-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عودة  إلى حركة الولاة ومسارهم

بشير فريك
  • 3337
  • 0
عودة  إلى حركة الولاة ومسارهم

أجريت مؤخرا حركة جزئية في سلك الولاة والولاة المنتدبين، إذ أنهيت مهام أحد عشر واليا ووالين منتدبين، وراح السيد إبراهيم مراد وزير الداخلية والجماعات المحلية يجوب مناطق الوطن لتنصيب الولاة الجدد وأحيانا الثناء على من غادروا مجاملة ولياقة واحتراما لهم كاطارات أفنى بعضهم شبابه في خدمة الدولة في مختلف المواقع والمناصب التي شغلوها .

بيد أن التركيز في مداخلات السيد الوزير في كل عملية تنصيب كان ينصبّ على أهمية وأهداف إجراء الحركة في هذا السلك والأهداف المتوخاة منها من طرف السيد رئيس الجمهورية وبالتالي من الولاة الجدد والقدامى على السواء ومن خلالهم المجموعات المحلية كحجز الزاوية في التنمية المحلية والتكفل بانشغالات المواطنين على كثرتها وتنوعها وتعقيداتها .

وبصرف النظر عن كل تلك الخطابات التوجيهية المعتادة من طرف أعلى السلطات إزاء ولاة الجمهورية في كل مناسبة وما هو منتظر منهم في كل مرحلة من مراحل السياسات الحكومية وتجسيدها ميدانيا، فإنه يجدر بنا في هذا المقام التذكير ببعض النقاط والأفكار حول هذا السلك والتي يعرفها جيدا وأكثر من أي كان السيد وزيرُ الداخلية وهو عميد ولاة الجمهورية بالإضافة إلى السيد رئيس الجمهورية الذي أفنى شبابه في الإدارة المحلية لعقود طويلة.

وإذا كان من الواضح أننا قد لا نضيف جديدا عما قيل وكُتب عن إشكالية الوالي وصلاحياته في بلادنا من خلال التوصيات والمخرجات الدورية للقاءات السنوية التي دأب رئيس الجمهورية على تنظيمها والإشراف شخصيا عليها بحضور أعضاء الحكومة. ومن هذا المنظور، فإننا نسجل مخرجات لقاء الحكومة والولاة السنة الماضية إذ كانت في غاية الأهمية وبمثابة قفزة نوعية وفريدة إزاء سلك الولاة من خلال ضمان حد أدنى لهم من شروط العمل بإزالة المعوقات القانونية والتنظيمية والعوامل المادية الوظيفية والنفسية التي كانت ومازالت تثني بعض الولاة عن الاضطلاع الأحسن بأعباء مهامّهم الضخمة والمعقدة في كل مجالات الحياة العمومية الوطنية.

يجب أن لا نتعامل مع الولاة باستخفاف، ولا نمكن أيّا كان من تولي هذه الوظيفة المحورية إلا وفق معايير مضبوطة، وعندما نمكِّنهم من الوصول إلى وظيفة والي علينا أن نسعى إلى مرافقتهم والأخذ بيدهم لأنهم أولا وقبل كل شيء بشر وقد يجدون أنفسهم في وضعيات حرجة أثناء تأدية مهامهم لخدمة الدولة، ويجب عدم التضحية بهم بسهولة ولأول هفوة أو جرّاء وشاية كاذبة، وما أكثر الوشاة ضد أعوان الدولة وإطاراتها.

ولأننا نتوقع عقد لقاء آخر للحكومة والولاة خلال الأسابيع القادمة، فإنه من منطق الأشياء العودة إلى قرارات وتوصيات اللقاء الماضي والقيام بعملية حصر وتقييم دقيق لمدى تجسيد تلك المخرجات والبحث عن مكامن الخلل في تأخير أو تعطيل تنفيذ وتحقيق التوصيات والتوجيهات والوعود سواء من طرف السيد رئيس الجمهورية أو الوزير الأول أو مختلف القطاعات الوزارية سواء تعلقت بالمسيرة الوظيفية للوالي مثل الوعد بإعداد نص تنظيمي (مرسوم رئاسي) يضبط القانون الأساسي للولاة الذي كان محل مطالب الولاة منذ عشرات السنين، أو تعلق الأمر بالصلاحيات التنفيذية لهم في مختلف المجالات التنظيمية والضبطية إزاء سير الشؤون المحلية، ناهيك عن إصدار نصوص رفع التجريم عن فعل التسيير، ثم إنه من نافلة القول العمل على تحسين الوضعية المادية للوالي ليبقى بعيدا عن الحاجة بصفته ممثلا للدولة وخادمها بأعباء لا يتصورها إلا من اكتوى  بجحيمها عبر مراحل بنائها بمحطاتها وأزماتها، إذ كان الولاة دائما في الصفوف الأمامية إلى جانب القوات الحية في الوطن .

إن إجراء الحركة في سلك الولاة، وإن كانت عملية روتينية تقليدية، إلا أن ما يجب التوقف عنده هو ظاهرة إنهاء مهام عدد كبير من الإطارات الولاة في كل حركة، وإن كانت أسباب العزل وإنهاء المهام متباينة ومختلفة بين هذا وذاك.

ثم إن الأمر يعود بنا للحديث عن تعيين الوالي بداية وعلى أي أساس، وهل هناك معايير موضوعية للتعيين بصرف النظر عن الشهادة والأقدمية، فهل كل إطار في منصب رئيس دائرة أو أمين عام للولاية أو والي منتدب مؤهل لأن يتولى وظيفة الوالي الذي قال عنة رئيس الجمهورية بأنه بمثابة رئيس حكومة في ولايته؟ وأخيرا هل مكننا الولاة من دورات تكوينية نظرية دورية أو إجراء تربصات حتى في الخارج لاكتساب المهارات والاحتكاك بالتجارب والأنظمة الدولية في إدارة الشؤون المحلية، حتى لا يبقى ولاتنا منغلقين على أنفسهم ومشاكل ولاياتهم بدون آفاق ولا رؤى مستقبلية؟.

إن تكوين إطارات عليا في حجم الولاة ليست بالعملية البسيطة الهينة، فيجب أن لا نمكن أيّا كان من تولي هذه الوظيفة المحورية إلا وفق معايير مضبوطة، وعندما نمكِّنهم من الوصول إلى وظيفة والي علينا أن نسعى إلى مرافقتهم والأخذ بيدهم لأنهم أولا وقبل كل شيء بشر وقد يجدون أنفسهم في وضعيات حرجة أثناء تأدية مهامهم لخدمة الدولة، ويجب عدم التضحية بهم بسهولة ولأول هفوة أو جرّاء وشاية كاذبة، وما أكثر الوشاة ضد أعوان الدولة وإطاراتها، طالما ظل هؤلاء في مواقع الضبط الإداري وفق قوانين الجمهورية وأنظمتها ومحل التصدي لأشكال الانحراف والفساد وجماعات الضغط والمصالح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!