-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
‭ ‬ثورة‭ ‬مصر‭ ‬تقص‭ ‬‮"‬شارب‭ ‬السلطة‮"‬‭ ‬وتعفو‭ ‬عن‭ ‬‮"‬لحية‭ ‬النظام‮"‬

صمود‭ ‬مبارك‭ ‬الذي‭ ‬أفسد‭ ‬لعبة‭ ‬براك

حبيب راشدين
  • 8535
  • 20
صمود‭ ‬مبارك‭ ‬الذي‭ ‬أفسد‭ ‬لعبة‭ ‬براك

صمود مبارك أمام فعاليات الثورة والانقلاب المتواصل للجيش، أفسد اللعبة على الجميع، وفضح الإدارة الأمريكية، ووضع الجيش والمنتفضين في مأزق.

  • حتى أن المخرج الوحيد الباقي لمنع قيام سيناريو الكارثة، هو صدور البيان رقم اثنين الذي يحول البيان رقم واحد إلى انقلاب عسكري‭ ‬فعلي،‭ ‬يجبر‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬تأييده‭ ‬وهي‭ ‬كارهة،‭ ‬وتلتف‭ ‬حوله‭ ‬الثورة‭ ‬وهي‭ ‬شاكرة،‭ ‬لأن‭ ‬الجميع‭ ‬اختار‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬قص‭ ‬‮”‬شوارب‮”‬‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭ ‬والعفو‭ ‬عن‭ ‬‮”‬لحية‮”‬‭ ‬النظام‭.‬
  • على هذا النحو انقلب السحر على الساحر. ثلاثة أسابيع من العبث بمشاعر شعب عربي آخر، أخرجت له -كما زعمت وأزعم- ثورة من مجاميع الفيس بوك، وبترتيبات بين قوة عظمى وجيش، تقاطعت رؤاهم ومصالحهم عند الحاجة إلى قطع رأس السلطة والعفو عن النظام، لولا أن الرأس كان هذه المرة‭ ‬أصلب‭ ‬من‭ ‬رأس‭ ‬التونسي‮ ‬بن‭ ‬علي،‭ ‬فقاوم‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬مسارا‭ ‬انقلابا‭ ‬أريد‭ ‬تغليفه‭ ‬بإرادة‭ ‬الشارع‭ ‬المصري،‭ ‬لتدخل‭ ‬مصر‭ ‬منذ‭ ‬ليلة‭ ‬الخميس‭ ‬الجمعة‭ ‬في‭ ‬المجهول‭.‬
  •  
  • ‮”‬ثورة‮”‬‭ ‬حسني‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬حسين‭ ‬أمريكا
  • ففي حدود الساعة الخامسة من يوم الخميس كنا أمام مشهد انقلاب عسكري بصدور البيان الأول عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أنتج فورا حالة من الترقب، ورفع سقف توقعات الشارع المنتفض إلى الحد الأقصى، أعقبه بيان بقرب إذاعة خطاب للرئيس المصري، وتوالت تصريحات من مصادر مسؤولة، منها وكالة السي آي إي ومسؤولين مصريين من الحكومة والحزب الحاكم، تجمع على أن الرئيس سوف يتنحى. وخرج أوباما ليدعو العالم إلى ترقب حدث تاريخي من مصر، ويقول إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب المصري في مطالبه.
  • الساعة الحادية عشر ليلا، يبدأ التلفزيون المصري في بث خطاب الرئيس المصري المسجل، كان واضحا للجميع أنه تركيب من تسجيلين، بدأ الأول بقراءة من “التيليبرومبتر” والثاني من نص مكتوب، جدد فيه الرئيس المصري ما سبق أن وعد به من قبل، وأضاف إليه قراره بتفويض صلاحياته لنائبه عمر سليمان، لينزل الخطاب على الجميع كالصاعقة، لأن الساعات الست بين البيان رقم واحد لقيادة الجيش وخطاب مبارك رفعت سقف التوقعات، واشتغلت طاحونة ميدان التحرير الموصولة بالعالم في تحرير بيانات “انتصرنا”. فما الذي حدث في تلك الساعات الست، وما الذي سيحدث بعد‭ ‬أن‭ ‬أضاف‭ ‬البيان‭ ‬والخطاب‭ ‬عناصر‭ ‬تهييج‭ ‬جديدة‭ ‬للمشهد‭ ‬الدراماتيكي‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬تغييرا‭ ‬في‭ ‬تركيبة‭ ‬المنتفضين،‭ ‬ودخول‭ ‬مجاميع‭ ‬شعبية‭ ‬غير‭ ‬‮”‬منضبطة‮”‬‭.‬
  •  
  • عين‭ ‬إعصار‭ ‬‮”‬التحرير‮”‬‭ ‬الذي‭ ‬طحن‭ ‬العقل‭ ‬العربي
  • صمود مبارك أمام العمل الانقلابي المبرمج منذ البداية ليكون نسخة مكررة لتونس، كان يفترض أن تنتهي في بحر ثلاثة أيام، يلتحق بعدها مبارك ببن علي، صموده غير المتوقع رغم “خيانة” الحليف الأمريكي، والمعوقات التي زرعتها المؤسسة العسكرية أمامه، أفسد اللعبة على السحرة، لأن عين الإعصار التي ركبت بميدان التحرير كانت تتضخم لتتحول إلى ما يشبه “الآبار السود” في الفضاء الكوني التي تسحب، وتستقطب، وتلتهم المادة من حولها، ليجد السحرة أنفسهم أمام شارع مصري يتزايد بوتيرة هندسية، وترتفع معه طلباته، ليفقد الجميع السيطرة، وينفلق فجر‭ ‬الجمعة‭ ‬على‭ ‬يوم‭ ‬مفتوح‭ ‬على‭ ‬أخطر‭ ‬السيناريوهات‭ ‬التي‭ ‬أرجو‮ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يسلم‭ ‬منها‭ ‬الشعب‭ ‬المصري،‭ ‬فيخرج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬بسلام،‭ ‬وأقوى‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل‭.‬
  • قبل تدافع هذه الأحداث، كنت قد أنهيت مقالة الأسبوع، وكنت قد أفردتها بالكامل، وعلى غير العادة لنقل عينة من ردود القراء على مقالة الأسبوع الماضي لأنها جاءت برأي آخر، فيه كثير من المآخذ على التحليل، واتهمت بمحاولة تشويه “الثورة” المصرية، وبمآخذ أخرى، أرى أن المضي فيها بعد هذه التطورات، وافتضاح اللعبة الأمريكية بالكامل، ودخول المؤسسة العسكرية في ورطة، حتى أنه لم يبق من أفق للثورة سوى الانقلاب الصريح، أرى أن المضي في الرد على مآخذ القراء على مقالتي السابقة هو أفضل تعليق على التطورات التي لم تنته بعد.
  •  
  • الخيال‭ ‬والمخيال‭ ‬الآخر
  • جملة ما جاء في ردود القراء ما يأتي: “لقد خانك التحليل هذه المرة يا أستاذ، هذا السيناريو لا وجود له إلا في خيالك، وكل ما تقوله عن مؤامرة تم حياكتها في البيت الأبيض مجرد هراء لا أساس  له من الصحة”… “إخراج الشعب بهذا الحجم للشوارع لا يمكن أن يكون بالتخطيط الخارجي بقدر ما يكون نابعا من يأس الشعب من الحاضر والمستقبل”… “لم أخالك مثبطا هكذا أستاذ حبيب” …”لو كان صحيحا أن الفايس بوك له كل هذه المقدرة لماذا لم ينجح في إيران” … “علي أن اعترف لك بأنك ذو خيال واسع.. وتؤمن كثيرا بنظرية المؤامرة”… “ما جاء في مقالتك هو تماما كالذي جاء في فتوى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ من أن الثورة فتنة، والقنوات الناقلة للحقيقة قنوات منحرفة”… “لماذا تحاول تشويه ثورة شباب عربي غير مسبوقة في تاريخ الأمة سوف تضع حجر الأساس لسيادة الشعوب وتحررها من قهر العملاء الطغاة” … “أستاذ حبيب‭ ‬ما‭ ‬عهدناك‭ ‬متشائما‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬أخالك‭ ‬فقدت‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬إحداث‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬نتيجة‭ ‬الإرهاصات‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬البلاد،‭ ‬ومررت‭ ‬بها‭ ‬أنت‭ ‬شخصيا‮”.‬‭ ‬
  • تلكم آراء القراء، وأكاد أجزم أنها تعبر تعبيرا صادقا عن الرأي العام السائد الآن في العالم العربي الإسلامي. وأعترف أنني لو قلت ما قلته بين أهل ميدان التحرير، لحصل لي ما حصل لذلك الفنان المصري الشاب الذي كاد يرجم داخل ميدان التحرير، وأسلم أن الاستجاعة الحاصلة في الشارع العربي للحرية، وتطلع الإنسان العربي إلى رؤية ثورة شعبية عربية أصيلة تنتصر، وتطيح بالطواغيت هو تطلع مشروع، وأن أي تحليل قد يشتم منه محاولة تشويه الفعل الثوري كما قال الأخ ميلود من قطر يكون مرفوضا، بل إن الأخ عبد الحميد من الجزائر يقول إن التحليل يتقاطع مع فتوى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ. وقد أتفهم منطق القارئ الذي يقول: هل يعقل أن تكون الوحيد في هذا العالم الذي يدرك كل هذا الفيلم الخيالي… ويغيب عن كل المفكرين والمحللين والفضائيات والعلماء…؟ لا أعتقد… لقد خانتك أفكارك وذهبت بك بعيدا جدا”.
  •  
  • صحافة‭ ‬ما‭ ‬يطلبه‭ ‬المستمعون
  • لنحرر الموقف بوضوح، ونزيل كل لبس، فأنا لست داعية، ولا مفتي الديار المصرية، ولا ناصحا اجتماعيا، أو عضو في جماعة حزبية أو تبشيرية، ولا أنا ناطق رسمي باسم الثورة أو الثورة المضادة. وكنت أعتقد أن ما يتوقعه مني القارئ هو أن أسخر عقلي وخبرتي لأساعده على فهم الأحداث، وأجتهد له بأمانة قدر المستطاع بعيدا عن الأهواء ومتحررا مما أحب أو لا أحب. فالقارئ الذي يتابع كتاباتي منذ عقدين على الأقل يعرف أهوائي، ويعرف تحديدا رأيي في النظم العربية المستبدة والعميلة، وموقفي من فسطاط الممانعة والمقاومة، وفسطاط الاعتدال والعمالة، وأنه‭ ‬ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬أجازف‭ ‬فيها‭ ‬بالسباحة‭ ‬ضد‭ ‬التيار،‭ ‬وأخرج‭ ‬عن‭ ‬الإجماع،‭ ‬وأمرق‭ ‬عن‭ ‬الفكر‭ ‬الواحد‭ ‬حين‭ ‬أراه‭ ‬يستبد‭. ‬
  • فهلا ذكرت قراء أسبوعية “الصح – آفة” بخروجي عن الإجماع عشية إجراء الدور الأول من التشريعيات سنة 91، حين دعوت قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى صرف النظر عن المشاركة، والبناء على ما تحقق لها في المحليات، وحذرتها وقتها من كيد السلطة وما في جعبتها من مكر، فجاءني الرد من أسبوعية “المنقذ” لسان حال الجبهة يتهمني بالعمالة للسلطة، ويصف أسبوعية “الصح – آفة” بأنها تحولت إلى أداة بيد المخابرات للطعن في “المسيرة الإسلامية الظافرة”، فكان ما كان، وأضاع التيار الإسلامي فرصة لم تتهيأ من قبل ولا من بعد في بلد عربي حتى اليوم،‭ ‬وانتقلنا‭ ‬من‭ ‬عرس‭ ‬الديمقراطية‭ ‬القصير‭ ‬إلى‭ ‬مأتم‭ ‬دام‭ ‬عقدا‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬بالكلفة‭ ‬التي‭ ‬يعلمها‭ ‬الجميع‭.‬
  •  
  • ثقافة‭ ‬التآمر‭ ‬على‭ ‬تآمر‭ ‬الساسة
  • هل كان علي أن أصدق الأسطورة التي صنعتها آلة الدعاية الأمريكية حول 19 فتى عربيا يخترقون أجواء بلد، كان لا يزال يعيش في أجواء الحرب الباردة، أم كنت مجازفا وقتها بمصداقيتي حين كتبت بيومية “الرأي” في اليوم التالي لأحداث 11 سبتمبر، واصفا ما حدث بالانقلاب والتدبير الكيدي لقوة من داخل النظام الأمريكي، تريد الدفع بالحكومة الأمريكية والشعب الأمريكي لتلك المغامرة التي فتكت بشعب ودولة العراق؟ أم كان ينبغي لي أن أتبع القطيع من صناع الرأي العام، فلا أبصر ما تفعله لعبة الأمم، ومصالح الدول الإقليمية بالشعب العراقي، حتى لا أتهم بالتعصب المذهبي ضد إيران الشيعية. وبوسع القارئ أن يكتب اسمي في خانة بحث غوغل ليجده قد وضع بأحد المواقع مع قائمة متهمة بالعمالة لحزب البعث، ومن رشاهم الراحل صدام حسين؟ أم كان علي أن أكون مع الجمع الذي يقول كبنت الصدى ما تنقله آلة إدارة الشعوب بالرعب والتخويف‮ ‬بطيف‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬الأوبئة،‭ ‬والجائحات‭ ‬المروجة‭ ‬لسلع‭ ‬مركبات‭ ‬الأدوية؟‭ ‬أم‭ ‬أسلم‭ ‬كما‭ ‬سلم‭ ‬الكثيرون‭ ‬ببراءة‭ ‬تسريبات‭ ‬ويكيليكس؟
  • أحد الإخوة قال: إني أعترف بأنك ذو خيال واسع.. وتؤمن كثيرا بنظرية المؤامرة. وهو صادق، وقد أفاجئه بالقول إنني من الذين يؤمنون أن “السياسة هي مؤامرة منهجية مستمرة للخاصة من المستكبرين ضد العامة من المستضعفين” وبوسعي أن أرافع عن هذا الرأي بألف شاهد وشاهد من التاريخ الحديث والقديم. وفي الحالة التونسية والمصرية فما زلت عند رأي إلى أن تكذبني الأحداث والمآلات، حين ينجلي الغبار، وتهدأ النفوس، ويبدأ العقلاء في حساب المغانم والمغارم، كما فعلنا نحن في الجزائر منذ عشرين سنة خلت.
  •  
  • الاستعانة‭ ‬بعبد‭ ‬الله‭ ‬الصياد‭ ‬لإعادة‭ ‬العفريت‭ ‬إلى‭ ‬القمقم
  • يسأل‭ ‬أحد‭ ‬القراء‭: ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬تذهب‭ ‬الأمور؟‭ ‬ويقول‭ ‬آخر‭ ‬لماذا‭ ‬تحاول‭ ‬تشويه‭ ‬ثورة‭ ‬شباب‭ ‬عربي‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمة؟‭.‬
  • إلى أين تذهب الأمور؟ لا أدري فقد أصبحت منذ أمس الجمعة في حكم الغيب، وليس لي أو لغيري سوى المجازفة باستشراف مؤسس على ما نراه من حراك لقوى تركب شارعا غاضبا قد تحرر من عقد الخوف، لتقوده إلى واحد من المسارين لا ثالث لهما: إما الاستمرار في الضغط العقلاني المحسوب، المؤمن من المحاذير، ومن الصدام مع الجيش، لانتزاع أكبر قدر من التنازلات  قبل الخروج من الانتفاضة إلى السياسة، والبناء على ما تحقق حتى الآن، أو أخذه إلى صدام مباشر مع المؤسسة العسكرية والأمنية التي أخرجت من الساحة ولم تفكك، وعصابات القوى الكمبرادورية التي‭ ‬لن‭ ‬تعدم‭ ‬جندا‭ ‬في‭ ‬جغرافية‭ ‬البؤس‭ ‬بالعشوائيات‭ ‬المصرية،‭ ‬وذلك‭ ‬مخرج‭ ‬أرجو‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يحمي‭ ‬مصر‭ ‬وشعب‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬أهواله‭.‬
  • ليس لي أية مصلحة في تشويه هذه “الثورة” وإن كنت لست من الدعاة إلى الثورة إلا في حالة ما توجبه الشرائع السماوية والوضعية على الشعوب للتحرر من مستعمر أو دفع قوة غازية. وبإمكان القارئ أن يفتح كتب التاريخ، ويتدبر المآلات الدموية لأكبر الثورات في القرون الثلاثة الماضية،‭ ‬من‭ ‬الثورة‭ ‬الفرنسية‭ ‬إلى‭ ‬الثورة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والبلشفية‭ ‬والماوية‭ ‬وثورة‭ ‬الخمير‭ ‬الحمر‭ ‬وغيرها،‭ ‬أو‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬ثورة‭ ‬القرامطة‭ ‬والزنج،‭ ‬وثورة‭ ‬عبيد‭ ‬روما‭. ‬
  •  
  • البحث‭ ‬عن‭ ‬رفيق‭ ‬ثالث‭ ‬لنجوى‭ ‬بين‭ ‬مظلومين
  • لقد سألني أحد القراء: “أنا مظلوم فهل علي أن أثور وأزيل ما بي من ظلم أم لا؟ وهل علي أن أرضى بالظلم إذا كانت الثورة على الظلم ستعود بالنفع على عدوي؟” وأقول: لا أدري يا أخي ما ينبغي عليك أن تفعله. فأنا مثلك قد ظلمت، وأقصيت، وحرمت من حق التعبير وصودرت لي صحيفتان، وتوبعت في قوت أولادي، وأنا عاطل عن العمل منذ 1992 بلا أجرة ثابتة، ولا معاش ولا ضمان اجتماعي، ولو أني استسلمت لليأس لكنت قد التحقت في وقت مبكر بالأحراش مع من التحق بها، لكني أرى من حولي الملايين من البؤساء ومن هم تحت سقف البؤس، وأتفهم هبات الشعوب الغاضبة حين تضيق بهم الأرض بما رحبت، لكني لا أجد في نفسي الميل إلى دعوتهم لحراك ثوري يأكل لحمهم، لتأتي زمرة من محترفي السياسة تركبهم، تريد ترحيل عصابة من الحكام الفاسدين، واستبدالها بعصابة جديدة من الفاسدين حتى لو لبست رداء الديمقراطية، ورفعت شعار سيادة الشعب.
  • ولأني كمسلم، أحاول أن استرشد دوما بعقيدتي، واستخلص العبر من تعامل الرعيل الأول مع خياري الإصلاح والتغيير الثوري. فقد اجتهد سبط رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الحسن بن علي، رضي الله عنهما، فوأد الفتنة، وحقن دماء المسلمين في ما سمي بعام الجماعة. واجتهد سبط رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الحسين بن علي، رضي الله عنهما، حين استجاب لدعوة التغيير بالقوة، فكانت الفتنة التي أنتجت شرخا في الأمة يقسمها حتى يومنا هذا إلى فسطاطين متخاصمين في الحد الأدنى.
  •  
  • فتح‭ ‬في‭ ‬القلوب‭ ‬قبل‭ ‬فتح‭ ‬مكة
  • ثم إني مثل أي مسلم، يتأسى وجوبا بسيرة نبيه، صلى الله عليه وسلم، في السلم والحرب، أتوقف عند النموذج المثالي لما ينبغي أن يكون عليه التغيير والإصلاح. فقد ظلت دعوة التغيير المسترشدة بالوحي تدعو بالتي هي أحسن لأكثر من عقدين من الزمن، ونال أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من القمع والتعذيب، والتهجير والسطو على ممتلكاتهم، فوق ما ألحقه طغاة مصر وتونس بشعوبهم، وكانت بدر وأحد من معارك الدفاع عن النفس بنص الآية “أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير” وجاء يوم الفتح، وقد تغيرت موازين القوة لصالح المستضعفين، وكان من بينهم بلال وما بقي من آل ياسر، ممن تعذب على يدي طواغيت قريش، وكان بوسعهم التنكيل بقريش، والمطالبة بدماء زهقت بالباطل، ويطالبون بأموال سلبت عنوة، وينادون بإقامة المحاكم وأخذ القصاص، واسترداد ما نهب، لكن الرسول الأعظم، صلى الله عليه وسلم، أمن روعة أعداء الأمس حتى قبل أن يدخل مكة، وقصد إلى مؤسسة الفساد الأولى، مؤسسة الحكم الوثني فهدم أصنامها، وقبل إسلام وتوبة هند التي لاكت كبد عم رسول الله، فكتب الله له الفتح المبين ليس مكة وحجارتها، ولا نوادي الحكم لسادة قريش، بل فتح الله له صدور الناس، وتألفت‭ ‬له‭ ‬قلوبهم‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬أراه‭ ‬في‭ ‬‮”‬ثورة‮”‬‭ ‬تونس‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬‮”‬ثورة‮”‬‭ ‬مصر‭ ‬حتى‭ ‬أدعوك‭ ‬وأدعو‭ ‬نفسي‭ ‬إلى‭ ‬مثلها‭. ‬ 
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
20
  • أبو عبد البر

    السلام عليكم:
    بارك الله فيك على هذا التحليل الذي يتميز بالموضوعية في الطرح و التي تغيب عن الكثيرين عن توهج العواطف عندهم، بالنسبة لإخوتي المصريين أنصحهم بقراءة تاريخ الجزائر الحديث بعد انتفاضة 1988 بتأني و عمق و الأحداث بعدها و سيعرفون لماذا يمتاز طرحه بالدقة و الموضوعية، فأنا من أشد الرافضين لهذه الأنظمة التي لا تقوم على شريعة الله و لكن علمتنا التجارب أن التغيير لا يكون بتلك الصورة و لنا عبرة في التاريخ فالذي يقرأ التاريخ و لا يعتبر منه أنصحه بعدم تضييع الوقت في قراءته.

  • صالح

    لو رجعنا إلى الدستورالمصري، وبالضبط إلى النصوص المتعلقة بشروط الترشح إلى رئاسة الجمهورية، والتي تعتبر نصوصا تعجيزية بالنسبة لأي مترشح مصري خارج الحزب الحاكم، والتي تشترط على أي مترشح أن يجمع 250 توقيع من طرف العناصر المنتخبة، من برلمانيين أومجالس محلية، أو أن يكون ينتمي إلى حزب معتمد حقق ما نسبته 3 % من عدد مقاعد البرلمان في الإنتخابات التشريعية الأخيرة لاكن وكما يعلم الجميع أن الحزب الوطني الديمقراطي فاز تقريبا بـ 98 % ، إذن فاشرط الثاني غير محقق، والشرط الأول مبدئيا غير محقق.

  • بن بلة

    الي الاخوة المصريين مبروك عليكم اسقاط اكبر طاغية لانه لم يضلم المصريين وحلدهم ولكن كل الامة العربية ولكن لن تستطيعوا ان تفهموااستاذنا حبيب راشدين انه يتكلم من تجربة دامت 23سنة مع الفتنة والفوضي ان تغيب العقل حتي عند العلماء المشهود لهم موجود حتي شيخنا القرضاوي بشر له اهواء ونفس تريد الانتقام دون ان يشعر كلنا ننشد التغير والمستقبل الافضل ولكن دون تايد امريكا ولا اوامر من اروبا فقد سبقنا العلامة ابن باديس عندما قال والله لو طلبت مني فرنسا ان اقول لا اله الا الله ما قلتها

  • الحاج

    يعطيك الصحة أستاذ تحليل واقعي ومسنود بأدلة من سيرة المصطفى الكريم
    أشاطرك الرأي في كل ماذهبت إليه أستاذ
    والإخوة اللي ماهوش عاجبهم الحال وباينتلهم هاذي ثورة راكم تحلبون خارج الإناء ووالله ماكم فاهمين فيها حبة
    واللي راهم منبهرين بأقوال أولئك من أدعياء العلم والذين يهرفون بدون دليل شرعي ويريدونها فوضى تأتي على الأخضر واليابس وهم معروفون خلوكم من الإنبهار الإعلامي والحق واضح
    والتاريخ فيه عبرة ولا توجد ثورة جاءت بالخير
    وهذه الثورة في مصر من شباب علماني لا يهمه شيء في نصرة الإسلام ولا أي شيء

  • عبد المجيد سعدون..الجزائري

    انك اخطات التحليل حين اعتمدت فتوى خاطئة عن عدم جواز الثورة على الحكام رغم انك قلت انك لست مفتيا..فهل مازلت على رايك المجانب للصواب والواقع بعد ان نجحت الثورة المصرية وبعد ان قال الشيخ القرضاوي وغيره من العلماء والمفكرين رايهم فيها..ام تراهم هم ايضا من الغافلين ..الجاهلين الذين لا يدركون ما تدرك انت يا استاذ من مؤامرات تحاك في الضلام ..وما هذه الحركات والانتفاضات الشعبية سوى بيادق وعرائس قراقوز.

  • محمد الشلفي

    الحمد لله انه يوجد صحفيون لا يتبعون الموجة السائدة ولا يعبدون امريكا.بارك الله فيك اخي.اناشدك ان تعود وتبدأ من جديد بنشر صحيفتك الاولى الصح آفة

  • بدون اسم

    الى احلى دماغ المصري لو تعلم ان تلك الجمال هي من افقدتك صوابك حتى دهب دكاؤك مع تقدمك و اصبحت لا ترى الاشياء الا من زاوية واحدة. اخي ان ما حدث يوم الجمل هو ان الطرف الدي ارادان ينقلب على الرئيس مبارك بصورة بيضاء حس بالخطر(.بعد ان القى مبارك خطابه الثاني والدي نزع نوع ما كل مبررات الاحتجاجات و للارتباط العاطفي التاريخي مع شعبه و الدي كان و من الممكن(الله اعلم)ان يجعل انقسام في الشارع المصري و يؤدي الى نتائج لا يحمد عقباها )وسارع الى افتعال هدا الحدث امام كاميرات العالم.

  • توفيق الجزائري

    مع كل احترامي لرايك يا حبيب الا أنني أنصحك بالابتعاد عن هكدا تحاليل و مقالات لأن القياس على سيرة المصطفى و الاسقاط على الواقع و استشراف المستقبل ليست من اختصاصك بل لها أهلها العلماء المتخصصين في المجال الديني و شكرا .

  • ياسين

    من خلال المقال السابق المثير للاشمئزاز وهذا المقال يتبين لي انك من يحبون العيش تحت الاستبداد ..ولا اعتقد انك لوعايشت الاستعمار الفرنسي انك ستكون من بين المشاركين في ثورة التحرير لانك بالطبع ستعتبر ان ثورة التحرير مؤمرة للقضاء على بقايا شعب الجزائري من خلال التغرير ببعض ابناء الجزائر المتهورين امثال بن مهيدي.سيدي ان الغرب يخطط فعلا لسرقة الثورة ووجبك كمفكر هي ان تسدي بالنصح لحماية الثورة لا ان تشكك في نزاهة الثورة ..وعلى العموم ان استطاع الغرب ان يقنع الملايين بهذا الخيار فتلك هي الديمقراطية

  • ياسين

    من خلال المقال السابق المثير للاشمئزاز وهذا المقال يتبين لي انك من يحبون العيش تحت الاستبداد ..ولا اعتقد انك لوعايشت الاستعمار الفرنسي انك ستكون من بين المشاركين في ثورة التحرير لانك بالطبع ستعتبر ان ثورة التحرير مؤمرة للقضاء على بقايا شعب الجزائري من خلال التغرير ببعض ابناء الجزائر المتهورين امثال بن مهيدي.سيدي ان الغرب يخطط فعلا لسرقة الثورة ووجبك كمفكر هي ان تسدي بالنصح لحماية الثورة لا ان تشكك في نزاهة الثورة ..وعلى العموم ان استطاع الغرب ان يقنع الملايين بهذا الخيار فتلك هي الديمقراطية

  • احلا دماغ

    مشكلتك ايها الكاتب انك مثل النظام المصري المخلوع بل تعاني من نفس الافه التي عانى منها وكانت سبب رئيسى وراء اقتلاعه وهى الفرق بين الحداثة والقدم
    انت تنظر الى الثورة على انها يجب ان تكون دموية وغير ذلك لابد ان تكون نسخة اجنبية تم حياكتها داخل المجتمع المصري
    هذا هراء لاسباب كثيرة جدا
    اولا ان استجابة النظام لمطالب الشعب خلال 18 وفروق التوقيت بين من يستخدم الاجهزة الذكية وبين من يستخدم الحصان والجمل كان هو العامل الحاسم في نجاح الثورة واعطيك مثالا

  • محمد

    أحسنت يا شجاع

  • abdallah

    العرب لو تخلصوا من السداجة لكنا من اقوى الامم لكن هيهات
    سيدي انا وانت نؤمن بالالاعيب لكن السواد الاعضم يعتبرونها انتصارات
    يقول بن تيميه_ستون سنة من امام جائر خير من ليلة بلا سلطان

  • بنادم

    مع احترامي لك، هناك شبه بينك وبين مبارك و أن مبارك رد على الثورة باختصار تاريح مصر في تاريخه البطولي أما انت فرددت على النقد الموجه لك باتذكير بتاريخك المجيد.
    على كل حال أحترمك اليوم أكثر لأنك رجعت غلى منهاج أهل السنة والجماعة في التعامل مع الغثائية

  • عمر

    اشكرك سيدي على هذه الشجاعة في الطرح ، والوضوح في الرؤية ، وعدم الإنجراف مع التيار ، ويكفي رأيك صدقا أنك تستمده من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ، أدعو الله أن يبارك لك في قلمك ويجعل ما تكتبه صدقة جارية في ميزان حسناتك ، وهذا سيدي ليس اطراء وإنما هو من باب القول للمحسن أحسنت ، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.

  • أحمد

    ظننت بأنك تحلل المشهد السياسي بموضوعية و لكن أتضح أن لك أفكار مسبقة تؤمن بها و هي أنك لا تؤمن بالثورة ضد الظلمة الذين يغتصبون حقوق الأخرين و تطلب من المسلم أن يركن لهم عكس ما يقوله القرآن.
    قبل أن أقرأ مقالاتك كنت أرى بأن الغرب و خاصة أمريكا لها أستراتجية جديدة فهي تريد أن تستبق الثورات الأتية لا محالة لكي لا تفاجئ بها و لكي تستغلها لصالحها و له مع تعطيها طابع شرعي. خ

  • Amira

    ياالله ياولي الصابرين~يالها من فكره رهيبه ياسيدي الفااضل هل يمكن ان كل هؤلاء المفكرين والنقاد وبعض الساسه الشرفاء ورجال نشهد لهم بالنزاهة و الوطنيه مغيبين ولا يدرون ماذا يراد بنا فى الخفاء
    هلا اكدت فكرتك هذه اكثرهلااوضحت اكثر حقيقه ما يحدث !استحلفك بالله العلى
    العظيم

  • djilali

    يبدو حسب رؤيتك للامور يا سيدي اننا نعيش ما يمكننا ان نسميه ثورات استباقية على غرار ما اصيح يعرف بالحروب الاستباقية من اجل مصادرة حق الشعوب في التحرر و استنزاف طاقاتهم الثورية دون للخروج عن للخط المرسوم لها و الدليل على ما يبدو هذه النقطة في بيان للجيش للتي تبقي على الاتفاقات الدولية على ما هي عليه; فاين الثورة اذن?

  • Abd Allah

    بارك الله فيك يا أستاذ. . على كل حال و دون تفلسف و لا إطناب, ما بني على باطل فهو باطل (اانتحارات و سمر في الساحات) و لن تعدم رحم الثورات من وضع ديكتاتوريات ظالمة جديدة طالما لم يمت فينا ذلك الديكتاتور الذي يظلم أختا أو زوجا أو أما أو موظفا...
    اللهم سلم و وفق إخواننا في تونس و مصر و سائر بلاد المسلمين لما فيه الخير و الرشاد.

  • rachid saaddine

    اشكرك يا استاذ جزيل الشكر و الثناء ولا نزكيك على الله الشعوب العربية هي مجرد جماعات من البشر حتى لااقول اكثر نحن لا نعي ولا نفهم ولا نتعظ ما يحدث الان في مصر وسابقا في تونس ما هو الا استيلاء للدواءر الاجنبية على انتفاضة المقهورين من الظلم المستبد بهم .هاته ليست ثورات ايها الاغبياء فالثورة تزينها انهار من دماء الشعوب وتجرف معها كل النظام الفاسد و الثورة لا تدوم اسابيع بل هي ايام قلاءل حتى لا ترى باقية للظلم والفساد السابقين. ثم هاته الاوضاع تذكرني ولا اعلم ان تشاطرني الراي بمهزلات استقلال الشعوب