الرأي

شدوا أولادكم…

عمار يزلي
  • 1420
  • 4

بالتأكيد أن زيارة ميركل إلى الجزائر… أخيرا، بعد تأجيل طويل، حدث مهم يلي أحداث التغييرات المتتالية في القيادات العسكرية. مهمة.. لأنها جاءت في واقع الأمر في مهمة. مهمة تلخصت وخلصت إلى عنوان واحد كبير.. وعناوين فرعية. العنوان الكبير هو: شدوا أولادكم. العناوين الفرعية: التعاون الاقتصادي، والشراكة الأمنية. وعنوان الجنيريك هو عنوان التعاون.
استقبالها من طرف رئيس الجمهورية والوزير الأول.. بمعية وزراء آخرين منهم وزير الداخلية.. كان له معنى كبير، أعلنت عنه المستشارة الألمانية بملء فمها: نريد منكم قبل أي تعاون في أي مجال، أن تربوا وتشدوا أولادكم علينا.. وهم في حدود 4 آلاف.
طبعا، الملف هذا محرج لنا أمنيا وسياسيا واقتصاديا، إذ كيف يمكننا أن نستقبل الحراقة وهم حراقة أصلا، أي رافضون للبقاء هنا، غامروا وهاجروا بنية اللاعودة.. فكيف سيقبلون بعودتهم مهجرين من أرض الهجرة؟ فألمانيا ليست مكة والجزائر ليست يثرب، والعكس صحيح.. والواقع غير صحيح. 4 آلاف مرحل من ألمانيا باتجاه الجزائر يعني 400 ألف مشكل. لهذا وافقت الجزائر من حيث المبدأ على تسلمهم في شكل دفعات.. بل في شكل قطرات.. هئهئ.. بعدما ستتفاهم مع الخطوط الجوية الجزائرية لضمان 5 مرحلين في كل رحلة من الرحلات الأسبوعية.. مع ألمانيا، بما يعادل نحو 30 مرحلا أسبوعيا. وهو ما يمكن للجزائر أن تسيره أمنيا واقتصاديا، لكون الترحيل عن طريق الشارتر مهين ومكلف سياسيا وأخلاقيا وأمنيا أيضا. إذ، كيف ستتصرف الجزائر مع المئات واللآلاف من المرحلين في ظرف وجيز؟ هل ستنصب لهم الخيام؟ هؤلاء المرحلون الذين لن يسكتوا ولن يقبلوا بالتهجير مرة أخرى نحو بلادهم.. أليس بمقدورهم خلق مشاكل في المطار؟ توقيف الرحلات؟ اعتصامات؟ تأجيج وضع إنساني جديد نحن في غنى عنه بعد ترحيل الأفارقة وما نجم عنه من ضجيج؟ الجزائر أرادت من ألمانيا أن تتفهم الوضع في البلاد وترحل المرحلين ضمن الرحلات الـ 11 لخطوط لوفتانزا، بمعدل أسبوعي يقدر بنحو 80 شخصا في الخطين الجزائري والألماني. معنى هذا، الترحيل سيدوم أشهرا أو سنوات.. وألمانيا تريده في الحال..
لهذا، لم تحسم المسائل الاقتصادية والتعاون المشروط.
نمت على هذا الوضع لأجد نفسي أرأس وفد مفاوضات مع الوفد الألماني. قلت لهم: أبدؤوا أولا بترحيل المقيمين غير الشرعيين.. أي الذين منحتموهم اللجوء السياسي. هؤلاء المقيمون الذين تعتبرونهم مقيمين شرعيين، نحن لا نعتبرهم شرعيين في بلادكم ولا في بلادنا.. لأنهم حرّكوا الشارع ويحركونه. قالوا لي: هؤلاء مقيمون شرعيون ومنهم من تحصل على الجنسية الألمانية، لا يمكن أن نرحلهم.. نرحل الحراقة غير الشرعيين. قلت لهم: هذوك ما عندنا ما نخلاو بهم.. كولوهم.. احنا نريد خمسة إلى 50 فقط.. من اللاجئين السياسيين. تقولون نحن بلد آمن.. إذن أرسلوهم لنا بأمان.. وسترون كيف نعاملهم “مع الأمن”. البقية لن نعترف بهم مش جزائريين.. حتى ولو بالـ ADN. اللاجئون السياسيون عندكم.. هم مقيمون غير شرعيين في نظرنا على أراضيكم. فالشرعية مشتقة من الشارع: شرّع، يشرّع، شرعا، تشريعات، شارعا.. والتشريع تشريعنا والمشروعية مشروعنا ولو كان غير مشروع في شرعكم. ففي شريعتنا، غير الشرعي عندنا لا يجب أن يكون شرعيا عندكم. فنحن أهل الشرع والشريعة ونريد أن “نشارع” كل خارجي خرج للشارع ولو في الخارج.
لم نصل إلى اتفاق.. وفي المساء كانت أول طائرة شارتر تصل إلينا محملة بأخطر الحراقة وأعنفهم..
وأفيق وأنا أقول: هذه الدفعة الأولى.. ومازال مازال.. وجدوا السكاني والخدمة.. راهو جايكم صداع الراس..

مقالات ذات صلة