-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عمّ… يتفاوضون..؟

عمّ… يتفاوضون..؟

قل للذين تأبطوا محافظ ملفات الشر، فحزموا حقائبهم وأمتعتهم، وأتوا –إلى جنيف- يضربون أكباد الطائرات، ويشقون عنان السموات، قل لهم، عم ستتفاوضون؟ وعلام ستتفقون؟فسوريا التي أنهيتموها بالقهر والاستبداد، وإذلال العباد، وهدم البلاد، لم يعد لها من بواك يبكونها، ولا حماة يحمونها.

فقد استولى على الشام طائرات البوم، وأراذل القوم، وكل ما رخص من السوم. بلاد، جوعتموها بحصاركم، وحطمتموها “بجاغواركم”، وهجرتم أهلا بطغيانكم واستكباركم.

وإلا فمتى كان جنيف، ملاذ كل طاهر وعفيف؟ ومتى كانت سويسرا مناصرة لجيش الإسلام، ومجاهدي النصرة؟

إن المأساة الدامية التي قدمتها سوريا للعالم، من قتل للناس على الهوية، وتجويع للأبرياء حتى المنية، وتحالف أهل الشر، في الجهر والسر، على العقيدة والقومية، إن مأساة هذه فصولها، لم تنفع فيها رقية ولا تقية.

سيجد المتفاوضون في جنيف حول سوريا، الكرسي الوثير، والمطر الغزير، والفندق الكبير، ولكن بالمقابل سيكون أمامهم الملف الشائك الخطير، والمتآمر الأجنبي القدير، والمواطن الذليل الصغير.

إنها مفاوضات غير متكافئة، ما دامت تدير دفتها من خلف الستار قوة متواطئة، تزرع الشر وتعين عليه، وتبذر الضر وتشجع ذويه.

فبأي لغة سيتحدث المتفاوضون السوريون، وقد اختلطت اللغات عليهم من الروسية، والفارسية إلى الانجليزية الأمريكية، وآخرها العربية، فبأي حديث سيتفاهمون؟ وبأي لسان سيخاطبون؟

لقد كانت سوريا الشام، مضرب المثل في التفاهم والوئام، وقبلة العرب في الثقافة وأدب الكلام، ومناط السائحين، بحثا عن الاستقرار والسلام، حتى طاف عليها طائف، من جنبها، ومن فوقها ومن تحتها، وعن يمينها وعن شمالها، فحول الربوع من ركوع وخشوع وشموع، إلى خضوع ودموع وشيوع.

من هو القاتل، ومن هو المقتول –اليوم- في سوريا؟ وعلام يتم هذا القتل؟ ومن الذي يضع خيوط الختل والفتل؟

كانت مشكلة سوريا، في بدايتها، مشكلة بسيطة المقدمات، واضحة الاستنتاجات، مشكلة الحاكم المستبد بأمره، الذي لا يؤمن إلا بنفسه، فلا يشاركه في الحكم أحد، ولا راد لقضائه في الأحكام، أحادية في السلطة، وتسلط في الحزبية، وإلزام الجميع بنفس القناعة والعبقرية، وبالمقابل كانت هناك معارضة، جل مطلبها، أن يفسح لها المجال كي  تقول كلمتها في طريقة حكم بلدها، وأن تمكن الكفاءات من الإسهام في النهوض بوطنها، على أساس العلم، والعدل، والحرية، وفي كنف الأمن والسلم، وحسن الفهم.

وكان يمكن –والحالة هذه- إيجاد حل بين الحاكم والمحكوم، بفتح المجال أمام التعددية وهي حق إنساني، والتمكين للديمقراطية وهي أصل إيماني، ولو تم هذا لجنبت سوريا باسم الحكمة والعقل كل هذه الدماء، وهذه الأشلاء، وما أحاط بها من ويلات وبلاء.. غير أن شياطين الإنس والجن، عكروا ماء السوري الرقراق، وصاروا يصطادون فيه، فحوّل نهار سوريا إلى ليل، ونورها إلى ظلام، ووئامها إلى خصام.

لقد انتهت سوريا، في أعين أبنائها وأشقائها، يوم مكنت للغزو الأجنبي المسلح، من أن يحتل ثكناتها وحقولها، وأن يلوث ملكاتها وعقولها، فصار السوري يقتل أخاه بالوكالة عن القوة الأجنبية الغازية.

فكيف يمكن –والحالة هذه- اليوم، البحث عن الحلول؟ ومع من يتم التفاوض؟ أمع الروس الذين يقذفون بالصواريخ منازل الآمنين المطمئنين؟ أم مع جنود حزب الله، الذين يجوعون في “مضايا” المساكين، ويهدمون مساجد العبّد السنيين؟ أيكون التفاوض مع الأمريكيين، وهم –كما يقول إمامنا الإبراهيمي- أول الشر وآخره؟

لذلك نقول وبحق: عم يتفاوضون؟ إن السوريين الحقيقيين مغيبون عن المشهد التفاوضي في جنيف، مادام يحق للروس أن يفرض شروط التفاوض وطبيعة المفاوض.  ومادام الأمريكي يملك حق إملاء شروطه على المعارض، كي يقبل التفاوض، وبلا شروط مسبقة.

ومادام حزب الله، يفرض حصاره على جزء من الوطن السوري، فيجوعه، ويروعه، ليطوعه للسلطان الحاكم.

أنّى يكون التفاوض مجديا، وقد نزعت من السوريين، سلطة التفاوض داخليا وخارجيا؟ وحرموا حق تعيين وفدهم المستقل، الذي يفاوض على أساس الندّ للند ليتمكن من استعادة الحق المسلوب، والتمكين للشعب المغلوب، وإحقاق الحق المطلوب والمرغوب.

إنّ سنوات الحرب الدامية التي أودت بخيرة أبناء الشعب السوري، وهجرت طاقاته، وهدمت ممتلكاته، وأتلفت خيراته، إن هذه السنوات لكفيلة بإلهام الدرس النافع، ومن هذه الدروس:

1- عملية الإخلاء ثم الملأ، فكل من كان سبباً في غزو البلاد من الدخيل، وتهجير ابنها المواطن الأصيل… إن هذا لاحقّ له في حكم سوريا المستقبلية.

2- إجلاء كل قوة أجنبية، مدنية كانت أم عسكرية من الأديم السوري، كي يبنى الوطن على الإخاء والصفاء، والإباء، من أجل النماء.

3- تحقيق المصالحة الشاملة بين أبناء الوطن الواحد، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وأن المنتصر الوحيد، إنما هو الحق السوري.

4- التمكين لعودة النازحين والمهجرين والسجناء والمعتقلين، ليشارك الجميع في عملية إعادة البناء، واستئناف العمل الحضاري البنّاء.

إن المتفاوضين في الفنادق الدافئة بجنيف، عليهم أن يضعوا نصب أعينهم، فرائص السوريين المرتعدة، صبية، ونساء، وشيوخا، من شدة البرد، وانعدام أقل الوسائل لمقاومة البرد، وأهمها الغذاء والدواء.

ونذكر المتفاوضين بقول أمير الشعراء أحمد شوقي:

فاوِض ولا تخفض جناحك ذِلة              إن العدو، سلاحه مفلول

فاوِض فخلفك أمة، قد أقسمت                ألا تنام، وفي البلاد دخيل

هكذا –إذن- يجب أن يكون الأفق التفاوضي، وإلا فعم يتفاوضون؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • nouredine

    قسنطينة المحتلة عربيا ها ها ها يا ابله انك ابله من البلاهة تفكير جهوي و عنصري قسنطينة عربية و الجزاءر عربية و عندما كان العرب في اوج عزهم انظر الى اين وصلو و لكن عندما اشتغلو بمثل تفكيرك ضاع عزهم اذن تعلم و اعلم كيف تتحدث و لتترك عنصريتك ورائك لان الزمن قد عفى عنها

  • reda

    والخلاصة أعتقد أنك لست في مستوى فهم ما يجري من حولك، وأنه لا علم لك بأن العالم مقبل على نظام عالمي جديد، لم تستطيع كثير من الدول -من قبيل التي تؤمن بها- تقبل أدوارها الجديدة، لأنهم ليسوا في المستوى المطلوب، فقوة الدول ليست بأموالهم بل بحضورهم في ساحات الصراعات المتقدمة لفرض رأيها واستراتيجيتها.

    وندعو الله أن يستر بلادنا من جيش الإسلام وجبهة النصرة -التي تتغنى بها- لأن يبدو أن الغرب يريد أن يأتي بهذه النفايات - بعد أن فشل من فرضها في الشرق - لجيراننا

    وسنرى يومها الديمقراطية التي تريدونها ؟؟؟

  • reda

    سيدي المحترم، للأسف لسنا بحاجة لسجعك ومحسناتك البديعية؟
    فحال العرب كحالك تماما، يركزون دائما على المظاهر الخارجية دون المضمون، فلم أجد في مقالك هذا حلا لأزمة دولة اجتمع عليها دول المعمورة من أجل مصالحهم في المنطقة. سوى الكلام الذي لا طائل منه. فكيف لك أن تشجع إرهاب جيش الإسلام و فرع القاعدة -النصرة- والتغطية على دول الخليج وتركيا حلفاء إسرائيل وأمريكا التي لطالما شكونا ظلمها وأصبحت اليوم الحاملة للديمقراطية لسوريا.
    يتبع ...

  • ahmad

    oui je suis d'accord

  • mimoun

    ما اصابتهم من مصيبة فبايديهم لا مجال .......... وليس من حق احد الندب ورمي التراب على الرؤس
    الحكومات العربية اذا قتلت الضعيف والفقير ومن صدع بكلمة الحق تكون قد وصلت مبلغ النشوة
    والنصر ,بالله عليكم كيف يلام العدو اذا جثم على صدر الامة العربية هل العيب عيبهم يكون الجواب قطعا لا
    كل ما في الامر ان الانسان المسلم يحكمه حكام هوايتهم استعباد البشر من يقول غير هذا منهم
    اقول لهم حكمتمونا حقبا تلوا حقب ما هي النتيجة

  • redha

    C'est de la même manière que l'Egypte a fourni les armes pour les "Terroristes Fellagas" pour se libérer du joug colonial. .... L'etat Islamique est le monstre que le tyran Bachar utilise pour dire aux occidentaux : Vous voyez je suis un enfant de coeur par rapport à cette déferlante diabolique...... les résistants Syriens auront le dernier mot car les tyrans ont toujours la même fin: Kadhafi, ceaucescu, "

  • رضا

    من يعي هذا الكلام في الجزائر و قد برمجت العقول من طرف إعلام مظلل و نظام يساند الجزار في ابادة شعبه و يستقبل مفتي البراميل المتفجرة استقبال الابطال؟؟؟؟ و ها هو الخائن يقدم بلاده هدية للروس و إيران مقابل مكوثه في الحكم...... رغم التناقضات الكبيرة في سياسة السعودية الا ان مواقفها تجاه ما يجري في سوريا و اليمن و العراق و غيرها يجب ان يساند قبل ان يقال أكلت يوم أكل الثور الأبيض و تحل الحسينيات و المآتم و ضرب الرؤوس مكان الشعائر الاسلامية و يصبح الخامنئ ولي أمر المسلمين و يحج الناس إلى كربلاء.....

  • صالح/الجزائر

    5)- ... Dans ce nouvel accord, la CIA prit la conduite des entraînements, pendant que les renseignements d’Arabie Saoudite, la DGR , fournissait argent et armes, y compris des missiles anti-tanks TOW.
    les Qataris aidèrent également à financer les entraînements et autorisèrent l’utilisation d’une base au Qatar comme terrain supplémentaire d’entraînement. Mais les officiels américains affirment que l’Arabie Saoudite est restée de loin le plus gros contributeur à l’opération.

  • صالح/الجزائر

    4)- A l’été 2012, un sentiment de totale liberté d’action dominait le long de la frontière entre la Turquie et la Syrie et les nations du Golfe y passaient argent et armes aux groupes rebelles – même certains officiels américains impliqués avaient alors des liens avec des groupes comme Al Qaeda.
    Fin 2012 ... David Petraeus, alors directeur de la CIA, donna un sérieux coup de semonce aux services de renseignement de plusieurs nations du Golfe lors d’une réunion sur la mer Morte en Jordanie

  • صالح/الجزائر

    2)- ... L’opération Bois de sycomore
    Quand Mr Obama donna son accord pour armer les rebelles au printemps 2013, c’était en partie pour essayer de prendre le contrôle d’une région qui semblait totalement ouverte. Les Qataris et les Saoudiens avaient commencé à fournir des armes en Syrie depuis plus d’un an. Les Qataris avaient même passé en contrebande des cargaisons de missiles chinois portatifs FN-6 par la frontière turque.

  • صالح/الجزائر

    1)- Publié le 25 Janvier 2016
    Bois de Sycomore : quand le New York Times détaille la manière dont la CIA a entraîné l'Etat islamique
    Comment la CIA a-t-elle financé Daesh ou Al-Qaeda ? Un article du New York Times détaille de façon intéressante l’opération Bois de Sycomore (Timber Sycamore) par laquelle la CIA a utilisé l’argent de l’Arabie Saoudite pour armer et entraîner les "rebelles" en Syrie, dont les groupes qui mènent aujourd’hui des actions terroristes.

  • ترامب

    كانت سوريا قبلة للعرب في الثقافة
    والان اصبحت قسنطينة المحتلة عربيا قبلة للعرب وسياتي دورها لتصبح مثل سوريا اذا تركناها لثقافة العرب

    وأين هم عرب الجزائر والبحرين وقطر والصومال ليكلمونا عن شجاعتهم ونيفهم وتاريخهم ودينهم وهويتهم ولغتهم وفلسطينهم و.جهادهم و.....
    هل سيذهب عرب الجزائرو اليمن لتحرير عرب سوريا و..؟ام سيعملون لطمس ثقافة الجزائر وشعبها لنصبح مثلهم في الذل والجبن والنفاق والبلا وبلا
    والغريب هناك عرب ممن يقيمون بالجزائر وبدون حشمة يتعنترون ووو

  • ahmed

    هدا الشيخ الدي يدعي انه رئىس جمعيه المسلمين افكاره عن الهويه القومية قد تجاوزتها الاحداث ..اننا في عصر الصراعت الكبري والبقاء للاقوى اننا في عصر المصالح..وتبادل المنفعة..ان كلامه عام نظري لايصلح لهدا الزمان..الامازىغية لغة وطنية رسمية وستكتب بالحرف الدي ىوصلها الي العالمىة .انها سنة الله فيما خلق من العباد والالسنة..

  • alilo

    ما أصح هذا الكلام لو كان مجديا.

  • عبد العزيز

    والله كلام طيب الجميع يعرفه ولكن اتباع الهوى وكل ما عن الحق انزوى والا فان الحق له نور وما فوق وما تحت السطور والدليل من مات من الناس في البحور نسأل الله حسن تدبير الأمور.

  • ابوحذيفة التقرتي

    الديمقراطية اصل ايماني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    اصول الايمان ستة (الايمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الاخر و بالقدر) متى كانت الديمقراطية اصل ايماني ثم ما حكم من لا يؤمن بها اهو كافر ؟

  • عابر سبيل

    الديمقراطية هي أصل إيماني !11
    أيغيب عنك يا شيخ أن الماسونيين هم الذين وضعوا جل أسس الديمقراطية وذلك بعد القيام بالثورة الفرنسية ضد الكنيسة سنة 1789م
    ارجو منك قراءة مجموعة من المقالات بعنوان ( هذه هي الديموقراطية)
    للشيخ عبد الرحمن بن حماد