-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أساتذة يتنمرون بالمتمدرسين ومختصون يحذرون:

عقد نفسية تلاحق التلاميذ مدى الحياة!

نادية سليماني
  • 3940
  • 0
عقد نفسية تلاحق التلاميذ مدى الحياة!
أرشيف

كثير هم التلاميذ الذين شكّل لهم بعض الأساتذة عقدا نفسية دائمة، بل دفعوهم إلى تغيير القسم أو حتى المدرسة، بل مغادرة مقاعد الدراسية نهائيا، أو الدخول في حالة اكتئاب، بسبب “التنمر” عليهم واضطهادهم أمام زملائهم.. والظاهرة تجعل أمر الخضوع لتكوين نفسي للأساتذة وللطاقم الإداري التربوي، أكثر من مُهم، في ظل تحميل التلميذ جميع مصائب القطاع، متناسين الدور المهم لبقية الفاعلين.
عندما يفتح لك بعض التلاميذ قلوبهم، لرواية ما تعرّضوا له من المعاملة السيئة من بعض الأساتذة ومدراء المدارس، تجعلك تستغرب صدور مثل هذه سلوكات، من مربي الأجيال والذين يعتبرون قدوة، خاصة وأنهم يتعاملون مع مراهقين في سنّ حساسة وحرجة جدا، وأي تنمّر عليهم، قد يؤدي لكوارث نفسية وحتى جرائم.

وصفت تلميذا مريضا بـ “الفايح “..!
” وائل” تلميذ في السنة الثامنة أساسي من العاصمة، تقول والدته بأنه تراجع كثيرا في نتائجه الدراسية، بسبب سوء معاملة إحدى معلماته، وبحسب روايتها، ابنها مصاب باعوجاج في إحدى قدميه، ما يستلزم ارتداءه لحذاء طبي، ولأن الحذاء ذو وزن ثقيل، يضطرّ الولد بين الفينة والأخرى، لنزعه إراحة لقدمه.
وفي إحدى المرّات لمحته هذه المعلمة حافي القدم في حصتها، ومن دون أن تطلب منه توضيحات أو تحدّثه بهدوء، هاجمته لفظيا وبعبارات مهينة، ومنها “يا الفايح، مش متربّي..”.. هجوم المعلمة أشعر وائل بإحراج كبير أمام زملائه، ما جعله يرفض كلية معاودة دخول حصّة هذه المُعلمة.
والدته قصدت المعلمة ولامتها كثيرا، مؤكدة لها بأن ابنها سلّم شهادة طبية حول حالته الصحية لإدارة المدرسة، ولا يجوز لها معاملته بهذه الطريقة “المُهينة”.. المعلمة اعتذرت وصالحت التلميذ، ولكن كلمة “الفايح” باتت صفة يتنمر بها زملاء وائل عليه، للسخرية منه. وهو ما جعل الوالدة تُغير له المدرسة لاحقا مُضطرّة.

عاقبت تلاميذها بتشويه مظهرهم
وفي سلوك غريب، أقدمت أستاذة اللغة العربية للسنة الخامسة، بابتدائية الشهيد عمار سعد الله ببلدية جميلة شرق ولاية سطيف، بحلق شعر 5 من تلاميذها الذكور بطريقة عشوائية، مبررة سلوكها، بأن المعنييّن أغضبوها لتجاهلهم طلبها حول مجيئهم بمظهر لائق.
وقصة الشعر الغريبة والعشوائية التي حصل عليها التلاميذ بمقص معلمتهم، جعلتهم محل سخرية من زملائهم، واستنكار من أوليائهم، لدرجة قرر أحدهم مغادرة مقاعد الدراسة.
وبحسب أحد الأولياء، التلاميذ لم يقصوا شعرهم حسبما طلبت المعلمة، بسبب الفقر والعجز على تسديد أجر الحلاق، خاصة وأن المنطقة التي يسكنون فيها، نائية وغالبية سكانها من الفئة المعوزة،بينما برّر مدير المدرسة سلوك الأستاذة بأنّها “جديدة على القطاع “.

تصف تلميذة مريضة بـ “الرّخوية “
وفي هذا الإطار أكّد المختص في علم النفس، حسام زرمان تصريح لـ ” الشروق”، بأن التنمر هو نوع من أنواع الإساءة للشخص، وإذا تعرض التلميذ خصوصا إلى هذا السلوك سينجر عنه ضرر بالغ، لأن التنمر صدر من طرف المعلمة أو المعلم الذي يُدرس هذا التلميذ.
وسرد علينا المختص، قصصا لتلاميذ عالجهم بعيادته وهم كُثر، جميعهم عانوا التنمر من أساتذتهم، ما سبّب لهم عُقدا نفسية حادّة.
الحالة الأولى، لتلميذة كانت تعاني من خلل في الأداء الوظيفي ليديها، فهي تجد صعوبة في تحريكهما، وهو ما يجعلها دوما متأخرة في الكتابة. ويقول المختص “بدل أن تراعي المعلمة حالة التلميذة الصّحية، كانت تنعتها بالرّخويّة أي الحلزون.. وانتشرت التسمية بين زملائها في القسم وحتى بساحة المدرسة، أين كانوا يتنمرون عليها بالرخوية، ما جعل الطفلة تدخل في حالة اكتئاب طفولي شديدة “.والتلميذة أخضعها أولياؤها، لحصص علاج نفسية، للخروج من الحالة التي أصابتها.

عايرته بسبب قشرة رأسه المرضيّة
الحالة الثانية، بحسب محدثنا تخص تلميذا يعاني من قشرة الرأس وبشدّة، بسبب حالة مرضية، ومرة قالت له معلمته: “لو كنت أمامي أثناء تناولي الطعام، لأصابني القرف..!”، هذه الجملة أصابت التلميذ بعقدة نفسية كبيرة جدا، جعلته يرفض تماما العودة لمقاعد الدراسة، ما اضطرّ عائلته للاستعانة بطبيب نفسي.
والحالة الثالثة، يضيف حسام رزمان، متعلقة بمعلمة في الطور المتوسط، كانت تنادي التلاميذ الذين يجيبون خطئا بالمعاقين، ولأن تلميذا مصابا بإعاقة بسيطة في رجله كان يتواجد في قسمها، فاعتبر أن المعلمة تهينه شخصيا، فأصابته حالة اكتئاب.
ويؤكد زرمان، على أن كثيرا من الأساتذة لا ينتبهون لموضوع التنمر على تلاميذهم، ويعتبرونه هيّنا، وهم يجهلون أن تلاميذ كثرا يزورون العيادات النفسية للعلاج بسبب هذا الأمر. “وهذا ما نعتبره نحن المختصون النفسانيون إساءة بالغة من المعلم نحو تلميذه، وعلى المُذنب أن يُحاسب “.
وأشار، لكون بعض الأساتذة “لا يُراعون مشاعر التلاميذ ومرحلتهم العمرية الحسّاسة”. والحل، حسبه، يكمن في اخضاع المعلمين والأساتذة قبل التحاقهم بالمنصب، إلى تكوين نفسي “قبل وقوع الفأس في الرّأس” على حدّ قوله، “لأن تعرض طفل أو مراهق إلى السخرية، قد يجعله عدوانيا جدا ينتقم لنفسه من الغير، أو تجعله يتراجع في مستواه الدّراسي، أو يدخل في حالة اكتئاب شديدة تنتهي أحيانا بالانتحار، وتسبب له عقدا نفسية واجتماعية مدى الحياة”.

باشا: مشاكل الأساتذة الاجتماعية والمادية تنعكس على التلاميذ
اعتبرت عضو الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، فتيحة باشا، أن ظاهرة تنمر بعض الأساتذة على التلاميذ “عالمية وتفاقمت في مجتمعنا مؤخرا”، مؤكدة أن “أولياء التلاميذ دقوا ناقوس الخطر”، بعدما غزا التنمر أسوار مكان مقدس للتعليم والتربية.
وأكدت المتحدثة في تصريح لـ ” الشروق”، تسجيل الكثير من حالات التنمر التي راح ضحيتها تلاميذ مؤخرا، والمسؤول الأول حسبها هو الأستاذ، مرجعة سبب ذلك إلى “غياب تكوين جيد للأساتذة، وانعدام الكفاءة البيداغوجية والبسيكولوجية لدى بعضهم، إضافة إلى نقص الخبرة في التعليم”.
وأضافت: “نحن بلد مسلم، والإسلام يدعونا إلى المعاملة الجيدة مع بعضنا.. وللأسف، بتنا نشاهد تأثير المشاكل المحيطة بنا سواء كانت اقتصادية أم سياسية أم اجتماعية على المدرسة، باعتبارها مرآة المجتمع”. وبحسبها، كثير من المعليمن يعانون من مشاكل مادية واجتماعية، وهو ما ينعكس على معاملتهم نحو تلاميذهم، وحتى بينهم وبين الإدارة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!