-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عطاء من لا يملك..!

الشروق أونلاين
  • 2520
  • 0
عطاء من لا يملك..!

محمد يعقوبي: yacoubim@ech-chorouk.com

الطريقة الحميمة التي احتضن بها رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت رئيس السلطة الفلسطينية عباس أبو مازن تشتم منها رائحة الاستغلال الإسرائيلي للفتنة الحاصلة داخل الصف الفلسطيني كما جرت عليه دائما عادة الإسرائيليين، ومشكلة عباس هذه المرة ليست في احتضان اولمرت له بتلك الطريقة المشبوهة فحسب بل في التوقيت القاتل لهذا اللقاء.فعباس فشل في احتضان الفصائل الفلسطينية المتطاحنة، ونجح في فتح ذراعين وقلبه لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي لم تمض سوى أيام عن عدد من المجازر البشعة في حق الشعب الفلسطيني.

من البديهي أن يسعى الإسرائيليون إلى تعميق الهوة بين الفلسطينيين، وإلا كيف نفهم اختيار أولمرت لهذا التوقيت بالذات لقبول الاجتماع مع عباس حتى وإن كان الجميع جازما بعدم التوصل الى حل في موضوع الأسرى، لان فتح وعلى رأسها عباس ليس في يدها أية ضمانات تستطيع أن تفاوض بها اولمرت لتحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين من سجون إسرائيل أو العمل على تحرير الاسير الاسرائيلي من قبضة شباب المقاومة، ولذلك كان خالد مشعل دقيقا عندما قال أنه لا يمكن التوصل الى حل للقضية الفلسطينية الا بالمرور على حماس، إذ لا يمكن أن يفاوض عباس الاسرائيليين ويقدم لهم ضمانات هو لا يملكها وهم لا يستحقونها الا بإعطاء الشعب الفلسطيني حقه كاملا، ولذلك بدت مفاوضات عباس واو لمرت كمحاولة من لا يملك إعطاء ضمانات لمن لا يستحق.

المشهد نفسه تكرر ويتكرر في لبنان فأمريكا وإسرائيل تغازلان حكومة السنيورة والآن فقط أصبح “حرصهما” شديدا على المصلحة السياسية للبنانيين وقد شاهد العالم اجمع كيف مول بوش اولمرت ليقصف أطفال قانا ويحطم البنية التحتية للبنانيين، وبمثل ما دعمت أمريكا الحرس الخاص لعباس وزودته بالسلاح بمثل ما حضي السنيورة بقوة حراسة مدعومة من الرئيس بوش شخصيا، وهذا التوافق ليس حبا من بوش واولمرت في عباس أو السنيورة بل لان موقف الرجلين من حماس هو نفسه من حزب الله وليس ثمة فرصة كهذه لتقويض قوتهما، وما لم يستطيعان تحقيقه بالحرب ضد حماس وحزب الله يحاولان تحقيقه بالمناورة واللعب على الفتن الداخلية لعزل وبتر جذوة المقاومة من خلال دعم الخيارات المنافسة لها ولو إلى حين، والواقع أنه لا عباس ولا السنيورة يمكن أن يشكلا بديلا حقيقيا للأمريكان والإسرائيليين في المنطقة، بل لعل بوش واولمرت هنا فقط يعملان بالقاعدة الشرعية الإسلامية التي تنصح بـ ” اختيار أخف الضررين وأهون الشرين”.

يجب أن تدرك جماعتي عباس والسنيورة أن مغازلة الأمريكان والإسرائيليين لهما هي مغازلة مصلحة وأنه في حال سقوط رهان المقاومة فإن الأوطان بأسرها سوف تسقط وتنهار، وسوف يضيع حق الأجيال في استرجاع أرضها واستقلالها وسيادتها، وأن ما سيحدث لعباس والسنيورة في حال القضاء على المقاومة هو بالضبط ما يحدث منذ فترة لأحمد الشلبي والجعفري في العراق، وكل الذين باعوا أوطانهم ليشتروا رضا الأمريكان فلا هم في النهاية بأوطانهم وشعوبهم ولا هم حتى بالثمن الذي باعوا أنفسهم من اجله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!