-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عام‮ ‬مضى‭ ‬كم‮ ‬به‮ ‬خابت‮ ‬أمانينا‮!

عام‮ ‬مضى‭ ‬كم‮ ‬به‮ ‬خابت‮ ‬أمانينا‮!
  • نودع – نحن المسلمين في مشارقنا ومغاربنا – عاما هجريا، ذقنا فيه ألوانا من الهوان، لا على أيدي أعدائنا، بل على أيدي بعضنا.
  • نودّع هذا العام وليس في خانة الإيجابيات شيء، فنحن – إلا قليلا – لم نحسن صنعا، ولم نتقن عملا، ولم نصدق قولا، ولم نخلص نية، ولم نزّك نفسا، ولم نصلح فاسدا، ولم نقوّم معوّجا، ولم نؤدّ أمانة… وإنما هي أعمال سيئة، وأقوال كاذبة، ونوايا خبيثة، ونفوس عليلة، وأهواء متبعة، وظلم متفش، وعقول كليلة، وسرقات بالملايير في وضح النهار، ورشا صارت- بالاستمراء- “حقوقا”.
  • إن المسلمين اليوم – ولا يستثنى إلا القليل – أسوأ من المجتمع الجاهلي، الذي وصفه جعفر بن أبي طالب أمام النجاشي، حيث قال: »كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف«.
  • فما هو الفرق بيننا -نحن المسلمين اليوم- وبين أهل الجاهلية؟ إنه لا فرق، وإن أصرّ بعضنا على وجود فرق بيننا وبينهم فهو فرق ظاهري في جملة »نعبد الأصنام«.. لأننا إذا كنا لا نعكف على أصنام، ولا نخرّ لأوثان حجرية أو خشبية، فإننا نفعل ذلك أمام »أصنام« بشرية، كان الشاعر أبو ريشة قد أشار إلى ذلك في قوله الصادق:
  •  
  • أمتي كم صنم مجّدته
  •  
  • لم يكن يحمل طهر الصنم
  •  
  • فالصنم الحجري أو الخشبي لا يفعل الفواحش، ولا يأمر بها، ولا يسيء إلى الناس، وهو لم يقل لهم: اتخذوني إلها، وسبّحوا لي بكرة وعشيا؛ وأما أصنامنا البشرية – وإن أعجبتنا أقوالها – فأنصافها العليا للسطوة، وأنصافها السفلى للشهوة، وهي في النهار ترتشي، وفي الليل تنتشي، ومع ذلك فهم أصحاب »الجلالة« و»الفخامة« و»السمو«!!!
  • إن جاهليتنا أظلم وأطغى من الجاهلية الأولى ومن جاهلية أبي جهل، فكلتا الجاهليتين كانت -على عتوهما وضلالهما- »طفلتين« مقارنة بالجاهلية »العالمة« التي تسمي الفاحشة »فنّا« ويتوقّح أصحابها وصويحباتها فيزعمون أن الله – عز وجل – »وفقّهم« و»وفقهن«، »كبرت كلمة تخرج من« … »إن يقولون إلا كذبا«.. »إن الله لا يأمر بالفحشاء«.
  • لقد كانت الجاهلية السابقة تسمي الخمر خمرا، وأما جاهليتنا فتسميها »مشروبا روحيا«، تلبيسا على الناس، وإضلالا لهم، وسخرية من عقولهم، واستهزاء بهم..
  • وكان الفسق في الجاهلية السابقة محصورا في أماكن محددة لا يقصدها، ولا ينزل بساحتها إلا الفاسقون، القذرون، ويتحاشى المرور بقربها أسوياء النفوس، رشيدو العقول، فإذا بالجاهلية الحالية تدخل الفاحشة والفسق إلى كل بيت، بتزكية ورعاية ممن حمّلوا الأمانة ولم يحملوها…
  • لقد جاء محمد -صلى الله عليه وسلم- فقوّم اعوجاج الجاهلية، وأنار السبيل للجاهلين، وداوى عللهم، وزكى نفوسهم، وهذّب أخلاقهم، وأرشد عقولهم، وصيّرهم أقرب إلى الملائك منهم إلى البشر… فمن يهدي البشر -مسلميهم وكفّارهم- اليوم؟
  • إن أكثر »ورثة« محمد – صلى الله عليه وسلم- وهم »العلماء« – المعوّل عليهم – هم الأكثر مرضا، وهم الأكثر اعوجاجا، وهم الأشد علة، وهم الأوغل انحرافا… لأنهم يعلمون ما لا يعلمه غيرهم، فلا عذر لهم من كل ذلك…
  • إننا -نحن المسلمين- أشقى أمة على و جه البسيطة الآن، وقد صار أعداؤنا لا يشمتون بنا؛ ولكنهم صاروا يشفقون علينا بسبب ما نعانيه من سوء، وما نذوقه من صنوف الهوان والعذاب والفتن… لقد سمعت – وسمع غيري – الناطق باسم الحكومة البريطانية يقول من على منبر قناة »المستقلة«: »لقد كانت سياسة بريطانيا -سابقا- في العالم العربي (وهو لبّ العالم الإسلامي) هي »فرق تسد«، ولكن سياستها الآن هي الدعوة إلى الاتفاق والتلاق«، »فيا أمة ضحكت من جهلها الأمم«.
  • ضع أمامك – أيها القارئ – خريطة لهذه الأمة التعيسة، تجدها شقية بحكامها، مقتولة بأبنائها، ضالة بـ »علمائها«، منهوبة من حرّاسها، مخونة من »أقنائها«… بالرغم من أن رسولها – عليه الصلاة والسلام – تركها على المحجة البيضاء، وترك أبناءها:
  •  
  • بإيمانهم نوران ، ذكر وسنة
  •  
  •      فما بالهم في حالك الظلمات؟
  •  
  • إن الطامة الكبرى التي أصابتنا هي أنه حيل بيننا وبين قلوبنا، فلم نعد نحس بما نحن فيه من سوء ولم نعد نميز الخبيث من الطيب، والحسن من السيء، والعلم من الجهل، والنظام من الفوضى، والعدل من الظلم، والحق من الباطل، والخير من الشر… فإذا نصحنا ناصح أخذتنا العزة بالإثم، ووضعنا أصابعنا في آذاننا، واستغشينا ثيابنا، ولوونا رؤوسنا، وأسمعناه ما لا يرضى من القول.
  • إنني أحفظ وأعقل – بحمد الله وفضله – حديث البشير النذير – عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم – القائل: »إذا سمعت الرجل يقول: هلك الناس فهو أهلكهم«. من أجل ذلك فأنا لا أقول ما قلته يأسا أو تيئيسا، والعياذ بالله، إذ لا ييأس من روح الله إلا من ران على قلبه، وغشي على بصره، واستحوذ عليه قرينه… وإنما أقوله شفقة على أمتي، وغيرة عليها من أن تبقى في الدرك الأسفل، يضحك عليها الأسافل، ويسخر منها الأراذل.. ثم ينقلون الضحك والسخرية إلى دينها الحنيف، وإلى رسولها الشريف… ومن هذا الضحك وهذه السخرية تصريح الطاغية موسوليني الذي قاله في إحدى نزواته : »أنا حامي الإسلام (1)«.
  • ويمكن لأي شخص من أعداء الإسلام، أطغاه المال والحديد، وأبطره الجاه والعديد أن يكرر هذا القول سخرية واستهزاء، مادام حماة الإسلام المفترضين هم في »شؤون« أخرى، والإسام آخر ما يفكرون فيه، وهذا إن فكروا فيه أصلا.
  • ولولا أن جعل الله – العليم الخبير – قوة الإسلام فيه، ودفاعه منه لأصبح الإسلام نسيا منسيا، ولصار أثرا بعد عين لما وجه إليه من سهام قاتلة، ولما دبّر له من مكائد هائلة… وصدق الله القائل: »إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون«.
  • إنه لا مخرج لنا – وللإنسانية كلها – من هذه المشكلات والأزمات إلا بالعودة الصادقة الواعية إلى »الإسلام الصحيح«، الذي يكرم العقل، وينشر العدل، ويشيح الرحمة، ويفشي السلام.
  • وإننا نستقبل عاما هجريا جديدا، وهو في عدد أيامه كالذي استدبرناه، ورغم أننا نعلم علم اليوم والأمس قبله، ونجهل ما في الغد؛ إلا أننا نستطيع القول بأن هذا العام الجديد لا يحمل لنا في أحشائه خيرا، لأننا لا نحمل في قلوبنا خيرا. ووعد الله غير المكذوب بالخير هو لمن في قلوبهم خير. »إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم«.
  • وأما عنوان هذه الكلمة فهو صدر بيت من قصيدة للشاعر مفدي زكريا. وعجزه هو: »ماذا تخبّئه يا عام ستّينا؟«.
  •   
  • (1) أحمد حسن الزيات: وحي الرسالة .ج1.ص366
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
27
  • فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ

    وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا

  • فيصل حمادي

    ويا فرنسا الزمي حدودك فان في الجزائر رجال عاهدو الله منهم ابن باديس والبشير عبد القادر رحمهم الله ونحن على الدرب سائرينا اللهم اجمعنا بهم في جنات الفردوس اؤلئك الدين ما باعو دينهم ولا ارضهم ومابدلو تبديلا

  • رشيد تامه

    ألأخ محمد الهادي , جزاك الله خيرا عن أمتنا .. من المنتظر منكم أنتم العلماء المسلمين أن تضاعفوا جهودكم في تنوير ألأمة بما تكتبةن وذلك بتظافر الجهود مع العلماء العاملين والدعاة الواعين والحركات الإسلامية العاملة . وشكرا

  • يزيد

    يبدو أن الشيخ مستعجل...وإنما النصر مع الصبر،ثم إن كلامه تعميمي لا طائل منه،وأخشى أن يغتنمه أولو القلوب المريضة و--حديثو الإسلام -- فينفلتوا من دائرة الخيرية التي لازالت بها الأمة -على ما أصابها من علل-تقف أمام ملايير الكفرة. ألا يا شيخ فلتتخصص في شيء تصنع منه مع قافلة الدعاة سدا لثغرة، ذلك أنك علمت وتيقنت حجم السيل الجارف.وأبشرك : الله ناصرنا والله هادينا.

  • صالح قرباب

    بسم الله ارحمن الرحيم
    بارك الله في أستاذنا القدير و أقول لمن يكتب في الشروق : " هكذا اُكتُبوا أو لا تكتبوا "

  • بدون اسم

    ليس لهده الدرجة يا شيخ صحيح علينا ان نبين مواطن الخلل وان نعطي خطة عملية للخروج من ها الازق لا ان نجرح في الامة هات حلا يا فضيلة الدكتور

  • nourelhak

    باركك الله وبارك جهدك وأيقضنا يعلمك سيدي... ولكن أسمعت لو ناديت حيا ... كان هوبل الحجر يجمع قبائل العرب أما صنم الجلد فقد فرق شعوب السطوة والشهوة.....

  • الادراري

    عـــــــــــــام سـعـيـــــد وعمــــر مـديـــــــد لاستـاذنـــا ولكـــــل الغيــــوريـــــن والمحبيـــــــــن والمصلـــــحيـــــن

  • قرداح ميلود

    السلام عليكم
    و بعد
    شكر الله لك على مل تقدمت به من تحليل لاوضاع هي في الحقيقة اوجاع امتي التي نسال الله في علاه ان يعجل لنا بالشفاء منها فلعلنا لن نكون نحن ممن يقولون في قراءتهم للعام 1431 ه " عام مضى كم خابت او تحققت به امانينا "

    و مع ادراكي للا لم الدي يعتصر قلب الاستاد الفاضل وقلوب امثاله وهم بفضل الله كثر فانني اتلمس في روح كلماته واللسان بريد القلب فهما دقيقا و ايمانا عميقا و عملا متواصلا على كشف علل ما الم بنا و انارة الطريق امام اسباب امل تبدو ملامحه في اشتداد الازمة التي ينتج عنها بادن الله تعالى همة تاخد بيد الامة من جديد الى القمة .
    و لتحقيق دلك ليسال كل منا في موقعه
    ما هي خطتي للعام الهجري الجديد التي اساهم بها في هجرة امتي مما هي فيه الى ما يجب ان تكون عليه

  • حفيد الشيخ بوعمامة

    أسأل الله لك - يا شيخي - طول العمر والعمل الصالح.

  • hamdi

    سيدى الكريم لقد قراة مقالك فابهرتنى بتشبعك في فنيات استعمالك للكلمات الا ان ما يعيب فيك انك متشائم جدا

  • حميدة مشري

    موضوع ينبض من صميم الواقع لكن كاتبه عاش ويعيش واقعه لكنه لم يعش او لم ينبض قلبه لمحتوى موضعه وللاسف الشديد انه يعبر عن نبينا وكانه خاص بهم ولا يرطبت به وقس على دالك توجيه نص الموضوع لتصل الى ماهو مخاطب به صاحب الموضوع

  • عبد الحميد

    كلامك جواهر.بارك الله فيك.
    انا اتمنى وادعو اله عز وجل ان يهدينا جميعا لما فيه الخير و الصلاح لامتنا وان يهدي ولاة امورنا .
    ان ابتعادنا عن التربية الاسلامية في حياتنا هو الذي ادى بنا الى الذل .

  • Ali

    كلامك حق يا أستاذ

  • melki ahmed - bou saada

    بارك الله فيك ياشيخنا

  • عبدو

    شكرا لكم فضيلة الاستاذ على هذا الموضوع القيم وانني من المتابعين باستمرار لمقالاتكم واسهاماتكم في اصلاح الامة.فضيلة الاستاذ التمس منكم ان تنشؤوا موقعا خاصا بكم او بمعية الاساتذة الفضلاء الذين تتلمذت معهم اويحملون نفس الهم والغـــــم امثال الدكتور عبدالرزاق قسوم.

  • عبدالكريم

    لا فظ فوك يا سيدي الفاضل

  • Ali

    Si je résume bien , nous ne valons presque rien nous les musulmans en général, et les arabes en particuliers. Et la solution serait le véritable Islam.
    Mais c'est quoi le véritable Islam ? C'est celui de Ali benhadj ? l'islam officiel ? l'islam wahabite ? l'islam iranien ? ...?
    Comme souvent, on pointe les problèmes, parfois juste les symptômes, sans donner de vrais solutions. Des solutions nouvelles, pratiques et qui peuvent être mise en oeuvre sur le terrain et dans des délais adéquats.
    Alors cessons de mettre l'islam à toute nos sauces. Les pays les plus développés, ne sont pas des pays musulmans et cela est une réalité que personne ne peut nier. Va -t-on continuer à espérer une société modèle où chacun suit les préceptes de l'islam à la lettre, encore une fois quel islam, ? C'est tout simplement impossible. Même si les gens s'e plient à quelques règles "islamiques" en public, qu'en sera-t-il en privé ? Regardons plutôt ce que les autres font objectivement. Si on lâche une pierre elle tombe, quelque soit la personne qui la lâche (musulman ou pas). Les occidentaux qui ont compris cela depuis belle lurette, sont capable d'envoyer des sondes sur Mars, ou des missiles sur la fenêtre gauche du troisième niveau du palais de Sadam !
    De même, le Coran qui dit en substance "sévères en vers les mécréants et miséricordieux entre eux" s'applique également pour tout le monde. Les Etats Unis ont-t-ils besoins des autres occidentaux pour écraser l'Afghanistan? Surement pas. Mais miséricordieux entre eux ! Les Palestiniens ont-ils besoin de l'aide des Egyptiens ? Bien sûr que oui. Mais ils ne l'ont pas.
    Bref, des solutions pratiques et efficaces et avant cela le diagnostic des problèmes et de leurs sources. La religion c'est pour Dieu.même si chacun s'inspire de ce qu'il est.
    Et moi je suis musulman.

  • حفيد الشيخ بوعمامة

    أسأل الله لك - يا شيخي- طول العمر والعمل الصالح،

    ولربما مقامي الوضيع أمامكم قد لا يستحق أن أدعو لكم لكني سألت الله.

  • RACHID

    ESPERONS QUE L'ANNEE PROCHAINE SERA MEILLEURE.

  • علي

    لست أدري مآفائدة من مثل هذا المقال. خلاصته نحن المسلمون عامة و العرب خاصة "ما نسواوش".
    الحل : الرجوع الى الإسلام الحقيقي ؟
    أي إسلام ؟ إسلام علي بلحاج ؟ الإسلام الرسمي ؟ الإسلام الوهابي ؟ الإسلام الإراني ؟ ...؟
    دعوا الإسلام جانبا. إن أرقى الأمم ليست مسلمة. نحن نحتاج الى حلول جديدة ذات فعلية و واقعية.
    مسلم مخلص يؤن بالله و رسله و ملائكته و بيوم الدين.

  • أبو الطيب -- البوسعادي

    طرقت موضوعا وجب الوقوف عنده مليا .. لأنه يشرح الواقع المؤسف , حين ننطلق في فهم واقعنا آنطلاقا من عمق وجودنا ومن محيط حياتنا ’ في واقعنا المرهق بنتوءات تصرفاتنا خارج هوامش الحياة العادية.
    فأما جاهلية الأمس البعيد فقد إحتوت في وعاء ما إحتوت عليه : من حياة عادية بسيطة تغلب عليها السذاجة ولكن مضامينها تشير إلى مآثر حميدة ملؤها النبل والشهامة والخلق الأصيل والتفاخر فيما أبناء عرب ذلك الزمان على الطهر والسؤدد والخلال الكريمة . فقلما تجد بينهم صاحب نفس مريضة أو إنهزامية ذلك أنه في عرفهم لا مكان للتردد
    أو المتاجرة بالأعراض .
    ويكفي أنهم إذا أمتدحوا يمدحون بالكرم والأباء والشجاعة والإقدام ورفض الضيم والترفع عما يسيء بالرجل الكريم.
    ولذلك قال الرسول -صلوات ربي وسلامه عليه-: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق , ومعناه الإعتراف بوجود المكارم في ذلك الزمان الذي نصفه بالجاهلي.
    أما في واقعنا اليوم - فنحن أبعد مانكون عن النموذج الإنساني بل دون مستوى الآدمية في الحدود التي ميزها بها الله عن سائر مخلوقاته.
    ولو عدنا لثقافتنا الشعبية الشفوية كما نعايشها اليوم أكثر من دليل على هذا الإعتقاد ..
    فماذا تقول في الأمثلة المتداولة التالية :
    ( أحرز الميم تحرزك) ..(أحييني اليوم وأقتلني غدوة)
    والنماذج كثيرة ... إنها تفسر الرداءة التي بلغها عرب اليوم بمختلف ألوان طيفهم وجميعها توحي بمحدودية التفكير وآنعدام النظرة المستقبلية وأنحصار الطموح في الحياة البهيمية , وطبيعة العزائم المثبطة .
    أزيد وأقول أن الله سبحانه وتعالى قد خص سائر البهائم بسلوكات فطرية هي أس حياتها في هذه الدنيا لا تزال تحافظ عليها ولم تحد عنها قيد أنملة منذ الأزل وإلى الأزل إلا هذا الإنسان العربي الذي إنحرف بعيدا جدا عن طبيعته وسيرورة حياته وأضطربت سلوكاته عن النهج الذي ميزه به رب العزة

  • الخيري

    من سره زمن ساءته ازمان

  • ibrahim

    صدقت يا شيخ ، يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ، وكلام صادق بأسلوب شائق . لا فاض الله فاك ..

  • smain

    بسم الله الرحمن الرحيم
    تحية طيبة استاذ :
    من يقرأ الموضوع فإن الدنيا تسود في عينيه و اذا نظر الى واقع الأمة فإنه حتما سوف يغير نظرته تلك من التشاؤم الى التفاءل لأن كلمة الحق عندما تقال في هذا الوقت بالذات فالله وحده الذي يحميها لكي تنشر و تقرأ ........
    و الحمد لله فإن الخيرية موجودة في امة الإسلام الى يوم الدين ....
    و شكرا جزيلا و السلام عليكم

  • الحاج عيسى فخار

    للله درك يا هادي يا حسني,كما عهدناكم وكما شهدنا لكم وعنكم. أنكم من خيرات هذه الأرض الطيبة أرض الجزائر الحبيبة.فالله نرجوا أن يوفق كل قارئ لرسالتكم هذه أن يوفقه,ليجعلها خريطة حياته ولنبدأ من أول محرم كل من مكانه.
    وبعد عام,نحاسب أنفسنا كم أخذنا منها وكم أخذت منا. والسلام.

  • عبد الرحيم الجزائري

    نريد التواصل مع الشيخ الاستاذ محمد الهادي الحسني و شكرا