عالمة الأنثربولوجيا “فاني كولونا” دُفنت أمس في المقبرة المسيحية بقسنطينة
وصل زوال أمس السبت، جثمان الباحثة العالمية فاني كولونا في علم الأنثربولوجيا، إلى مطار قسنطينة، بعد رحلة من باريس، حيث توفيت في السادس عشر من شهر نوفمبر الحالي في باريس عن عمر ناهز 80 سنة، ولكنها رفضت أن تدفن في باريس وأصرّت في وصية لعائلتها حسب المؤرخ الجزائري محمد حربي، على أن تدفن في مسقط رأسها الجزائر وبالتحديد في قسنطينة التي عاشت في منطقتها قبل الاستقلال.
وهي من مواليد أريس بقلب الأوراس، في عام 1934، وتنقل إلى مطار قسنطينة عدد من المؤرخين والأساتذة الجامعيين، ومنهم البروفيسور عبد المجيد مرداسي الذي قال في تصريح له بأن الفقيدة كانت صديقة حقيقية للجزائر ولم تغادرها حتى في العشرية السوداء، بينما اعتبر مدير الثقافة بقسنطينة الأستاذ جمال فوغالي في حديث للشروق اليومي، اختيارها بأن تدفن في المقبرة المسيحية بقسنطينة انتصارا آخر للثورة الجزائرية، التي برغم مرور ستين سنة، عن اندلاعها وانتصارها، مازالت تحقق انتصارات أخرى بحضورها الإنساني والأخلاقي، وخصصت السلطات في قسنطينة استقبالا شرفيا لجثمان الفقيدة العالمة التي نقلها ابناها فانسون وفرانسوا، اللذان يعيشان في باريس وهما من مواليد الجزائر العاصمة، رفقة بعض أفراد عائلتها، حيث استقبِل جثمانها بالقاعة الشرفية للمطار وتم تحويلها إلى المقبرة المسيحية في قلب المدينة، إذ ووريت الثرى في حدود الثالثة بعد الزوال بكلمات تأبينية، وتعتبر فرنسا فاني كولونا من أكبر العلماء في الانثروبولوجيا في العالم، وهو العلم الذي يهتم بالإنسان وبالظواهر المرتبطة به، ولما تزوجت من بيار كولونا عام 1950 ظلا يناديان بالحقوق الجزائرية، ووقفا إلى جانب الثورة التحريرية والتقت بالعديد من كبار الثورة ومنهم على وجه الخصوص العربي بن مهيدي ومصطفى بن بولعيد، إضافة إلى علاقاتها مع محفوظ قداش أحد رواد الكشافة الجزائرية الإسلامية، ورفضا بعد الاستقلال العودة إلى فرنسا، وطلبت كورونا بعد الاستقلال الجنسية الجزائرية ورفضت الجنسية الفرنسية، وحتى عندما عادت إلى باريس في السنوات الأخيرة للعلاج، كانت ماكثة ببطاقة الإقامة فقط، ومن آخر مؤلفاتها كتاب الثوابت والمتغيرات الدينية في الجزائر المعاصرة، ودرّست الراحلة في جامعة باب الزوار، كما امتهنت الإعلام في مجلة الضمير المغاربي قبل الاستقلال.