-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عندما تُصدَّق الصورة الكاذبة ويُكذَّب التصريحُ الصادق

جمال غول
  • 892
  • 4
عندما تُصدَّق الصورة الكاذبة ويُكذَّب التصريحُ الصادق
ح.م

يقول الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا….” الآية من سورة الحجرات.

هذه الآية الكريمة نزلت في مجتمع كان فيه أبو سفيان وهو لا يزال مشركا يستحي أن تُؤثَر عليه كذبة في موقفه من أسئلة هرقل حول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فكيف هو الحال يا ترى في زماننا أين آل مجتمعُنا إلى تناقل الأنباء بعدد الحصى وليس من فُسَّاق قومنا، بل من أناس مجهولي الحال لا نعرف عنهم إلا ما هو معروض على بروفايلاتهم على صفحات الفايس والتويتر وغيرها من الوسائل الحديثة، وصارت الأنباء تهبط كالوابل من المطر والبرد المفضي إلى انسداد مجاري الفهم والوعي كما تنسدُّ مجاري الصرف الصحي جرَّاء الأمطار الغزيرة. كما يعيق هذا التدفق العالي للأنباء عملية التمحيص والغربلة مثلما تعيق الأوحال حركة السير في الطرقات، فأدى ذلك إلى إصدار أحكام على أشياء دون تصوُّرها، والقاعدة المعروفة هنا أن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوُّره، فإذا كان التصور غير صحيح لا شك أن الحكم سيكون كذلك.

وما زاد الطين بلة هو الوضع المتأزم في بلادنا منذ نحو سبعة أشهر، ما فسح المجال للظاهرة في أن تنتشر انتشار النار في الهشيم، وتنتعش انتعاش الجراثيم في الهواء، وهذا لا يزيد أزمة الجزائر إلا شدَّة وتعقيدا، لذلك وجب على الغيورين من أبناء هذا الوطن أن يتنادوا إلى رفض ذلك واستنكاره، حماية للوطن من كل انزلاق لا تُحمد عقباه .

وصار كثيرٌ من الناس يتلقّف تلك الأنباء تلقّف الصياد لفريسته وينقلها بسرعة البرق، ناسيا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كفى بالمرء كذبا أن يُحدِّث بكل ما سمع”.

بل وصار بعض الناس يُصدِّق الصورة الكاذبة حتى وإن صرَّح صاحبها بأنها كاذبة وبأفصح العبارات التي لا تحتمل التأويل وذلك لمرض أو لحاجة في نفسه يريد قضاءها ولو على حساب تشويه الآخرين وتغليط الرأي العام وتعميق الأزمة .

لقد اتِّهم أفاضلُ من الناس بما ليس فيهم، وعُيِّر أخيارٌ بما لم يقترفوا ووزّعت الشتائم على مؤسسات وهيآت كان حقها أن تُكرَّم وتُشرَّف،

وانتشر من خلال السب والشتم والتخوين والطعن في الأعراض، وكلها أمراض فتاكة، انقسامٌ مقيت هو عنوان كل تشتُّت وتشرذم وتمزُّق، ولا يقبل ذلك إلا من لا يزال لديهم حنينٌ إلى سياسة الاحتلال القائمة على: “فرِّق تسُد” التي لم تنجح ولن تنجح في بلدٍ سُقيت تربته بدماء الشهداء رحمهم الله والمجاهدين الخلّص وفقهم الله، ويُسقى غرسه بمداد الأئمة والعلماء الذين منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر .

إنه لا يمكن أن يُبنى وطن بناءً قويما قبل بناء الإنسان بناءً سويا، ولا يمكن بناء إنسان سوي قبل بناء أخلاقه بناء سليما، ولله درَّ الشاعر القائل :

أنما الأمم الأخلاق ما بقيت

  فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.

وقول الآخر :

صلاح أمرك للأخلاق مرجعه

  فقوِّم النفس بالأخلاق تستقم.

ومهما بلغت التكنولوجيا وطغت ينبغي أن لا تستعلي على أخلاق الإنسان، وقد قالوا قديما: (مهما طال الشارب ففوقه الأنف).

 إن حماية الوطن من المفسدين والمجرمين والمتربِّصين به من الداخل والخارج، وتجنيبه الأزمات والفتن ما ظهر منها وما بطن ووأدها ومعاقبة رؤوسها وردعهم من أوكد واجبات الساعة.

وختاما ندعو للجزائر بدعاء إبراهيم عليه السلام لمكة المكرمة (رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات) اللهم استجب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • عبد الله البوسعادي

    يا غول! ماذا تريد قوله؟ ومن تقصد؟

  • كريم

    وقفوهم انهم مسؤولون

  • ز:معتوق

    بوركت ياشيخ وفتح الله لك

  • ز،معتوق

    بارك الآه فيك يا شيخ وفتح لك،زهير معتوق