الرأي

عيد المشرق؟.. وعيد المغرب؟

عمار يزلي
  • 4404
  • 19

لست أدري لماذا يصر “أمير المؤمنين” في المغرب الشقيق كل سنة على أن “يعيّد” بعد أن يعيّد الناس، ويصوم بعد أو قبل أن يصوم الناس؟ السبب واضح ومبرر بالنسبة إلى المملكة الشقيقة: كل له طريقة حسابه الفلكي وكل له ميقاته. وهذا صحيح، قياسا بما هي حال الأمة الإسلامية اليوم، التي لم تجتمع حتى على وقت واحد في العبادات والأعياد فضلا عن القضايا الأخرى التي تتطلب وحدة وتوحدا بعد التوحيد. يبدو أننا دخلنا مرحلة “الشرك” دون أن نعي. تعددت الأديان والمذاهب والأصنام والأوثان، وصارت عبادة الشياطين والحكام تنافس عبادة الله الواحد القهار.
نحن لسنا استثناء في مسألة توافق مواقيت الأعياد، لكن الجزائر، في السنوات الأخيرة، استندت إلى مرجع شبه عام: المرجعية العلمية في احتساب مواقيت الأعياد ورزنامة الأشهر الإسلامية، حتى إنه بدا لنا أن مرجعية الجزائر صارت السعودية: نصوم معها ونعيّد معها، حتى ولو لزم الأمر أن نشاهد “بالسيف” هلال رمضان أو لا نراه..
وزارة الشؤون الدنية والأوقاف عندنا لا تزال تعمل برأي لجنة الأهلة التي تجتمع كل فطر ليلة شك لإعلان توقيت يكون معروفا قبل أن تنطق به لجنة الأهلة: والسبب؟ “شافوه في السعودية”. البعض من طويلي الألسنة يتحدثون عن سيناريوهات مفبركة لرؤية الهلال من عدمها توافقا مع قرار الحساب الفلكي المتخذ سلفا، وهو ما يبدو أن السعودية قد اتخذته في توجهها نحو علمنة الحساب.
في المملكة المغربية، لا تزال العين المجردة تشتغل لوحدها. وهذا سبب في اختلاف توقيتها عن الجميع. السبب الثاني غير المعلن، هو أن “أمير المؤمنين ” في المغرب هو مرجع المغاربة ولابد من أن يظهر ذلك جليا في التميز عن الأقطار المسلمة الأخرى. السبب الثالث هو بعد المغرب عن المشرق. غير أن هذا السبب لا يتماشى والتفسير العلمي، لأن الهلال يُرى في المشرق والمغرب في كل الدول الإسلامية على نحو واحد. إذن ما هو السبب الأمثل؟ إن لم يكن حب تميز إمارة أمير المؤمنين عن باقي الأقطار التي “تدعي أنها مسلمة”؟ ما يدعو إلى الغرابة في كل هذا، هو عيد الأضحى المبارك الذي يصادف هذه السنة يوم الثلاثاء 10 ذي الحجة والوقوف بعرفة يوم 9 الذي هو يوم الإثنين: يوم عرفة هو يوم صيام كسنّة. إنما عيد الأضحى في المغرب، سيكون هذه السنة وتقريبا كل سنة، يوم الأربعاء. بمعنى أن “الوقفة”، أي يوم عرفة سيكون بالنسبة إليهم يوم 8 ذي الحجة. تصوروا “الناس واقفين” والمغاربة “قاعدين”.. أليست هذه مفارقة؟ خاصة أن العالم اليوم كله يتابع يوم عرفة على المباشر على كل القنوات تقريبا. كان هذا يمكن أن يمر دون أثر على المشاهد المغربي وغير المغربي الذي لا يفهم ما يحصل، بعد أن تفهم الاختلاف في أول رمضان، لكن اليوم، يطرح المواطن هنا وهناك ألف سؤال عن دينه وعن جوهر عقيدته حتى. إذ كيف يعقل أن يكون الحجاج واقفين على صعيد عرفة، ونحن من المفروض أن نكون صائمين، فيما نحن (المغاربة).. قاعدون ننتظر يوم الغد لنصوم وبعد غد لنعيّد.. في خاطرنا.. وكأن العالم الإسلامي كله والحجاج.. وخطيب مسجد نمر.. والعرق والحرارة والقلوب المشدودة إلى هذا اليوم العظيم من الحج.. لا تساوي شيئا. الحج عرفة.. ونحن خارج التاريخ.. وخارج الرباط الإسلامي. فأي إسلام نتبع وأي مسلمين نكون عندما لا تلتقي مشاعرنا كمسلمين كلها من طنجة إلى جاكرطا في هذا اليوم العظيم..؟

مقالات ذات صلة