-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ضَمَائِرُ فَاسِدَةٌ

ضَمَائِرُ فَاسِدَةٌ

للضمير عند الفلاسفة تعريفاتٌ متعددة، يلخّصها بعضهم في أن الضمير «هو استعداد نفسي لإدراك الحَسَنِ والقَبِيحِ من الأفعال، مصحوب بالقدرة على إصدار أحكام أخلاقية مباشرة على قيمة بعض الأفعال.. والضمير قد يكون واضحًا، أو غامضًا، أو مُتَشَكِّكًا، أو ضَالاً». (د. جميل صليبا: المعجم الفلسفي. ج2. ص763-764).

والضمير قد يكون فرديا في القضايا الخاصة، وقد يكون جماعيا في القضايا الكبرى التي تمس أكبر نسبة من الناس في قضية معينة.. وصدق رسول الله –صلى الله عليه وسلّم– القائل في حديثه الشريف المشهور ما معناه «ألاَ وإنَّ في الجسد مُضغَةً إذا صلحت صلح الجسدُ كلّه، وإذا فسدت فَسَدَ الجسد كلُّه، ألاَ وهي القلب» فاللهم أصلح قُلُوبَنَا.

ومن الضمير الجماعي تَوَرُّطُ الغربيين أو أكثرهم في حروب ضد غيرهم من الشعوب في إفريقيا وآسيا وفيما سُمِّيَ فيما بعد «العالم الجديد» أو أمريكا بقسميها الشمالي والجنوبي، إذ أباد الغربيون أُمَماً كَامِلَةً إشباعا لشهوة القتل في نفوسهم الخبيثة، وإرواء لِظَمَئهم لخيرات هذه الشعوب والأمم. وما يزال هؤلاء الغربيون “يبتكرون” من القوانين الشيطانية ما يُديمُ سَرِقَتَهم لهذه الشعوب تحت شعار «القانون الدولي» الذي فَصَّلُوهُ على مقاسهم. ولأنّهم قومٌ بُهتٌ فهاهم يتراجعون عن أهمّ قانون في التجارة وهو «قانون العرض والطلب»، الذي يحدد سعر كلّ مادة.. ونتيجة لما وقع في أوكرانيا، وشَحَّت مادة الطاقة في العالم مما أدى إلى ارتفاع سعرها، “قرر” الأوربيون “تسقيف” سعر الغاز الذي يستوردونه إما من روسيا أو من بلدان إفريقيا وآسيا.. فألغوا بهذا “التسقيف” أكبر قانون في الميدان التجاري.. ولا أَشكّ مثقال ذرة في أنهم سيعودون إلى الإلحاح على تطبيق هذا القانون إن زالت أسباب هذا التسقيف. فهَلاَّ وضع الغربيون “تسقيفا” لشهواتهم التي لا تشبع؟

ما جَرَّني إلى هذا الكلام إلا ما “تَفَوَّهَ” به كبير الفرنسيين ماكرون مُؤَخَّرًا من أنه غير مستعدّ للاعتذار إلى الجزائريين على ما ارتكبه أسلافُه من الفرنسيين من أفعال يخجل من ارتكابها حتى الحيوانات المتوحشة، ومع ذلك فإنّ أكثر الفرنسيين يعتبرونها “أمجادا” يرفعون بها خسيستهم.. مما يدل على صحة ما قاله أَحَدُ مَفَاخِرِهم، وهو مفكِّرُهم وفيلسوفهم جان بول سارتر الذي حَكَمَ على قومه، وما هو بالمشكوك في وَلاَئِهِ لوطنه ولقومه إذ قال: «إن الفرنسيين بكلمة واحدة ذَوُو ضمائر فاسدة». (جان بول سارتر: عارُنا في الجزائر. ص 42-43).

ورحم اللهُ شاعرَنا الإنسانيَّ النزعة، النبيلَ الأخلاق في قوله عن “الاستعمارِ” عموما، والفرنسيِّ منه خصوصا:

لَعناً له من بعد لَعنٍ إنَّهُ

حَظَرَ الحياة على العباد وحَجَّرَا

وأقول لماكرون: إنّكَ تجهلُ سنّةً من سننِ الله التي لا تتحوّلُ ولا تتبدّل في الاجتماع البشري وهي أنّه تعالى يُداول الأيامَ بين الناس. ولك فيما توجد عليه فرنسا الآن عبرةٌ إن كنت من المعتبرين.

فاعتذر يا ماكرون أو لا تعتذر أنت وقومُك فالتاريخ بيننا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!