صداع سياسي!
إسقاط الرئيس بوتفليقة لعدد من الوزراء خلال جلسات الاستماع الرمضانية وصيامه عن مساءلتهم على غرار بقية زملائهم في الحكومة، يحتمل تفسيرين لا ثالث لهما، فإما أن الرئيس راض عن هؤلاء كل الرضا، ولا يرى ضرورة لسيناته وجيماتهم، فقرر إراحتهم من تعب إعداد التقارير الخاصة، أو الظهور وهم يوزعون الابتسامات مضطرين، في برنامج ضيف الأخبار على اليتيمة كل ليلة. وإمّا أنه على العكس من ذلك تماما، فلا يرى فائدة من الجلوس إلى هؤلاء بعد الفطور ولا قبل السحور، ولعل الصوم عنهم في رمضان، تمهيد لتغييرهم في شوال، أو مع أقرب تعديل حكومي مقبل.
الغريب أن التعديلات والتغييرات والحديث عن الإصلاحات السياسية والاقتصادية عندنا، لا يتم إلا بمهماز خارجي، ولا يحدث إلا إذا وقعت مصيبة عند غيرنا، خصوصا في ظلّ المناخ الثوري الذي يجتاح العالم العربي منذ أشهر. وقد قالها عبد الله جاب الله صراحة حين حذّر السلطة من وقوع ثورة مشابهة كتلك التي وقعت في عدة بلدان، في حال إبقاء أبواب التغيير موصدة، علما أن المشاورات التي تم فتحها قبل أشهر بدعوة من الرئاسة، لم نسمع صداها واقعيا بعد، كما لم نشاهد غير بعض الفتات من الإصلاح، وجزء منه جاء أقل حتى من الفتات، على غرار قانون الإعلام الذي تبين أن الوزير المكلف بتنفيذ برنامج الرئيس لم يفهم نوايا الرئيس من خلاله!
- السلطة في الجزائر ستستفيد من وقت إضافي لاشك في ذلك، خصوصا أن الأوضاع لم تستقر بعد في تونس وليبيا المرشحتان للتحول إلى ديمقراطيتين، رغم أن العمل لايزال كبيرا والوقت مبكرا جدا، للحديث عن إمكانية نجاح ذلك، لكن الشهور أو حتى الأسابيع المقبلة ستحمل في رحمها مزيدا من التحديات أمام السلطة، وقد يعاقب الوقت هذه الأخيرة بسبب حالة الجمود السياسي الذي تحاول تمديده حتى الانتخابات المقبلة.
- لقد جلبت ليبيا مزيدا من صداع الرأس بالنسبة للجزائر، ليس أمنيا فحسب وإنما سياسيا أيضا، ولا تتوقعوا من الشعب أن يرى حجم التحولات الممكن حصولها في بلدان مجاورة، وهي تحدث تباعا، ويقتنع بما تفعله الحكومة، أو تقوله من أننا عشنا الثورة قبل الآخرين، وعايشنا التغيير قبل عشرين سنة من الآن، دون الحديث عن حروب الردّة التي مارسها البعض، داخل السلطة وخارجها من أجل الانقلاب على مظاهر التعددية وخنق حرية التعبير.