولوجي، الأستاذ الدكتور عبد القادر لقجع، عميد كلية العلوم الاجتماعية بجامعة وهران سابقا..! (الكتاب الذي لايزال يبحث عن ناشر شجاع!). تصورت نفسي قد تقمصت عباءة شارلي تشابلن و“تقبعت” بقبعته و“تخيزرت” بخيزرانته و“تصبطت” بصباطه الخشن الأعوج.. عوج العالم الرأسمالي المتعفن أخلاقيا، لأدخل على هيئة “تحرير” حريرة رمضان النخبة العلمانية المتطرفة في هذه “الأصبوعية” التي صار يشار إليها “بالأصبع الوسطى” بعد أن ارتفع سهم مبيعاتها على ظهر سب نبي المسلمين والتمثيل به وتصويره كاريكاتوريا في ألعن صورة أخلاقية! وحتى وهم يختفون من “الإساءة” برسم النبي محمد وهو يبكي على المسلمين والإسلام والإرهاب والتطرف باسم الإسلام! عذر أقبح من ذنب!
دخلت عليهم، هؤلاء الذين اتخذوا من عنوان “صفيحتهم” (الصفائح هي السيوف).. بلغة أبي تمام “بيض الصفائح، لا سود الصحائف.. في متونهن جلاء الشك والريب“!.. فعل هذا البيت هو ما قرأه منفذا عملية شارلي إيبدو.. اللذين يقال أنهما أخذا “علم الصفائح” من اليمن.. بلاد أبي تمام وعبد الله البردوني الذي عارض “أباه” الروحي أبي تمام بالبائية الشهيرة عن العرب وخذلانهم: “حبيب، وافيت من صنعاء يحملني نسر / وخلف ضلوعي يلهب العرب. ماذا أحدث عن صنعاء يا أبي / مليحة عاشقاها السل والجرب“). دخلت عليهم، وهم سكارى يتضاحكون من آخر رسم كاريكاتوري عن نبي الإسلام والمسلمين! لما رأوني، “فرحوا بما عندهم من الغيب” وقالوا جميعا: ها هو نبي السخرية قد حل بداره فمرحبا بشارلي! وراحوا يعانقونني ويقبلون حذائي وسترتي وخيزرانتي وقبعتي وأنا ابتسم وأقوم أمامهم بحركاتي البهلوانية الشهيرة (كنت أسخر من بهلوانية هؤلاء البلهاء!)، كنت أراهم بغالا وحميرا لم يرقوا حتى للسباع الضارية! أشجعهم وأنبلهم كان ضبعا!.. كنت أبتسم في داخلي وأقول لهؤلاء: أنا نبي السخرية؟ تسخرون من الأنبياء وتنكرون حتى وجودهم ووجود حتى خالق الأنبياء، وتدعون بنبوة ممثل كوميدي تحملون عليه أوزار خطاياكم؟ أشفقت لحالهم وبؤسهم، لما رأيت فيهم من جهل أعمى وحماقة مطبقة وعمى أعور الدجال! بلهاء، أرقاهم فهما.. أمي عصامي! (حاشا أمي وأبي).
أعطوني العدد الجديد وهم محتفون بي، مستبشرون بقدومي، لأنهم سيفتتحون بي العدد المقبل لبيع أزيد من 7 ملايين “مسخة“! كانوا يريدون مني أن أكون “حمار” طروادة في مشروعهم الغبي كالعادة!: بدأت الصور والكاميرات تنهال علي ودخل مراسلو القنوات التلفزيونية المحلية والعالمية علينا ليصوروا عودة “شارلي تشابلن” إلى الحياة عبر بيته “شارلي إيبدو“! اغتنمت هذه الفرصة، وبرمت شلاغمي وعوجت قبعتي، وقمت بحركة رشيقة بالأرجل والعصا، كما فعل “عثمان عريوات” في “الطاكسي المخفي” مع “حمزة ما مسعودة“.. ثم أدرت الخيزران دورتين كاملتين فوق رأسي.. وشرعت في توزيع الضربات يمينا وشمالا، والحاضر يخبر الغائب.. من تصب تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم! ثم نزعت أحذيتي ورحت أقصف بها الأوجه والأمكنة والماكينات.. ثم استدرت إلى الرؤوس الحاملة لقبعات و“بونيات” و“كاسكيطات” و“بيريات” و“كيبيات“.. ورحت أرميها على الأرض وأرفسها رفسا بأرجلي وأنا أقول: أعتذر لكم…! فأنتم “كمامير شر..يبدو“!؟.. أعتذر أني وطئت قبعاتكم … وهي فارغة!
وخرجت في جو من الخوف والهلع.. والكاميرات تتبعني.. والشرطة أيضا..
وغدا، كنت في الصفحة الأولى “الإرهابي شارلي… شاب.. يقتحم شارلي إيبدو“!