الرأي

شهود ما شافوش حاجة!

جمال لعلامي
  • 1057
  • 4
ح.م

“حماية المسيّرين من المتابعات القضائية”، خلال السنوات الماضية، حوّل مؤسسات عمومية إلى خراب، وأنتج أثرياء لم يكونوا يملكون سوى راتبهم الشهري، وتسبّب في امتناع الشاكين من دقّ ناقوس الخطر وتبليغ الأجهزة الأمنية والقضائية ولو بالشكاوى والتبليغات المجهولة!

لم تكن “إشاعة” بيع شركات ناجحة بالدينار الرمزي، بعد فبركة إفلاسها، سوى حقيقة أثبتتها الوقائع والأيام، وكان “راديو طروطوار” يقول في السرّ والعلن بالمقاهي والأسواق الشعبية والأحاديث الجانبية في الشوارع والملاعب، وفي كلّ مكان، بأن “القمقوم” الفلانى شريك رجل الأعمال العلاني، وأن الوزير “أ” دخل “شُركة” مع المستثمر “ب” في الشركة العمومية السابقة التي أفلست وتمّ تسريح عمالها قبل خوصصتها!

الآن، بعد أن وقعت الفأس على الرأس، تأكد الرأي العام، بأن تلك “الإشاعات” و”الدعايات المغرضة”، هي حقائق لا غبار عنها، والدليل أن المتورطين والمتواطئين والمستفيدين القابعين حاليا وراء القضبان، يؤكد ما حصل من فضائح وتجاوزات وجرائم في حقّ الاقتصاد الوطني، وفي حقّ البلاد والعباد، حيث “طاق على من طاق” في تلك المرحلة البائدة!

فعلا، لا دخان بلا نار، ولا نار بلا دخان، فأغلب الروايات التي كانت تتناقلها الألسن، جهارا نهارا، تحوّلت بعد سقوط العصابة والحاشية وبطانة السوء، إلى واقع مرّ كبّد الخزينة العمومية خسائر بملايير الدنانير، وأفلس “شحيحة” كلّ الجزائريين، وحوّل للأسف “ملك البايلك” إلى غنيمة تقاسمها أولئك الذين اعتقدوا أنها إرث ورثوه عن آبائهم وأجدادهم!

رفع الحصانة عن المسيّرين الفاشلين والعاجزين والفاسدين، بوسعه أن يُسهم ولو تدريجيا في ردّ الاعتبار للمؤسسة العمومية، سواء من حيث الجدية أو الإنتاجية أو الاستمرارية، أو الإنصاف بين صغار العمر وكبارهم، ويحرّرها من قبضة “البقارة” وأصحاب “الشكارة” ممّن اغتنوا منها خارج القانون وبواسطة “التلفون”، ثم زعموا بأنهم اشتروها بحرّ مالهم!

المستفيدون من “الريع” هم الذين وفروا الحماية والحصانة لمسيّرين ومسؤولين على المقاس، حتى تسهل عليهم عمليات النهب والسلب، وقد لعب مديرو شركات وإدارات عمومية دور “شاهد ما شافش حاجة”، يوقّعون قرارات غير قانونية، ويخفون الوثائق أو يزوّرونها، ويقبضون الثمن، إمّا كعمولة أو رشوة أو “تشيبا”، وبعدها يغرفون ويسرقون مع السارق ويقتلون القتيل ويمشون في جنازته، ويرددون بلا حشمة إنا لله وإنا إليه راجعون!

على شهود الحقّ وأصحاب الضمائر الحية وحتى الميتة، التبليغ عن مختلف الجرائم حتى لا يفلت المجرم بجلده من العقاب، وحتى لا تضيع الحقوق ويعمّ الفساد، ويتحوّل الفاسد بقدرة قادر إلى تاجر كبير أو مستورد أو مستثمر أو رجل أعمال.. ولله في خلقه شؤون!

مقالات ذات صلة