-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تفتقده القضية المركزية للأمة في ذكرى رحيله الرابعة

علي فضيل.. ناصرُ فلسطين

ب. ع
  • 2382
  • 0
علي فضيل.. ناصرُ فلسطين
أرشيف
الراحل علي فضيل

قال نهار الإثنين، ممثل حركة حماس الفلسطينية، من ورقلة، بأن ما قامت به الصحافة الجزائرية، يعتبر تحدّ للإعلام الغربي، الذي حاول بكل ما أوتي من قوة، تزييف الحقائق في الحرب الدائر رحاها في فلسطين، وهو اعتراف له جذوره في تاريخ الصحافة الجزائرية، من زمن الشيخ عبد الحميد بن باديس، الذي جعل صحيفتي المنتقد والشهاب ناطقتين باسم الحق، إلى الراحل علي فوضيل الذي أسس في الجزائر، صحافة تسري في دماء المواطنين وجعل أحاسيس المواطنين تسري مع حبر صحافييها.
من الشروق العربي في بداية تسعينات القرن الماضي وما سايرها من ثقافيات وسياسيات، إلى الشروق اليومي، وموقعها الإلكتروني الذي تبوأ لعدة سنوات القمة عربيا، إلى قنوات الشروق التي بصمت على أن الشروق، ستبقى تشرق مادامت شمس الحق مشرقة.
سايرت الشروق حقبات عصيبة وسعيدة في تاريخ الجزائر، وكان ذكاء علي فضيل وإخلاصه لمبادئ الأمة الجزائرية هو من وفقه لأن يكون طرفا مهما في نصرة الحق، سواء محليا أو عربيا، وستبقى القضية الفلسطينية مدينة له باعتراف جميع فصائل المقاومة والوطنيين من أرض فلسطين، لرجل كانت كلما مرت القضية الفلسطينية بمحنة مثل التي تمرّ بها الآن، إلا وأعلن حالة طوارئ في قاعة التحرير، وساهم في كل المعارك الجديدة التي خاضتها المقاومة الفلسطينية وحتى اللبنانية في الثلاثين سنة الماضية بأقلام وميكروفونات صحافيي مجمع الشروق.

ملتقى كبار الإعلاميين
تتلمذ من مدرسة الشروق، المئات من الإعلاميين، بعضهم ذاع صيته على المستوى العربي، فقد كتب في الشروق اليومي رجال صحافة، صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وتمكن من تحقيق المعادلة الصعبة، وهو أن يُنزّل القراء إلى حضرة علماء ومفكري الجزائر، من خلال مواكبة الأحداث بالطريقة الشروقية المتميزة والتي كان يسميها “الخلطة” الشروقية.
لا يمكن أن تذكر اسم جزائري صنع الحدث، من دون أن تكون له محطة في بيت الشروق اليومي، من رياضيين وفنانين ودعاة ومفكرين وعلماء، وفي كل النجاحات التي حققتها الجزائر، كانت الشروق اليومي شريكا إعلاميا بلا منافس وهو ما جعلها تكتسب حب الناس وثقتهم، بل إن اسم الشروق علامة يمكن أن تجدها جنبا إلى جنب مع كل الماركات الناجحة.
يقول الزميل خالد عمر بن ققة، بأن قوة علي فضيل، كانت تكمن في قدرته على التفريق بين الغث والسمين، في مجال الإعلام، فلا يخيب حدسه أبدا في قلم، لأجل ذلك يمكن تصنيف مائة أحسن صحافي في الجزائر، فتجدهم جميعا عملوا أو كتبوا في واحدة من صحائف الشروق، فأعطوا وأعطتهم في أجواء من الاحتراف والمصداقية.
مرّت أربع سنوات عجاف في غيابه، ولكنها خُضر، بما ورثناه من الرجل الذي كان لا يناقش أي فكرة لصالح ثوابت الأمة، ويمكن القول والبصم على أن سبب تمكن اللغة العربية وتفوقها على الفرنسية، التي كانت تغرد في مختلف صحف الجزائر بنوعية وخاصة كمية من خلال سحبها الكبير، يعود للراحل علي فضيل الذي تمكن في الشروق العربي من خطف الأسر الجزائرية إلى أحضانها، فكانت تجد طبقا جزائريا وعربيا وإسلاميا في أسبوعية تجاوز سحبها في منتصف تسعينيات القرن الماضي الربع مليون نسخة، ولولا الحواجز المزيفة التي كانت توضع في طريقها لأقفلت المليون، ثم تحيّن الراحل علي فضيل فرصة بزوغ يومية الشروق، ليمنح للحرف العربي الريادة ثم اكتساح ما تبقى من صحافة مفرنسة، خاصة عندما قرع رقم مليوني نسخة، في فلتة تاريخية نادرة، ليس عربيا وإنما عالميا، فكانت الشرق اليومي الصحيفة العربية الأولى التي يقرأها حتى أساتذة اللغة الفرنسية والأطباء والمهاجرين، ومازالت لحد الآن تباع في أكشاك باريس وتلقى الشعبية والاحترام.
رافقت الشروق دائما الفائزين في مسابقات القرآن الكريم على مستوى العالم الإسلامي، وكونت لنفسها وللجزائريين مدرسة بمزامير داوود أنجبت للأمة مقرئين ذاع صيتهم في العالم، وللراحل مقولة في هذا الشأن، وهي أنه لا يستطيع سوى أن يقول نعم كلما وصله اقتراح يخصّ صفحة أو برنامجا عن القرآن الكريم، ورافقت الرياضيين وتمكنت في ملحمة أم درمان من إنجاز ملحمة إعلامية موازية، سجلت من خلالها أهدافا في مرمى صحافة مصرية، كانت في ذلك الوقت منحازة للفتنة، ولم تقل أهدافها روعة عن هدف عنتر يحيى في مرمى عصام الحضري، وأرسلت مراسليها وصحافييها إلى عديد البلدان، فكانت في الدانمارك ضمن المدافعين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن تعرض للإساءة البغيضة، وفي لبنان أثناء العدوان على جنوبه من القوات الإسرائيلية وفي قوافل إغاثة غزة وفي بنغلاداش، وفي غيرها من الأمصار، شريكا لنجاحات الجزائريين من متفوقين في شهادة البكالوريا ونوابغ في مختلف العلوم وأدمغة صنعوا ربيع العلم في قارات العالم الخمس، وأيضا أنيسا للجزائريين في محنهم في الجزائر العميقة وفي الكوارث من فيضانات وزلازل.

جهاد القلم والألم
لم تكن أبدا رحلة الراحل علي فضيل مع صاحبة الجلالة، مفروشة بالورود، فلأن مشاريعها من الأسبوعية إلى القنوات التلفزيونية كانت تمتاز بالمصداقية، فقد ظل بارونات السياسة والمال يحاولون النيل من فارس الإعلام، وليس سرا أن نقول بأن طائفة من هؤلاء توجد حاليا في السجون بتهم الفساد في زمن من كان يطلق عليهم علي فضيل، ويطلق عليهم الجزائريون بالعصابة، وما حدث للشروق العربي من عراقيل من أجل وأدها في عز شروقها، يصلح لأن يكون فيلما ملحميا، ولأن شروق الشمس لا بد وأن يكون مهما أرعد الليل وزمجر، فإن الشروق كانت تخرج دائما منتصرة وخلفها قراء ومشاهدون وأوفياء ومن أمامها صحافيون وتقنيون وإداريون يتمتعون ويفتخرون بكونهم من أبناء الشروق إلى جوار الفارس الذي ترجل منذ أربع سنوات وبقيت الشروق مشرقة.
بلغنا الذكرى الرابعة لرحيل الأستاذ علي فضيل، ذكرى تزامنت مع اليوم الوطني للصحافة التي كان أحد نجومها الأوفياء لها، بل من شهدائها، بعد أن ضعف القلب ولم يتمكن من مقاومة أعداء الصحافة والإعلام النزيه، كما تزامنت مع العدوان الإسرائيلي على غزة، وأيضا ملحمة طوفان الأقصى، وكان رجل الحدث، يتألم لألم الفلسطينيين ويبتهج لأفراحهم.
يقولون بأن الحزن يبدأ مثل الكرة العملاقة، ثم يتناقص إلى أن يزول، لكن برحيل علي فضيل اكتشفنا بأن الفقد يتضاعف مع الأحداث.. فماذا لو كان معنا في أمل طوفان الأقصى وألم العدوان على غزة؟

هذا ما كتبه سامي أبو زهري
شهادة مقاوم فلسطيني عن الراحل علي فضيل


يسعدني أن أكتب هذه الكلمات حول علاقتي وعلاقة الحركة وعلاقتنا كفلسطينيين مع مجمع الشروق الإعلامي الجزائري.
بدأت علاقتي مع الشروق، خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، أواخر عام 2008 م، ومطلع عام 2009 م، وتزامن هذا العدوان مع زيارتي إلى الجزائر، فكانت أول إطلالة إعلامية لي على أهلنا في الجزائر، من خلال الشروق، حينما كانت صحيفة، وكانت هذه محطة بارزة لا أنساها، استقبلني حينها الأستاذ علي فضيل، الذي نكتب هذه الكلمات بالتزامن مع ذكرى رحيله، لنخلد اسم هذا الرجل وذكراه العطرة، الذي كان في سلم أولوياته قضية فلسطين، والعمل من أجل فلسطين، من خلال هذا الموقع الإعلامي المهم.
استقبلني حينها ودعا عددا من الصحفيين وعددا من الإخوة ممثلي الفصائل الفلسطينية، وعرضنا القضية الفلسطينية بمستجداتها ومحطاتها المتعددة، من خلال صحيفة الشروق، لأهلنا في الجزائر.
منذ ذلك الوقت، تعززت العلاقة مع الشروق، ومع صاحب الشروق، المرحوم علي فضيل.. استمرت علاقتي بالرجل – رحمه الله – وباستمرار كنت على اتصال به، حينما كنت في غزة، أو حينما كنت آتي زائرا إلى الجزائر، لما شعرته من حفاوة هذا الرجل، وتعلقه وتمسكه بقضية فلسطين، رحمه الله رحمة واسعة..
أما مع الشروق نفسها، فقد استمرت العلاقة، وتعددت أشكالها. ففي كل زيارة، نطل فيها على هذا البلد الذي نحبه كثيرا، نلتقي بأهلنا في الجزائر من خلال مجمع الشروق، سواء كان صحيفة أم فضائية أم غير ذلك، في الكثير من زياراتنا، نزور مجمّع الشروق، وهذا تقديرا منا لهذا المجمع الإعلامي المهم.. الذي نعتبره أحد الأعمدة للقضية الفلسطينية في ساحة الجزائر..
الشروق، عكست اهتمامها في القضية الفلسطينية، فلا يكاد يمر يوم وتخلو صحيفتها أو قناتها الفضائية أو موقعها الإعلامي من الإشارة إلى خبر يتعلق بفلسطين.
الشروق، احتضنت القضية، فغطت كل التطوّرات والمستجدات الفلسطينية، وعكست المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، خاصة في القدس وغزة، وغير ذلك من أرض فلسطين..
الشروق، عكست تفاعل الشعب الجزائري مع القضية الفلسطينية، وغطت كل الأنشطة والفعاليات التي نظمها الشعب الجزائري أو التي نظمناها من خلال أهلنا في الجزائر إسنادا لفلسطين..
الشروق، غطت كل الأنشطة التي تنظمها الوفود الجزائرية التي تزور فلسطين، والتي تقدّم العون لأهلنا في فلسطين.. غطت هذه الأنشطة وقدمتها لأهلنا في الجزائر..
فكانت الشروق، داعما أساسيا لقضية فلسطين، وكانت باستمرار جسرا بيننا وبين أهلنا في الجزائر، وهذا ما يزيد من اعتزازنا بالشروق، ويوثق علاقتنا بها. هذا التقدير، ينطلق أيضا من تقديرنا للجزائر الحبيبة، هذا البلد الذي وقف بكل مؤسساته الرسمية والشعبية، بقيادته وأحزابه، إلى جانب القضية الفلسطينية. هذا البلد الذي كان متميزا في حبه لفلسطين، حتى إنه دائما يثار السؤال أمام الشعب الفلسطيني: ما سر هذا التميز الجزائري في حب فلسطين! هذا التميز الذي لم يغب عن كلمات الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، مثلما لم يغب عن كلمات كل رؤساء الجزائر، وبقيت كلمات الراحل هواري بومدين: نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة..
هذا الحب والتضامن لم يغب عن الشعب الجزائري، بإسناده ودعمه، فكنا دائما نسأل أنفسنا: ما سرّ هذا الحب؟ فلا نجد إجابة واضحة إلا أن الجزائر متميزة في حب فلسطين وكفى، ننشغل بهذه النتيجة دون أن نغوص في خلفياتها، لأن خلفياتها هي أكبر من أن يجاب عنها.
إن تقديرنا للشروق، ينطلق أيضا من تقديرنا لكل الإعلام الجزائري، الذي وقف إلى جانب القضية الفلسطينية ودعمها دعما كبيرا..
ورسالتنا إلى الشروق اليوم، أن تمضي على هذا الطريق، طريق سياستها التحريرية، التي خطتها منذ يومها الأول إلى جانب فلسطين، وإسناد قضية فلسطين..
أن تمضي على سياسة الراحل، علي فضيل، الذي أسس الشروق، وأسس معها احتضان الإعلام الجزائري لقضية فلسطين، فتخليد ذكرى هذا الرجل لا يمكن أن يكون إلا بحماية رسالته الخالدة في دعم فلسطين، ورفع اسمها عاليا، وتثبيتها أكثر فأكثر، في قلوب الجزائريين..
ندعو الشروق إلى أن تمضي في هذا الطريق، وسيستمر اعتزازنا بها، مثلما يستمر اعتزازنا بالجزائر، قيادةً وشعبا.

أقلام مرت من هنا تذكر علي فضيل وفلسطين


لو فتحنا كتابا من الحجم الكبير للحديث عن الراحل علي فضيل من الذين عاصروه وغرفوا من مواهبه ومبادئه، ما كفانا بئرا من الحبر، فقد قال عامر أبوشبوب: أكاد أجزم أن صحيفة “الشروق العربي” الأسبوعية ثم “الشروق اليومي”، لم تخل في أي عدد من أعدادها من كلمة فلسطين، منذ تسعينيات القرن الماضي، ليس بسبب حب الجزائريين الكبير لفلسطين فقط، بل لوجود السيد علي فضيل شديد الانتماء لفلسطين وكل قضايا أمته العربية والإسلامية على رأس هذه الصحيفة، التي بلغت حدودا غير مسبوقة عربيا وعالميا في التوزيع والطباعة.
الحديث عن المرحوم “سي فضيل” مدير مجمع الشروق الإعلامي الذي بدأ بصحيفةٍ أسبوعية ثورية، انطلقت مع تحول هام في الجزائر، نحو مرحلة التعددية السياسية وما رافقها من عشرية دموية سوداء، حديث عن مرحلة هامة من تاريخ الجزائر وضع الإعلاميُّ الثائر بصمته الواضحة في الحدث اليومي الجزائري، كان ولا زال قريبا إلى آلام وآمال الجزائريين عبر صحيفة تحولت إلى مجمع رائد يضم مجموعة من القنوات الإعلامية المميزة التي نقلت الجزائري من الفضاء الورقي إلى عالم الصورة المدهشة دون أن تفقد الصحيفة اليومية حضورها في الأكشاك. فلسطين لم تكن حدثا عاديا عبر الشروق، لكنها كانت قضية بتوجيهات مباشرة من المرحوم علي فضيل، ومساحة لكل الأطراف الفلسطينية، الهدف دوما القضيَّة وحضورها، من دون تمييز بين ألوان الطيف الفلسطيني، وخلال تجربتي الممتدة مع الشروق منذ عام 2006 لم أتلقَّ فيتو على أي مقابلة أو تقرير صحفي، بل كانت الشروق تستلهم الموقف الرسمي الجزائري في ميزة خاصة، مفادها: دعوا الفلسطيني يتكلم عن فلسطين دون تدخُّل أو تجيير، وهذه شهادة بحق الرجل والمؤسسة الإعلامية.
ويقول الزميل صلاح الدين بوسيافة لا يمكن حصر إسهامات الفقيد علي فضيل، في الجانب الإنساني في مقال صحفي ولكنها شهادة أتركها للتاريخ في الجهد الذي بذله الرجل من مكانه كمدير عام لأكبر مجمع إعلامي في الجزائر، وكان لي الشرف أن أتكفل بهذا الجانب في الكثير من مناطق النزاع في العالم، بدءا من غزة إلى لبنان إلى الروهينغا.
ويتفق كل أصحاب الأقلام الحرة والقلوب المدججة بمقومات الأمة الجزائرية على أن علي كان مثل سيف ذي الفقار، في وجه الفساد، وفضيل كان في قمة الفضل والفضائل.
رحمة الله عليه وإن شاء الله على الطريق السويّ سائرون.

قالوا عن فقيد الإعلام العربي.. شهادات من وحي الذكرى الرابعة
تنشر “الشروق” مقتطفات من شهادات لشخصيات وكتاب وإعلاميين جزائريين وعرب عن الراحل علي فضيل، يتحدثون فيها عن هذا الرمز الإعلامي الجزائري وجوانب من شخصيته كإنسان وكإعلامي تحدى عديد العقبات لبناء صرح إعلامي يدافع عن ثوابت الجزائر وهويتها وكذا عن القضايا العربية المركزية.

الدكتور محمد سليم قلالة:


يكفي أخي “علي فضيل” فضلا وفخرا في مساره الإعلامي أن اسمه ارتبط بتصحيح الميزان لصالح اللغة العربية مقابل الفرنسية في الإعلام، وتحديدا في مجال الصحافة المكتوبة إن كانت أسبوعيات أو يوميات…
تخرج الأخ “علي فضيل” من الجامعة بشهادة ليسانس في العلوم السياسية والإعلام سنة 1981. كانت دفعته هي الرابعة باللغة العربية. كان من أكثر زملائه تحكما فيها كتابةً ونُطقًا وحتى خَطًّا. وزاده تعلقا بها تَشبُّعَه بالقيم الوطنية وثقافته الإسلامية الواسعة.
لم تكن الفرصة مُتاحة في تلك الفترة للعمل في الصحافة سوى بجريدة “الشعب” اليومية، الجريدة الوحيدة باللغة العربية في الجزائر، إلى جانب “المجاهد” الأسبوعي لسان حال جبهة التحرير الوطني. لم تكن جريدتا “النصر” و”الجمهورية” الجهويتان قد عُرِّبتا بعد. التحق بالجريدة مباشرة بعد تخرجه ونجاحه في اختبارات الدخول الكتابية والشفهية والخاصة بالترجمة تلك الاختبارات التي كانت تُجرى للصحفيين المبتدئين حاملي شهادة الليسانس في تلك الفترة.
لم يكن يخطر ببال أحد أن هذا الصحفي الشاب القادم من ريف “بئر غبالو”، ستكون لديه بطاقة الصحفي المحترف، وسيكتسب خبرة إعلامية في وقت قصير، وسيؤسس جريدة أسبوعية ثم أخرى يومية يكون لهما شرف كسر ميزان القوة مع الصحف المفرنسة مجتمعة.

الوزير السابق الهاشمي جعبوب:


علي فضيل، رمز للنجاح ودليل مادي على أن الجزائر فتحت يدها للمجتهدين، فنجاحه قدوة للشباب في قطاع الإعلام ومختلف القطاعات في البلاد، وفاته تركت الأثر الكبير لدى كل الجزائريين المحبين لمجمع الشروق، لأنه كان يتميز بالاعتدال والوسطية، فكان البلسم والخيط الرفيع الذي نهض به منذ طفولته ليرتقي بطموحه الذي لا ينتهي في مجال ترقية قطاع الإعلام لمنافسة المؤسسات الدولية، رسالته واضحة، حيث شهدنا له بوطنيته واعتداله الوسطي الذي ورثه عن أبيه وأجداده وبيئته الدينية والريفية بمدينة بئر اغبالو بولاية البويرة.
كان المرحوم معاديا للتطرف، ونقطة انعطاف نحو النجاح، علاوة على أنه يعتبر إنسانا لا سقف لطموحه، فكلما أراد أمرا إلا وحققه كله أو نسبة منه، ووفاته كانت خسارة للإعلام وللجزائر.
كان الأستاذ علي إعلاميا مرموقا، وعرفناه بتبنيه قضايا مصيرية في البلاد، ووقوفه إلى جانب القضية الفلسطينية، وكل ما تعلق بالدين واللغة والقرآن، مضيفا أنه “رجل وإنسان” بابتسامته الدائمة، وموهبته التي أصبح من خلالها، ذا قلب طاهر، كان طريقه مستقيما دون شك، امتلك جاذبية لمن عرفه والتقاه ومن لم يعرفه عن قرب، عامر قلبه بالصدق والإيمان بقول الحقيقة، ولم يخف هيبته، ولم يخش في الحق لومة لائم.

الدكتور محمد الهادي الحسني:


كان “الشروق اليومي” منبرا للصدع بالحق، وللتعبير عن حقيقة الجزائر الأصيلة، وأدرك الجزائريون قيمتها فالتفوا حولها، فانزعج الغربان الناعقة والضفادع المنقنقة، ولم أر الأخ “عليا” فرحا، مبتهجا كيوم مغادرة من “فرض” عليه في “الشروق اليومي”، وقد أحسن إليه الأخ علي، ولكنه قابل الإحسان بالإساءة. “وكم تبطر المكرمات اللئام” كما يقول مفدي زكرياء. ثم كانت ضربة علي القاضية على “المخطط الإبليسي” بإنشاء “قناة الشروق”، فأجمع الفاسدون والمفسدون أمرهم على المكر بالمشروع الحضاري كله.. ولكن “عليّا” وجنده صابروا بعدما صبروا، ورابطوا، وما وهنوا وما استكانوا حتى أحق الله الحق، وأذلّ “جند الشيطان”، “ومن يهن الله فما له من مكرم”..
من السنن الحسنة التي سنّها الأخ علي سنة “تكريم أهل الذكر والفكر”، وكثيرا ما استشارني فمن يجب تكريمهم فأجتهد ولا ألو.. وأشهد أنه عرض عليّ أن أكون من “كتيبة قناة الشروق”، وذلك بحضور الأخ عبد الرزاق قسّوم، فشكرت واعتذرت، فتفهّم موقفي..

الكاتب والإعلامي خالد عمر بن ققه:


الحديث اليوم عن علي فضيل لا ينطلق ـ أو هكذا يجب ـ من المدح أو الاعتراف، أو حتى من الإعلان عن محاسن كانت تبدو للآخرين خاصة المنافسين له مساوئ، ذلك لأن التركيز ها هنا لا يناقش علي فضيل من زاوية أفعاله خارج أطر العمل الوظيفي، إنما يذكره ضمن التأسيس للإعلام الجزائري معايشة وتفاعلا، وتجربة ثريّة للدولة من خلال اختياراتها الكبرى للتغيير، حين نجحت من خلال علي فضيل وأمثاله في تحقيق تغيير كمي ونوعي في المجال الإعلامي، رغم النقائص، وفشلت فشلا ذريعا حين ضجرت من أقلام وصحف، فصنَّفتها ضمن خانة المُعَادين للمشروع الوطني فأوقفتها بقوة السلطة، وأقصد هنا ما يعرف بصحف “المُعلّقات العشر”.. لقد نكثت السلطة عهودها، وأخرست أصواتا كانت ستساهم ـ بلا ريب ـ في إحداث توازن داخل المجتمع.

الكاتب والوالي السابق بشير فريك:


أضحت “الشروق” قلعة من قلاع الهوية الوطنية، من خلال قناعات ومواقف رئيسها ومديرها، علي فضيل، كما شكلت منارة فكرية منيرة، من خلال تلك الصفحات الأسبوعية والدورية، التي وضعت تحت تصرف خيرة النخبة الفكرية الوطنية، من علماء أكاديميين جامعيين، وباحثين وسياسيين، في شتى فروع الفكر والثقافة، حيث استقطبت “الشروق” جحافل القراء من مختلف المشارب والأصناف، وبلغ السحب أرقاما قياسية غير مسبوقة، حتى في العالم العربي، حيث تجاوز سقف المليونين، عندما تصدت للهجمة الإعلامية المصرية على الجزائر وشهدائها، أثناء السجال الكروي الجزائري المصري الذي انتهى بواقعة أم درمان السودانية، التي اختطفت فيها الجزائر تأشيرة التأهل لكأس العالم لكرة القدم.
كان علي فضيل، رحمه الله، يشق طريقه بثبات، محققا مزيدا من النجاحات والانتصارات، مؤسسا مجمّعا إعلاميا ضخما، بتدشينه – لأول مرة في الجزائر – السمعي البصري، من خلال قناة “الشروق”، التي تبث من الأردن، لتتدعم بقنوات متخصصة، فارضة وبقوة نفسها على المشاهد الجزائري والعربي والدولي.

الإعلامي المصري علاء صادق:


لم أكن أعرفه في لقائنا الأول الشهور الأخيرة من عام 2010.. وكانت صحيفة “الشروق” قد منحتني شرفا رفيعا بتكريمي تقديرا لموقفي في الأزمة المصرية الجزائرية التي واكبت مباراتي تصفيات كأس العالم لكرة القدم في نوفمبر 2009.
كنت أعرف أنه المدير العام للصحيفة وأعرف أيضا أنه صاحب فكرة المشروع ومموله الأول.
تخيلت شخصا ثريا للغاية (وأنا لا أحب الأثرياء).. وتخيلته شخصا مغرورا بحكم منصبه ونفوذه (وأنا لا أحب المغرورين).. وتخيلته شديد الأناقة مرتديا أفخم الثياب وتخيلت مكتبه مثل مكاتب كبار القوم.
دخلت عليه لأجد كل ما تخيلته خاطئا، بل ووجدت العكس تماما.. وجدته شخصا بسيطا للغاية لا تظهر عليه أي علامة للثراء.. ووجدته متواضعا للغاية يتحدث معك وكأنه يسعى للعلم والمعرفة من فرط إنصاته واحترامه لكلام محدثه.. ووجدته مرتديا أبسط الثياب ومكتبه لا يزيد عن أي مكتب لموظف حكومي مرموق.
أحببته من الدقائق الأولى للقاء.. وازداد تعلقي به عندما عرضت عليه مشروعا للمصالحة بين رموز الإعلام في مصر والجزائر لإنهاء الفجوة التي اتسعت بعد أزمة تصفيات كأس العالم.. وجاءني الرد رافضا ولكنه مبهر في فحواه ومعناه.
قال لي بالحرف الواحد: لقد شتموني وشتموا عائلتي وأنا مسامح.. وشتموا صحيفتنا والعاملين فيها.. وأنا مسامح بالنيابة عنهم.. ولكنني لا أملك ولا أقبل أي تسامح في حقوق بلدي العظيم الجزائر.. ولا في حقوق أسيادنا الأفاضل والأبرار والطاهرات من الشهداء.

الكاتب الفلسطيني مصطفى النبيه


أن تكون محارباً في زمن الصمت وتمد يديك للمتعبين وتنشر ورودك أفكاراً تحلق في السماء ليستنير بها الحالمون، أن تحمل وجع الأمة العربية وتحارب وتكون القلب الكبير الذي يحمي المستضعفين وينتصر لفلسطين وللإنسان فلابد أن تكون “علي فضيل” الرجل الذي سيبقى فارساً للحق. ثائراً يموت واقفاً كالنخيل، روحاً تسقي الناس معرفة وحبا. يغزونا الحزن، يرسم في ملامحنا قصائد الوجع، فنبقى غرباء عن سرد الحكاية، نحبس دموعنا ومشاعرنا لنخفي أحزاننا وكأن الموت لم يسقنا الوجع في غزة ولم يقطف كل صباح خير ما فينا، لكن ما حدث شيء غريب، لا أعلم ما الذي أصابنا كيف انقبض قلبي وانسكبت دموعي وأنا أقرأ ما كتب الأصدقاء وهم يرثون رجل المحبة الذي سيبقى محلقاً في فضاء الأحرار.. وكأننا في هذا الزمان أصبحنا نفتقد لهذا النوع من الرجال الأوفياء لوطنهم وأمتهم العربية…
الحقيقة أنني أدرك أن الذي يموت يبقى نوراً في قلب من يحبه، لكن رجل المواقف الصادق الصبور، الخيل الثائر الذي سيبقى صوته صهيلاً يحرك الأفئدة.. المرحوم “على فضيل” كان شمسا تشرق على العالم بأفكاره ومواقفه التي تنهض بالرجال ونحن نودع أباً لجيل كامل من الإعلاميين، كان مدرستهم وصوتهم النظيف والقلب الذي يسقيهم حباً.

الكاتب الطاهر دحماني:

لقد انطلق الأستاذ علي فضيل، في بناء مشاريعه الإعلامية – ماديا- من الصفر، فهو لم يولد وملعقة الذهب في فمه.. ولا ينحدر من عائلة فاحشة الثراء، بل هو سليل عائلة ريفية، محافظة ومحدودة الدخل.
ويكفيه فخرا أنه نجل ذلك المجاهد، الفلاح، البسيط، الحامل لكتاب الله، الحاج مسعود طيب الله ثراه، وقد كان الفقيد منذ صباه متسلحا بقوة الإرادة، وحرارة الإيمان، وصدق العزيمة بجدوى مشروعه الواعد. ولأنه صاحب كاريزما متميزة، فقد بذل كل ما لديه من جهد وعمر ومال لتأسيس مجمع الشروق، وكان نعم الكادح لتشييد ذلك الصرح الإعلامي العتيد، والذي تظل إشعاعاته الحضارية، وبصماته الرسالية: منارات هادية،، وأسوة حسنة جديرة بالإقتداء في ساحتنا الثقافية والفنية والإعلامية والسياسية، فلا غرابة بعد ذلك أن تظل ذكراه العطرة، محفورة في أعماق الذاكرة الجمعية للأمة بحروف بارزة من تبر ونور، لأنه كان يتحسس معاناة السواد الأعظم من أبناء المجتمع، وآثر التخندق مع المغبونين والمقهورين، فكان الصوت الصادق المعبر عن الذين لا صوت لهم، وتلك هي مواصفات الخلطة العجيبة التي تمثل سر نجاحه في معترك الساحة الإعلامية الوطنية.
رغم كل ما بلغه الفقيد من علو كعب في دنيا الشهرة، والانتشار الواسع على المستويين الوطني والعربي، ورغم أنه كان أشهر من نار على علم، ورغم أنه كان بمثابة شخصية إعلامية وطنية عمومية بامتياز، يشهد له كل منصف تقرب منه، أن جوهر شخصيته، كان منحوتا من معدن نفيس، فهو لم يتنكر للقيم الإنسانية التي شب عليها.. ولم يدر ظهره للمستضعفين..ولعل أقوى شاهد على سمته الإنسانية: مساهماته الكثيرة في دعم المشاريع الخيرية والطبية والاجتماعية، سواء كان ذلك بشكل فردي، أو في سياق دعمه اللامشروط للفعل الخيري لجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني.

الدكتور بومدين بوزيد:


كان محباً لأهل الدين والعلماء والمثقفين فهو من أرومة تحفظ كتاب الله وتحب نبيه، ولعلّ من أبرز أعماله التي تبقى تدعو له بالخير احتفاؤه بالعلماء ومشايخ الدين والمثقفين، فقد كانت الندوات التي تقام لذكراهم أو تكريمهم وهم أحياء تقليدا شروقيا لم نعهد للمؤسسات الإعلامية صنيعاً بمثل ذلك الحرص وقد صار قدوة لبعض من الذين اشتغلوا معه وأسّسوا صحفاً مثل محمد يعقوبي (الحوار)، إن محبة علي فضيل لأهل الله وللعلماء والثقافة ليس منه الغرض الدعائي أو الاستعمال الإشهاري أو السياسي ولكنها روح نشأت في بيت يصدح بالقرآن الكريم.

الإعلامي علي ذراع:


الراحل كان دائما متخندقا إلى جانب القضايا الكبرى للأمة العربية وليس الجزائر فقط، حيث سخر “الشروق” لخدمة القضية الفلسطينية ونصرة غزة، بل كان له الفضل في دعم التيار العربي، الإسلامي من خلال اللجنة التي تأسست بعضوية شخصيات كبرى على رأسها المجاهدة الكبيرة جميلة بوحيرد. وكانت “الشروق” دائما على خط الدفاع عن ثوابت ومقدسات الجزائر خاصة والأمة العربية عموما في مواجهة المشروع الفرنسي التخريبي الرامي إلى تقسيم الجزائر، فقد جعل علي فضيل من “الشروق” أكثر من جريدة وأكثر من مجمع إعلامي، بل كانت صخرة وخط الدفاع في وجه المشروع الرامي إلى تقسيم الجزائر.

الكاتب الفلسطيني عماد مصباح مخيمر:


علي فضيل اسم جزائري الدم، عروبي الانتماء، فلسطيني القلب والهوى. ولأن الرجال يدركون أن قضايا أوطانهم وأمتهم هي المبرر الحقيقي لوجودهم، كان علي فضيل مدركاً لرسالته الوطنية، هذا الإدراك تجسد في مواقفه تجاه قضايا بلده الجزائر، وتجاه قضايا الوطن العربي، وعلى وجه التخصيص القضية الفلسطينية، فكان داعماً لهذه القضية، وجعل القضية الفلسطينية في صدارة المشهد الإعلامي لمجمع الشروق للإعلام والنشر، فكانت قضايا الأسرى والشهداء والحصار وكل المسائل المتعلقة بالقضية الفلسطينية ذات اهتمام وطني مسئول وبإشراف شخصي من قبله، اهتمام تجسد في إفراد الملاحق اليومية والأسبوعية في صحيفة وكافة إصدارات مجمع الشروق، هذه الملاحق فضحت جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وأبرزت الصمود الفلسطيني، وأحقية الشعب الفلسطيني في أرضه وكامل ترابه الوطني.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!