-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عن تعريب الوصفة الطبية

أوحيدة علي
  • 1665
  • 0
عن تعريب الوصفة الطبية

لا أدري لماذا يتلاعب المسؤولون ومن يسمى بـ”العلماء” عندنا بعقول من هم أقلّ منهم مسؤولية أو علما بل يستهزؤون بالمجتمع كله ليتوصلوا إلى أهداف خفية في المستقبل القريب؟! ولا أدري أيضا كم يبلغ عدد أصحاب العقول عندنا؟! لأن الواقع يدل على أنهم غير موجودين أصلا، والدليل على انعدامهم أو تهميشهم أو غيابهم هي القرارات والمناقشات والاجتماعات والتصريحات والاقتراحات التي تظهر من حين لآخر في مستويات عليا أو علمية أو في هرم المؤسسات العلمية.

الهدف الخفيّ هو فرْنَسة الجزائر تدريجيا لتصبح اللغة الفرنسية هي الرسمية دون قرارات أو قانون، بل الواقع هو الذي فرضها على الجزائريين، لأن الإدارات المحلية والوطنية رفضت تعريب وثائقها ومراسلاتها وإعلاناتها وهي قادرة على تعريبها بسهولة، فكيف نبحث عن تعريب الوصفة الطبية، وهو تعريب المستحيل، لأنه يضرُّ بصحة المريض وسمعة الطبيب، وشخصية الصيدلي وثقافته؟!

البرهان على هذا هو الجدل بين المختصين حول الوصفات الطبية الذي ظهر في جريدة الشروق يوم 05 مارس 2022، جدل بين بقائها بالفرنسية أو تعريبها، جدل يدل على طرح لأهداف خفية لا يتفطن إليها أحد حتى يتم تطبيقها في الميدان على نطاق واسع بقرارات إدارية، أو قوانين تصادق عليها الأحزاب المدجَّنة، باسم الأغلبية أو المصلحة أو أصحاب الاختصاص أو الديمقراطية أو كل قطاع له الحرية في التصرف… وإذا كان الأمر غير هذا فبماذا نفسر التطرق إلى تعريب الوصفات الطبية؟! إن هذا الاتجاه خطير وخطير على المريض، لأن أبسط خطأ من طبيب أو صيدلي قد يودي بحياته، ثم يتم التراجع عن التعريب ويرسِّمون لغة المستعمِر وثقافتَه لأسباب كثيرة منطقية وغير منطقية لإقناع الكل بالواقع وما فُرض عليهم بأسلوب يؤدي إلى تعميم الجزء على الكل، أي المجال الطبي على المجالات الأخرى منها الإدارة، والاقتصاد، والتعليم، والقضاء… لتصبح اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية بدون قرارات أو قوانين حتى لا يُفتضح أمرُ المؤيدين للغة الفرنسية، والأدلة على هذا الكلام كثيرة منها:

– ألا يعلم هؤلاء أنه أصدر قانون للتعريب في جانفي 1991، ثم جمِّد في جويلية 1992، ولم تعمل به الإداراتُ الجزائرية المحلية والوطنية، رغم سهولة تطبيقه، ورغم أن وثائق بعض الإدارات معرَّبة ولكنها تملأ باللغة الفرنسية، كما أن المحلات والمتاجر الخاصة والعامّة تكتب عنوانها بالفرنسية لا بالعربية… وأصبح كل من يذهب إلى إدارة أو يتجول في شوارع المدن، أو يلاحظ الإعلانات المكتوبة يجدها مكتوبة باللغة الفرنسية. والسؤال: ماذا نستخلص من هذا كله؟ إن الهدف الخفيّ هو فرْنَسة الجزائر تدريجيا لتصبح اللغة الفرنسية هي الرسمية دون قرارات أو قانون، بل الواقع هو الذي فرضها على الجزائريين، لأن الإدارات المحلية والوطنية رفضت تعريب وثائقها ومراسلاتها وإعلاناتها وهي قادرة على تعريبها بسهولة، فكيف نبحث عن تعريب الوصفة الطبية، وهو تعريب المستحيل، لأنه يضرُّ بصحة المريض وسمعة الطبيب، وشخصية الصيدلي وثقافته؟!

– أما إذا نظرنا إلى الواقع نظرة حق لا نظرة باطل فنجد أن السبب المباشر لتأخير تعريب المجتمع هي السياسة العرجاء التي تتشدق شفويا للمجتمع وتطبق عكس ما تقول، بل تقرر في الخفاء، وتعلن عكسه إعلاميا والدليل على هذا ما يلي:

– إن التعريب يبدأ تدريجيا من المدرسة، ولكن في الجزائر فُرضت الفرنسية، وحوربت العربية، بدليل أن تلاميذ السنة الأولى يكتبون الأعداد والأرقام والعمليات الحسابية من اليسار إلى اليمين، والسؤال: هل هذا علمٌ أم فرضٌ للغة الفرنسية وثقافتها؟!

– أضف إلى هذا أن الرياضيات تُستعمل فيها الحروف الفرنسية بدل العربية، بينما المنطق العلمي أن الرياضيات تُستعمل فيها حروف لغة التعلم، فالاسبانية تستعمل الحروف الاسبانية، والروسية تستعمل فيها حروف اللغة الروسية… الخ.

Ÿ لماذا فرضت ابن غبريط الفرنسية على أساتذة اللغة العربية في مسابقة التعليم الابتدائي؟ لأن الهدف هو فرْنَسة التعليم تمهيدا لتحويله إلى اللغة الفرنسية.

– لماذا أبعدت الوزارة أساتذةَ اللغة الانجليزية من الدخول إلى مسابقة التعليم الابتدائي؟ الهدف هو إفراغ التعليم الابتدائي من أساتذة اللغة الانجليزية حتى لا تفكر الجزائر باستبدال اللغة الفرنسية بالانجليزية.

– لماذا قالت ابن غبريط في حوار نُشر في الجرائد، إن الفرنسية لا تُعلَّم بالعامّية ولا تُستبدل بالانجليزية؟ قرارها تجاوز السلطات العليا والمجتمع، ورغم هذا لم يتحرّك أحد.

– لماذا أرادت فرض العامية بدل العربية الفصحى في السنتين الأولى والثانية وقد أيدها بعض الباحثين والدكاترة الجامعيين؟

– لماذا حذفت التربية الإسلامية التي تمثل عقيدة المجتمع الجزائري من المسابقات التي تُجرى بين الثانويات، ألا يدل هذا على محاربة لغة المجتمع وعقيدته وتاريخه وتراثه ليسهل إدماجه في لغة المستعمِر وثقافته؟

– لماذا تدخلت في المساجد وما تقوم به من تحفيظ القرآن الكريم للصغار؟ لتستولي على كل شيء، وتحارب عقيدة المجتمع.

– لماذا حذفت في عهد “الإصلاحات” المزعومة القراءة، والإملاء، والتعبير، والكتابة من الاختبارات، من السنة الأولى إلى السنة الخامسة؟ إن الهدف من هذا التصرف هو القضاء على اللغة العربية.

– لماذا لم تعرَّب حاويات النفايات المنزلية الموجودة في الشوارع، ويحاولون تعريب الوصفة الطبية؟! أليس هذا عبثا وغشا وخداعا ووسيلة لاستعمال اللغة الفرنسية؟!

مما سبق يبدو أن “الإصلاحات” الكاذبة جاءت لتقضي على اللغة العربية وتكرِّس اللغة الفرنسية رغم أنف الجميع، بل أبناء الجزائر هم الذين يطبقون هذا وهم يدرون أو لا يدرون! وعليه فالحوار الذي دار حول الوصفة الطبية، هو حوارٌ بإيحاء أو إشارة أو إيعاز لتحقيق من ورائه الأهداف الخفية، أهداف ما وراء البحار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!