عظّم الله أجركم
بالأمس توجه السودانيون الجنوبيون الى صناديق الاستفتاء التي صنعتها مؤامرة دولية حاقت ببلد عربي كنا نعده الأكبر مساحة في وطننا العربي ونعتبره سلة غذاء العرب.. وسنعاني من اليوم في كيفية مسح خريطته من ذاكرتنا ورسم خارطة جديدة له وقد نزع منها جزؤها الجنوبي بجرة قلم غربية وبتعاسة الحكام الذين يصبح الكرسي عندهم أهم من المقدس ويكون استعدادهم ان يبيعوا كل شيء مقابل سلطة ولو على كومة من خراب.
-
عظّم الله أجركم ايها العرب والمسلمون، فاليوم تفقدون ساحة كانت تمثل لكم عمقا استراتيجيا في إفريقيا وكانت يمكن ان تكون في لحظة صحوكم مجالا معتبرا ينقذكم من مجاعات محتملة.
-
وللأسف ليس فقط أنكم خسرتم هذا الجزء الكبير والمهم والاستراتيجي بما يمثل من الأمن المائي والغذائي للسودان والعرب، ولكن الأخطر هو ما ينتظركم من شر مستطير، إذ سيتحول هذا الجنوب إلى خنجر في خاصرة العرب والإسلام بعد أن وقع بيد اعدائكم.. كيف لا وإسرائيل تشرف على وضعه الأمني منذ أكثر من أربعين سنة منذ لحظات التمرد الأولى كما جاء على لسان من وضع اللبنة الأساسية للانفصال جوزيف لاغو الذي جاء في سرد ذكرياته: “بعثت برسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي قمت فيها بتوجيه إطراء له بالقول “أنا سعيد بأنكم، شعب الله المختار، غلبتم العرب”. وأضفت: “أنا أيضا أحارب العرب، ما يعني أنكم في حال زودتمونا بالأسلحة، سأتغلّب على القوات السودانية التي لن تستطيع بعدها دعم مصر ضدكم”. وقد أتت هذه الرسالة ثمارها، وحصلت حركة التمرد “انيا نيا” على أسلحة وجمعت آلاف الجنوبيين في صفوفها. وقال لاغو: “الناس كانوا يتهافتون من كل مناطق الجنوب، في النهاية كان لدينا نحو 18 ألف مسلح”.
-
ولم يتردد قادة الانفصال هذه الأيام من التأكيد باأن العلم الإسرائيلي سيرفرف في جوبا في اليوم التالي للانفصال، وسيعرف العرب أي شر سينتظرهم فيما بعد.. اما حاكم السودان فيعبر عن عدم انزعاجه من احتمال قيام علاقات بين جوبا وتل أبيب بشرط أن لا يكون الوجود الإسرائيلي في جوبا معاديا.. ما هذا الكلام التافه؟ كيف يفهم هؤلاء؟
-
ان دولة تكون مقاليد أمنها بيد إسرائيل والدول الغربية لا سيما أمريكا يمر منها النيل بأفرعه وتشمل كل هذه المساحة الشاسعة ستكون شرا مستطيرا على العرب وعلى شمال السودان ومصر بالذات.. ولن ينفع تنبيه الرئيس السوداني بضرورة التفاهم على حصة السودان من المياه.. لأن إسرائيل التي تبحث عن مصادر المياه ستجد فرصتها بأن تمارس ابتزازها لمصر عن طريق إثيوبيا ودول الحوض، والآن كذلك عن طريق جوبا حتى تقوم مصر بتزويد إسرائيل من مياه النيل.
-
أيها العرب عظّم الله أجركم في وطن يتجه الى مزيد من التشظي، ذلك لأن حكامه لم يشعروا بأهمية وحدته.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.