طارق عزيز كما عرفته
عرفت طارق عزيز في السبعينيات من القرن الماضي، استقبلني في مكتبه بالحزب سنة 1972 فقال لي:”أعظم حدث يعتز به العربي هو ثورة الجزائر التي برهنت للعالم أن العرب قادرون على تحقيق المعجزات، إذا ما توفرت لهم القيادة السليمة، وما قاله الجواهري في الثورة الجزائرية على كل لسان عراقي نردده كلما استعرضنا بطولات الجزائر ثمن أنشد:
الأذى تدفع عنه بالردى طاب أسلوبا لها مبتدعا
أمة سوف تري خالقهــــا أنها قد خلقت كي تبدعا
نعم يا أخي عثمان فثورتكم بل ثورتنا تم من خلالها إبداع الأمة العربية كما قال الجواهري“
بهذه الكلمات استقبلني طارق عزيز الذي يبرهن دائما أنه يحمل في صدره تراث الأمة العربية.
وفي سنة 1979، وكان نائبا لرئيس الوزراء، تناولت على مائدته العشاء، وسألني عن كتابي (الثورة الجزائرية في الشعر العراقي) ومتى يصدر بالعراق، فأجبته بأني قررت سحبه من طبعه بالعراق، لأن وزير الثقافة العراقي طلب مني حذف الشعراء العراقيين الذين يعارضون النظام العراقي وهم مقيمون في دمشق مثل الشاعر سعدي يوسف، وأنا غير مستعد لإلغاء أي شاعر من كتابي، فأجابني طارق عزيز معك كل الحق، فهؤلاء شعراء قالوا شعرا في ثورة العروبة بالجزائر، ولا بد من نشر ما قالوه بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.
وفي نفس اليوم استقبلني الرئيس صدام حسين فقال لي:”لقد أخبرني طارق عن كتابك، وقد أصدرت الأمر لوزير الثقافة بأن ينشر الكتاب كاملا بدون حذف وفقا لموقفك، فهؤلاء شعراء قالوا شعرا في ثورة العروبة في الجزائر ولا بد من نشر شعرهم فيها حتى ولو كانوا معارضين لنا، وتم بالفعل نشر الكتاب بالعراق كاملا دون حذف.
رحم الله أبا زياد فقد كان شهما، عرض جلادوه عليه أن يوقع على ورقة يعلن فيها تبرأه من قائده صدام حسين لكنه رفض بإباء ومات شهيدا صامدا صمود الرجال.
* سفير الجزائر السابق في بغداد