-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شريكٌ موثوق لكلِّ صديق موثوق

عمار يزلي
  • 867
  • 0
شريكٌ موثوق لكلِّ صديق موثوق

تستمر الدبلوماسية الاقتصادية الجزائرية، في النمو والتطور باضطراد، حسب التغيرات الطارئة المستجدة، ولكن أيضا بتصميم مسبق متجدد الرؤية والمنهج والعمل.

زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية قبل أيام للبرتغال، ورغم أنه لم يعلن عنها مسبقا، إلا أن بوادرها كانت واضحة عبر الزيارات المختلفة البينية بين البلدين قبيل التئام القمة في لشبونة. كان رئيس الجمهورية قد لمّح، بل صرح قبل ذلك في لقائه الدوري مع ممثلي الصحافة الوطنية عندما تحدَّث عن إيطاليا وعن البرتغال كشريكين أوروبيين موثوقين تربطهما علاقة تاريخية مع الجزائر تعود إلى الثورة التحريرية وما قبلها، حتى أنه أشار إلى المفكر ورئيس البرتغال “مانويل غوميز”، الذي لجأ إلى الجزائر في الثلاثينيات من القرن الماضي، واختار العيش فيها وأن يُدفن فيها.

هذه الرمزيات السياسية في ذاكرة الدول والشعوب، تؤدّي دورا كبيرا في تليين العلاقات بين الدول وتحسينها وتوظيفها في كل المجالات بما فيها الاقتصادية والسياسية والثقافية.

البرتغال، رغم أنها كانت إحدى أولى الإمبراطوريات التي تتقاسم العالم مع إسبانيا خلال القرن الـ14 إلى الـ16، عرفت كيف تعترف بتاريخها وتتحمّل أعباءه في كل مستعمراتها القديمة في إفريقيا وفي آسيا والشمال الإفريقي وفضلت الانخراط ما بعد الملكية في صف الأمم المدافعة عن حق الشعوب في الحرية والانعتاق، منتقلة بذلك من الإمبراطورية إلى الملكية إلى حكم الكولونيلات إلى الديمقراطية، منتهجة نهجا ومقاربة موضوعية عملية للخروج من أزماتها الاقتصادية التي كادت حتى قبل سنوات قليلة فقط، أن تُفقدها بوصلتها. اليوم، جمهورية البرتغال تعرف كيف تخط طريقها عبر طريق مستقلّ وبراغماتي من خلال اختيار نموذج التنمية واستغلال كل المقدرات الاقتصادية والشركات الصغيرة والمتوسطة الناشئة.

الجزائر، هي الشريك والمورِّد الرئيسي للغاز لدولة البرتغال بقدرة تتجاوز 80%  من احتياجات البرتغال، وغير مستبعد أن ترفع الجزائر من منسوب السيل الغازي نحو البرتغال عبر السيل الجزائري الاسباني البحري.

الجزائر التي اختارت نهج توسيع علاقاتها وتنويع اقتصادياتها ومورِّديها وأسواقها في الخارج استثمارا وتصديرا واستيرادا، إنما هو نابع من فلسفة الدولة الجزائرية الجديدة والنهج الذي اختاره رئيس الجمهورية من أجل دفع عجلة التنمية بأقصى سرعة وتجاوز مخلَّفات سنين الماضي العجاف التي كادت أن تأتي على الأخضر قبل اليابس.

تفعيل العلاقات السياسية والاقتصادية بين الجزائر والبرتغال، له أكثر من مغزى ودلالة، أهمها: التأكيد على أن الجزائر شريكٌ موثوق لكل صديق موثوق، وهي تتعامل بحكمة وتبصُّر وتريد أن ترسل رسالة إلى جيران الجزائر في الغرب الجغرافي لها شمالا وجنوبا وجوارا، أن الجزائر مخلصة ووفية لتعهداتها وأصدقائها الذين يبادلونها نفس المعاملات، وتدفع باتجاه تطوير هذه العلاقات لتسمو فوق التاريخ والجغرافيا مهما “بعُدت الشقة”، والدليل على ذلك العلاقات الجزائر الإيطالية التي ما فتئت تتطور وتتقوى كل يوم، ويزداد التنوع الاقتصادي والتعاملات بين البلدين ويزداد التدفق الطاقوي عليها، مع كل طلب ومقدرة على تحقيق الطلب.

خلافا لذلك، بعض دول الجوار في الضفة الأخرى من غرب المتوسط وعلى الجانب الغربي الجنوبي، تبدو الدولتان تغرقان في مستنقع السياسة السياسوية التي تفضِّل الهروب إلى الأمام مغمضة الأعين على أن ترى الواقع كما هو وتسعى إلى تحسينه وتغييره بالدفع نحو التفاهمات الثنائية واحترام سيادة البلدان والقرارات الأممية ذات الشأن بتصفية الاستعمار: هذا النهج كان سيكون أنفع وأدفع بعلاقات التكامل والتعاون الاقتصادي لشعوب المغرب العربي والمنطقة ككل.. وهو ما لم تختره دولٌ لا تختار لنفسها الخير: ففاقدُ الشيء لا يعطيه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!