الرأي

طليبة وولد عباس يفتتحان دورة البرلمان!

قادة بن عمار
  • 4213
  • 10
الشروق أونلاين

علامات التعجب التي تمّ طرحها عقب محاكمة النائب البرلماني ورجل الأعمال بهاء الدين طليبة ومعه نجل جمال ولد عباس، لا نعرف حتى الآن سببها، هل هي بسبب الأرقام الخيالية لبيع قوائم جبهة التحرير في الانتخابات؟ أم بسبب الدهشة من التزوير الفاضح والممنهج؟ أم أنّ التعجب سببه طليبة نفسه الذي حاول الظهور كـ”بطل قومي ضدّ الفساد السياسي”؟

نطرح هذا السؤال، لأننا لا نجد مبرّرا منطقيا واحدا يفسِّر التعجُّب الزائد، فلا التزوير يعدّ جديدا على النظام وأعوانه، ولا الملايير المستعمَلة لشراء المناصب والذمم كانت خافية على متتبعي أخبار الحزب العتيد ومشتقاته، ولا طليبة هو الرجل الذي يمكن أن تتوقع منه شيئا آخر غير الفضائح، وبالتالي، فما سبب التعجُّب؟ إلا إذا كان البعض متعجبا من جرأة المتَّهمين في دفاعهم عن أنفسهم، وهنا فعلا، يحتاج الأمر إلى تعجّب وتحسّر وتفكّر.

مثلا، كيف يمكن هضم تصريح جمال ولد عباس حين يقول إنه كان ضدّ العهدة الخامسة، وضدّ “العصابة”، وهو الذي كان يسبّح بحمد الرئيس، بل ويعتبره الدولة التي لا تزول إلا بزوال فخامته؟!

وكيف يزعم طليبة أنه أنقذ البرلمان وسمعتَه من فضيحة مدوية، وهو يعدّ رمزا قويا لزواج المال القذر بالسياسة، وعنوانا بارزا في مرحلة مصادرة القرار لصالح حفنة من “البزناسية”؟!

ثمّ كيف يقول نجل جمال ولد عباس إن والده كان يتلقى الأوامر من السعيد بوتفليقة “المخمور” دون أن يسأل نفسه: لماذا ينفذ والدُه “غير المخمور” تلك الأوامر، دون أدنى اعتبار لموقع الآمر أو هيئته؟!

هذه المحاكمات وغيرها، فضحت النظام في لحظاته الأخيرة، فضحت لا مبالاته تماما، وكيف لم يعبأ بشعور المواطنين أو غضبهم، ثمّ لم يتوقع حَراكهم أو ثورتهم، وكيف لم يفكر أبدا في تغيير قواعد اللعبة، بل لم يفكر حتى في الاستعانة بأشخاص جدد، أشخاص لهم أساليب أنظف من تلك التي كان يعتمدها ولد عباس وطليبة وغيرهما. المحاكمات أظهرت أيضا، أن المنطق العائلي لم يسُد قصر المرادية فحسب، بل كان طاغيا على الجميع، ومنتشرا في كل المناصب والمواقع: في الرئاسة، وفي الحكومة، ولدى البرلمان، والأحزاب… وصولا إلى الإدارة.

بقي أن نتساءل: هل هي الصدفة، أم القدر من رتّب تاريخ هذه المحاكمة وتلك الاعترافات المقيتة لتتناسب مع يوم افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان، حيث اضمحل الحدث الثاني أمام الأول، وغابت تصريحات سليمان شنين وصالح قوجيل وسط اعترافات طليبة واسكندر ولد عباس؟

إن كانت مجرّد صدفة، فهي صدفة خيرٌ من ألف ميعاد كما يقولون، أما إن كانت بفعل فاعل، فهي قد أتت لفضح البرلمان أكثر مما هو مفضوح، خصوصا وأنه مقبلٌ على مناقشة أهمِّ وثيقة في حياة الجزائريين وهي الدستور، ليكون مصير هذه المناقشات وقبل حتى أن تبدأ بلا معنى، إذ لا أهمية أخلاقية للجهة التي تناقش، في انتظار أن يفصل الشعب في مصيره عبر الاستفتاء المقرَّر في أول نوفمبر القادم.

مقالات ذات صلة